آخر الأخبار

العقد الجنسية للنساء فى 4 أفلام

النساء قادمات.. قررن فجأة التمرد وفتح الأبواب المغلقة للبوح بأسرارهن المكبوتة، قررن رفع الستار أخيرا والتحدث عن إحباطاتهن بدون خجل. هذه الإحباطات التى عمقت إحساسهن بالخوف والاغتراب، ليس على مستوى بطلاتها فقط، بل منتجيها ومخرجيها أيضا علا الشافعى ونادين لبكى ومى مسحال.
النساء تمردن مهما كانت النتائج والعواقب وحتى الانتقادات.المشهد السينمائى الحالى يقول هذا فى دور العرض التى تشهد هذه الأيام عرض فيلمين فى وقت واحد واثنين آخرين فى الطريق. الفيلم الأول «سكر بنات» الذى قامت بتأليفه وإخراجه وبطولته نادين لبكى، والثانى «لحظات أنوثة» سيناريو وحوار هانى عيسى وإخراج مؤنس الشوربجى. ومن المفترض أن يكتمل موسم قضايا المرأة بعرض فيلم «بلد البنات» سيناريو وحوار علا الشافعى وإخراج عمرو بيومى وفيلم «بنات وموتوسيكلات» لفخرالدين نجيدة والفيلمان فى انتظار العرض.

المرأة هى الحدث
4 محاولات سينمائية تؤكد أن الأمر ليس مجرد مصادفة سينمائية بقدر ما هو تأكيد على أن «المرأة العربية» أصبحت هى الحدث السينمائى الأهم وليست مجرد ديكور خاصة أنها ثرية دراميا. ورغم إيجابية الظاهرة، فإن شبح المزايدة بقضايا المرأة يلقى بظلاله عليها، لكن يبدو التنوع باختلاف نظرة صناع كل عمل لما يناقشونه من قضايا وأيضا ما يتطرقون إليه من مشكلات وأيضا اللغة السينمائية المطروحة التى تتراوح ما بين الجرأة والابتذال. هاجس جنسى أكثر من نقطة تلتقى فيها المحاولات السينمائية الثلاث ليس من ضمنها أن تكون بطلة «سكر بنات» تدعى «ليال» وأن تكون إحدى بطلات فيلم «لحظات أنوثة» تدعى ليال أيضا، وأيضا ليس من ضمنها أن يكون اسم «سلمى» متكررا فى أحداث «لحظات أنوثة» و«بلد البنات»، لكن من أهم هذه النقاط التقاء هى الهاجس الجنسى الذى يطارد النساء فى الأفلام الأربعة سواء اتخذ شكل الكبت فى «بلد البنات» أو تطرق للسحاق فى «كراميل» أو حتى التحرر فى «لحظات أنوثة» و«بنات موتوسيكلات».

بلد البنات
فى فيلم «بلد البنات» الذى عرض فى مهرجان القاهرة، وهو فى الأساس مشروع تخرج علا الشافعى فى المعهد العالى للسينما منذ سنوات، الأمر الذى ينفى عنه شبهة التقاط الموجة السائدة، وفيه اهتمت منذ أول مشهد بالفيلم أن تعطى الأولوية للخلفية الاجتماعية التى خرجت منها بطلات فيلمها الأربعة: «فرح» هى فتاة بدوية مكبلة بموروث من القهر والتزمت تتحرر منه وتتمرد عليه تدريجيا عندما تقرر السفر إلى القاهرة بدءا من «الحجاب» الذى كانت ترتديه وصولا إلى العذرية التى تفقدها بإرادتها وجنين غير شرعى تخلت عنه هو الآخر. وفى أحد المشاهد الجريئة بالفيلم يقول لها صديقها إنه يحتفظ لها بمفاجأة فتكتشف أنها شقته الخالية، وبالتالى يمكنهما ممارسة الجنس ومثلما تخلت فرح عن موروثها، تتخلى «علا الشافعى» السيناريست عن كليشيهات السينما المصرية فـ«فرح» لم تغضب، لم تخف، ولم تعلن استياءها من المفاجأة، بل على العكس تقول له «اللحظة دى أنا كنت مستنياها من بدرى»! أما سلمى فهى فتاة ريفية وأكثر مرونة من فرح، لكنها تقول فى أحد المشاهد: كل واحدة فينا شايلة على أكتافها مجموعة «لاءات»، فهى محملة بخوف دائم من نظرة الناس والمجتمع وحتى عندما أحبت كان منطق المجتمع هو منطقها، فراهنت على قصة حب خاسرة مع مخرج سينمائى أراد منها جسدها مثلما أراد روحها، لكنها أبت وراهنت منذ البداية على الخسارة، فكانت النتيجة أن أجبرها إخفاقها وإحباطها على الهجرة خارج مصر. النموذج الثالث الذى يقدمه «بلد البنات» هو نهال وهى أكثر بطلات الفيلم زيفا وأكثرهن تمسكا بهذا «الماسك» الأخلاقى على وجهها طوال الوقت، فهى الأخرى تمارس دورها فى توزيع نصيب كل بنت من البنات من الأوامر والنواهى عليها بالتساوى مع صديقاتها فى الوقت الذى نكتشف فيه أنها هى نفسها متورطة فى علاقة عاطفية مع رجل متزوج يكبرها بسنوات كثيرة، علاقة غير سوية مليئة بالإخفاقات التى تجعلها فى أحد أكثر مشاهد الفيلم جرأة تمارس العادة السرية بعد أن شاهدت مع صديقاتها فيلما أقرب إلى عالم «البورنو جرافى»، أما النموذج الرابع هبة فهى باختصار فتاة محبطة غير راضية عن شكلها وعن نفسها تقول فى أحد المشاهد: فيه ناس كده وجودهم فى الحياة زى عدمه، واصفة حالها بهذه الجملة، هبة أكثر بطلات الفيلم انطواء على نفسها، تعيش فى رومانسية كلاسيكية الطابع انقرضت منذ زمن بعيد، لذا سرعان ما تصطدم بأرض الواقع لتعود إلى شرنقتها من جديد.

خطوط عامة
علا الشافعى مؤلفة الفيلم تؤكد انطلاق فيلمها مع ثلاثة أفلام تحمل نفس المضمون فى وقت واحد، ليس ظاهرة بقدر ما هو مصادفة، فـ «بلد البنات» حصل على موافقة الرقابة من ,1999 و«كراميل» تمت كتابته وتصويره منذ عامين، فضلا عن أن كل فيلم من الأفلام الثلاثة له خصوصية، وإن كانت هناك خطوط عامة متشابهة فى الأفلام الثلاثة، وهى تلك الخيوط المتعلقة بمشاعر المرأة، فوجود 3 أفلام تقترب من عالم المرأة يعنى أن هناك أزمة تواجه المرأة العربية الآن، فأنا مؤمنة أننا نعود إلى الوراء وبقوة. سألنا علا عن مشهد «العادة السرية» فأجابت: تعمدت أن يكون المشهد غير مباشر، فأنا ضد التصريح الفج، فالمهم أن تصل لك الرسالة والمغزى. إذا كان «عالم النساء» عند علا الشافعى وعمرو بيومى أكثر وضوحا من حيث الأبعاد الاجتماعية، فإن «سكر بنات»، لـ «نادين لبكى» كان أكثر تكثيفا من حيث الأبعاد النفسية لشخصياته النسائية، فالعالم الأنثوى الذى تقترب منه نادين لبكى بأسلوب شديد الخصوصية والثراء فى مفرداته البصرية، هو عالم أكثر حميمية وأكثر التصاقا بخصوصية المرأة وأحاسيسها المحبطة والمضطربة أحيانا، والمتناقضة فى أحيان أخرى. «كراميل» تدور معظم أحداثه فى «كوافير» تديره «ليال» نادين لبكى، ومن خلال هذا المكان تدور أحداث الفيلم لتكشف عن نماذج نسائية ليست لبنانية بقدر ما هى نماذج عربية القهر والأزمة، ومن أهم هذه النماذج:

أزمة أنثوية
ليال هى فتاة تقترب من الثلاثين من عمرها متورطة فى علاقة عاطفية مع رجل متزوج «لا يظهر خلال أحداث الفيلم»، فبالنسبة لـ نادين لبكى ليس المهم من هو لأن أزمة ليال هى أزمة أنثوية عامة أو مجردة ينزع عنها خصوصيتها ظهور هذا الشخص خلال الأحداث.

مجتمع ليال يفرض عليها أن تظل علاقتها فى الخفاء تكشف عنها الستار فى لحظات قليلة تختلسها من وراء الناس عندما يلتقيان فى سيارتها.

رفض المجتمع لهذه العلاقة تكشفه «لبكى» فى مشهد معبر، فهى تذهب من فندق لفندق محاولة إيجاد غرفة لها ولرجلها فتفاجأ بأنها مطالبة بتقديم ما يثبت أنها زوجته، فحتى فى «لبنان» التى يشاع أنها أكثر تحررا هى ملاحقة بضوابط وتشريعات مجتمعية تحجم رغباتها وأحلامها، وهنا تقول نادين إن القيم والعادات واحدة فى المجتمعات الشرقية عموما، وكلها تحد من حرية المرأة. أما نسرين فهى فتاة مسلمة من عائلة محافظة تضطر للتخلى عن تلقائيتها للظهور بشكل لائق أمام أسرة عريسها، وفى الوقت نفسه تواجه أزمة مع ماضيها الذى تفقد فيه عذريتها مع تجربة حب فاشلة فتسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا ينكشف أمرها، فتلجأ إلى عيادة إعادة العذرية! أما ريما، ذكورية الملامح والسلوك، لكن بداخلها مشاعر أنثوية مؤجلة، فهى لا تنجذب للرجال، بينما تبهرها فتاة جاءت مصادفة إلى المحل لتصفيف شعرها، تكون متنفسا بشخصيتها المزدوجة تكشفها نادين بمشاهد شديدة الخصوصية، وفى الوقت نفسه ضد الابتذال لهذا النموذج الذى يعانى من «المثلية» الجنسية. ويتكرر المشهد بتنويعات مختلفة خلال الفيلم إلى حيث تشعر أنك أمام عملية جنسية تصل إلى ذروتها عندما تحتضن أيدى ريما رأس صديقتها فيختلط الماء بالمشاعر التى تتدفق من يدها إلى هذا الكيان الأنثوى الجالس أمامها، وفى أحد المشاهد ترى ريما جالسة فى الأوتوبيس فتجلس بجوارها إحدى الفتيات فتحاول ريما بطريقة غير مباشرة أن تحتك بها، لكن نظراتها متوجسة وخائفة، ومكبوتة. أما النموذج الرابع فكانت «جمال» وهى سيدة فى العقد الرابع من عمرها ممثلة دور ثان وربما ثالث، متزوجة ولديها ابنان، علاقتها بزوجها شبه مقطوعة ومنشغلة دائما، لديها جلسات Casting، لكن الفرصة لا تأتى قبل كل جلسة تذهب إلى الكوافير لتتزين للتحايل على الزمن ولإيهام نفسها بأنها مازالت شابة ومطلوبة، وفى إحدى الجلسات عندما تشعر أن إنسانيتها انتهكت وبأن لجنة التحكيم تحركها كالماريونت تبكى وكأنها تخرج كل ما بداخلها من مذلة ومهانة وإحساس بالخوف. فى نهاية أحداث الفيلم وأثناء زفاف نسرين تطلب من البنات الواقفات أن تدخل الحمام قبلهن لأن موعد «دورتها الشهرية» قد جاء، لكنك فى الحمام تفاجأ بأنها تضع محلولا أحمر اللون على المنديل ثم تلقيه فى سلة القمامة، وكذلك تلقى بغلاف فوط صحية، فتكتشف أنها قد وصلت إلى السن التى تسمى «سن اليأس»، حيث تتوقف الدورة الشهرية فتشعر المرأة أن عصر أنوثتها قد ولى. وعلى هامش هذه الشخصيات تبرز 6 شخصيات نسائية أخرى أبرزها هى شخصية «روز» صاحبة محل الخياطة التى تبلغ من العمر ما يقرب من 60 عاما، وتعيش مع شقيقتها التى تكبرها بسنوات تدعى «ليلى» وتعتنى بها وتضحى بنفسها من أجلها بينما فى حياتها رجل فى مثل عمرها يطلب منها حياكة ملابسه فتنشأ بينها علاقة خاصة تحركها الإبرة والقماش.

حد الفجاجة
إذا كان «بلد البنات» قد اتسم بعمق أبعاده الاجتماعية و«كراميل» تميز بخصوصية، فإن «لحظات أنوثة» انفرد بالمباشرة التى وصلت إلى حد الفجاجة أحيانا. فالفيلم يدور باختصار حول 4 فتيات كن زميلات فى الجامعة، وفرقتهن الحياة، ثم يجتمعن من جديد من أجل زفاف «ليال» أو «ميرا» ليساعدنها فى تجهيزات الفرح. أما شخصيات الفيلم النسائية فجاءت كالتالى:
منى أو «جومانة مراد» كاتبة صغيرة السن، وتعانى من فتور فى علاقتها العاطفية والجنسية مع زوجها الذى يقوم بدوره إبراهيم يسرى، بينما تعيش الرومانسية فى أحلامها، الفتاة الثانية هى سلمى «علا غانم» يراها المؤلف هانى عيسى على أنها «مطرقعة» ومتحررة وهى صارخة فى ملابسها ورغباتها أيضا، ويبدو أن مفهومها للتحرر هو دخولها فى أكثر من مشروع زواج عرفى، هى شرقية الملامح، غربية الأسلوب والطباع، حظها لم يكن جيدا مع الرجال الذين يلاحقونها، فى مشهد فى الفيلم يختزل شخصيتها عندما تعنف حبيبها بفجاجة قائلة: «أنت ما بتفكرش غير بنصك التحتانى»!

والمعنى الذى تقصده هنا مفهوم وجرىء!
أما أميرة «أجفان» فهى أرملة شابة لديها ابن يعاقبها المجتمع بنظراته الطامعة أحيانا، والمترقبة أحيانا أخرى حتى إن أهلها يراقبونها من حين لآخر. الفتاة الرابعة هى «ليال» «ميرا» فتاة مقبلة على الزواج، لكنها تعانى من خطيبها «محمد ظاظا» والذى يعانى بدوره من التردد فى خوض تجربة الزواج مادام يعيش بحرية، فمن خلال هذا النموذج يتطرق مؤلف الفيلم إلى فكرة خوف الكثير من الشباب على خوض هذه التجربة بما يترتب عليها من عواقب. صناع الفيلم هنا لم يعطوا الاهتمام الكافى لمشاكل المرأة المصرية الحقيقية واكتفوا بخلق شخصيات من الفراغ تردد عبارات خطابية عن الحب. فتور عاطفى يوضح أكثر قضية الفيلم «هانى عيسى» مؤلفه بقوله: لا أعتبر نفسى كاتبا، فدراستى كانت للإخراج بهوليوود، وهذا الفيلم لم يكن أول ما كتبته، لكنه تجربة تحمس لها محمد عشوب عندما عرضتها عليه بعد عودتى من أمريكا فى نهايات ,2006 حيث كنت مهموما خلال هذا الوقت بعمل فيلم بطولة جماعية عن قضايا تخص المرأة مثل الفتور فى العلاقة الزوجية سواء كان فتورا جنسيا أو عاطفيا خاصة أننى أعتقد أن هذه القضية على وجه التحديد لم يتم التطرق إليها هكذا من قبل.

استثمار دعائى
أما الفيلم الرابع فقد فوجئنا بإعلان له داخل دور العرض المصرية، مما يعنى أنه المكمل للموسم النسائى وهو «بنات وموتوسيكلات»، ويبدو من الأسلوب الذى شاهدناه أنه نوع من الاستثمار الدعائى. الفيلم يحمل توقيع «مى مسحال» ليس فقط كمنتجة، وإنما كمؤلفة ويحشد الفيلم كما كبيرا من المايوهات والاستعراضات، المقصود بها جذب نوعية معينة من الجمهور أغلبه بالتأكيد من المراهقين.
سألنا مى مسحال عن طبيعة هذا الفيلم فقالت: فيلمى ليست له علاقة بالأفلام التى تتحدثون عنها، فهو رومانسى أكشن مصور بالكامل فى شرم الشيخ، كان اسمه الأولى «رالى»، لكننا وجدنا أنه سيكون اسما غير مفهوم، فقررنا تغييره إلى «بنات وموتوسيكلات» حتى يعبر أكثر عن مضمونه الرومانسى المتمثل فى مشاكل البنات، أما الأكشن فهو موجود فى سباق الموتوسيكلات.