آخر الأخبار

السوسن السوري

تعد الطبيعة بتنوع أشجارها وأزهارها وورودها وحيواناتها وكل مناحي الحياة فيها المتنفس الأساسي للإنسان ومورد رزقه وحياته ومصدر المعلومات واكتساب الخبرة وإجراء التجارب ويعود إليها الفضل في مده بكل العناصر التي تمكنه من التطور والتقدم وإجراء التجارب ولاسيما في وقتنا هذا الذي عادت به الطبيعة لتحتل دورها في اهتمامات العلماء والباحثين والأطباء في وقت يوغل الإنسان باستنزاف طاقاتها ويرمي لها سموم الصناعات.

وتتركز اهتمامات الباحثين حالياً في الحفاظ على الحياة البرية واعتبارها مسألة استراتيجية ورصد الاعتمادات الكاملة لها كونها يمكن أن تتحول إلى مادة مربحة وذات عائدية اقتصادية للدول والمجتمع.

ويأتي في أولوية اهتمامات البحوث الحفاظ على الأنواع الآيلة للانقراض وإكثارها وتوعية الناس إلى فوائدها وضرورتها للإنسان وبيئته الطبيعية.

وتضم قائمة الاهتمامات بالأنواع الزراعية نبات السوسن الذي يعني باللغة اللاتينية قوس قزح.

ويشتمل هذا الجنس من النباتات على ما يزيد عن 300 نوع تقطن في المناطق الحارة والمعتدلة وبشكل خاص في إفريقيا الجنوبية والمناطق المدارية من القارة الأمريكية وبعض أنواعه تتمركز في حوض البحر المتوسط ولاسيما في سورية التي ارتبط اسم عاصمتها بهذه الزهرة ذات الرائحة الجميلة والمنظر البهيج.

ويقول المهندس الزراعي عبد السلام الحولاني الباحث في نبات السوسن السوري إنه يوجد في سورية 30 نوعاً من السوسن متوزعة في مناطق مختلفة ومن هذه الأنواع.. سوسن نصير ينتشر في قمة النبي متى في اللاذقية وقد أضحى هذا النوع نادراً جداً ومهدداً بالانقراض.

السوسن الدخاني ويعتقد أنه أصبح في مرحلة الانقراض من أورم الصغرى في إدلب وجبل الشيخ محسن قرب حلب.

سوسن بصرى ينتشر في منطقة بصرى وبين درعا والصنمين.

السوسن الذهبي ينتشر في قرية المياماس وتل قليب في محافظة السويداء وهو من الأنواع النادرة جداً. السوسن الحوراني ينتشر في قرية كوية على ضفاف وادي اليرموك.

السوسن الأسود تم رصد هذا النوع في قرية مزيريب التابعة لمحافظة درعا.

سوسن البازلت ما زالت بعض أنواع هذا النوع مبعثرة بين الصخور البازلتية غربي مدينة حمص .

السوسن المهمازي ينتشر هذا النوع في خرائب البارة في إدلب وجبل سمعان غرب حلب.

سوسن جبال لبنان الشرقية ما زالت بعض أنواعه القليلة في منطقة عسال الورد ريف دمشق.

اليبرودي ينتشر في قرية القسطل على طريق حمص-دمشق في منطقة ضيقة جداً.

الدمشقي قليل جداً من هذا النوع يعيش في جبل قاسيون.

السوسن الأسدي وهو ينمو في البادية السورية وقد تم اكتشافه منذ حوالي ربع قرن تقريباً.

وتمتلك أنواع السوسن السوري خصوصيات جغرافية ومقومات جمالية واقتصادية.

ولذلك ارتأى المهتمون بدراسات التنوع الأحيائي في كلية الزراعة في دمشق حصر توزعها البيئي وتحديد مدى تعرضها لخطر الاختفاء والزوال من أجل وضع خطة مناسبة للحفاظ عليها كمصادر وراثية وكأصول برية تخدم التحسين الوراثي لها لأغراض طبية وتزيينية.

وتعتبر حديقة السوسن السوري البيئية التي أسست في وسط مدينة حمص ضمن فعاليات مهرجان ماراليان الثقافي الثالث هذا العام خطوة أولية لنشر التوعية البيئية بأهمية أنواع نبات السوسن السوري المهددة بالانقراض إضافة لاعتبارها مجمعاً وراثياً يمكن أن يكون قاعدة لتنفيذ بعض التجارب الخاصة بهذه الأنواع وإكثارها ونشرها بكثافة تدريجية في مواقع انتشارها الراهنة وفي مواقع أخرى مكافئة بيئياً على أن يتم في مراحل لاحقة إجراء بعض التجارب إكثار وتهجين بغية استنباط أصناف تزيينية مميزة نظراً لامتلاكها الكثير من المقومات الجمالية وهذا يوضح أهمية هذه الخطوة التي أتت أساساً من مدير مشروع حماية الحيوان والبيئة التابع لجامعة البعث في حماة والتي يستفيد منها حالياً طلبة كلية الزراعة في جامعة البعث.

وتتباين أنواع السوسن في تنوعها وألوان أزهارها التي تضم طيفاً واسعاً بدءاً من الأبيض مروراً بالأصفر والأزرق والأحمر والأرجواني وانتهاء بالأسود إضافة إلى التدرجات اللونية الأخرى وهذا يعطيها أهمية خاصة في ترتيب الحدائق عن الأنواع الأخرى التي تتميز بلون واحد فقط وهناك بعض الأنواع التي تنمو أوراقها باتجاه واحد من الشمال إلى الجنوب وسميت بالبوصلة وتبين فيما بعد أنها تتبع اتجاه الضوء بينما تجود بعض أنواع السوسن في نموها حول حواف البرك ومجاري المياه ويسمى سوسن المستنقعات.

وينمو السوسن داخل أحواض في الحدائق العامة والخاصة كما يزرع حول الأحواض وفي الحدائق الصخرية والأصص وتمتاز بعض أنواعه بأهمية طبية وعطرية حيث تستخدم الأجزاء التحت أرضية ريزومات لبعض الأنواع في معالجة السعال والتهاب القصبات والربو وتعطير مواد التجميل وتدخل أحيانا في تركيب معجون الأسنان كما تستخدم ريزومات أنواع أخرى في معالجة التقرحات الجلدية وكطارد للريح ومعالجة الصداع وأوجاع الرأس.

ولبعض الأنواع أهمية اقتصادية.. أن غلي جذور سوسن المستنقعات مع برادة الحديد يعطي حبراً جميلاً أسود يستعمل في صباغة الأنسجة بالأسود ويمكن استعماله في دباغة الجلود.

ويعرف نوع فلورنتينا عند العطارين باسم عرق الطيب ويستخرج منه صبغة ايريسغرين التي يستخدمها الرسامون.

ويرى المهندس حولاني أن إقامة حديقة وطنية تضم كل الأنواع السورية للنباتات المستوطنة أصبح ضرورياً للحفاظ على ماهو مهدد بخطر الزوال بغية الحفاظ على هذه الأنواع كتراث نباتي سوري إضافة لإمكانية الاستفادة من تقنيات الهندسة الوراثية في استنباط أنواع جديدة وخاصة أن العلماء يؤكدون أنه بانقراض الأنواع النباتية والحيوانية يتم دفن أسرار العالم الطبيعية التي لم يكشف النقاب عنها بعد وتضيع إلى الأبد مفاتيح حل الكثير من المشاكل الطبية كأمراض السرطان والإيدز وغيرها من المعضلات الطبية الأخرى.

إعداد: أسعد حداد