آخر الأخبار

ناسك الشخروب، قصيدة "أخي"

كان ينظر للأخ * بشكل يتماشى مع مقولته الصوفية:
"يا لوحدة من إذا نادى "يا أخي" ما أجابه إلا الذين ولدتهم أمه." **

ثم إنه نادى ذات مرة : يا "أخي" فلم يجبه فقط أخوه في "بسكنتا" اللبنانية بل جاوبته كل الأمة ليس العرب فحسب بل كل الشركاء في المعاناة الإنسانية ، بنفس المرارة و الحسرة.

و كان الشاب ميخائيل نعيمه* قد إنضم للجيش الأمريكي إبان الحرب العالمية الأولى و انتقل لفرنسا للقتال و كان هذا على أمل التحرر من السيطرة التركية على سوريا. لكن خيبة أمله في الحلفاء الذين نكثوا وعودهم فعادوا للانتداب على سوريا من جديد حيث اقتسمها البريطانيون و الفرنسيون ( استعمر البريطانيون الجزء الفلسطيني من سوريه، و الفرنسيون الجمهورية السورية الحالية و جبل لبنان).
و تعتبر قصيدته بعنوان " أخي" *** رثاء ً خاصاً لحال العرب و انتكاستهم الجديدة:

أخي إن ضج بعد الحرب غربي بأعمالهْ

وقدَّس ذِكْر من ماتوا وعظَّم بطش أبطالهْ

فلا تهزج لمن سادوا ولا تَشْمت بمن دانا

بل اركعْ صامتا مثلي بقلب خاشع دامٍ

لنبكيَ حظ موتانا!

******

أخي، إن عاد بعد الحرب جندي لأوطانهْ

وألقى جسمه المنهوك في أحضان خلانهْ

فلا تطلب إذا ما عُدت للأوطان خلانا

لأن الجوع لم يترك لنا صحبًا نناجيهم

سوى أشباح موتانا!

******

أخي، إن عاد يحرث أرضه الفلاح أو يزرعْ

ويبني بعد طول الهجر كوخًا هدَّهُ المدفعْ

فقد جفَّت سواقينا وهدَّ الذل مأوانا

ولم يترك لنا الأعداء غرسًا في أراضينا

سوى أجياف موتانا!

******

أخي، قد تم ما لو لم نشأه ما تمَّا

وقد عمّ البلاء، ولو أردنا نحن ما عمَّا

فلا تندب، فأذن الغير لا تُصغي لشكوانا

بل اتبعني لنحفر خندقًا بالرفش والمعولْ

نواري فيه موتانا !

******

أخي، من نحن لا أهل ولا وطن ولا جارُ

إذا نمنا، إذا قمنا، رِدانا الخزي والعار

لقد خُمَّت بنا الدنيا كما خمت بموتانا

فهات الرفش واتبعني لنحفر خندقًا آخر

نواري فيه أحيانا!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ميخائيل نعيمة ولد في جبل صنين في لبنان عام1889 و أنهى مرحلته الدراسية الأولى في الجمعية الفلسطينية في بسكنتا وتبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 ، ثم اكمل دراسته في الولايات المتحدة( ديسمبر1911) وحصل على الجنسية الامريكية . انضم الى الرابطة القلمية وكان نائبا لجبران خليل جبران في الرابطة القلمية،التي أسسها أدباء عرب في المهجر عاد لبسكنتا عام 1932 و اتسع نشاطه الأدبي . لقّب ب"ناسك الشخروب" ، توفي عام 1988.