--------------------------------------
قال أحدهم ينصح آخر ينوي أن يؤسس تجارة وعملا يدر عليه الأرباح وبوقت قصير , قال له:
عليك بالوهم , بع الناس أحلاما ..
ويبدو أن تجارنا وإذاعاتنا الإف-إمية ووسائل إعلامنا الأمية , لم تكذب خبرا وطبقت هذه النصيحة فورا.
فمن الصعب بل وأصبح حاليا من المستحيل ضبط هذا التلاعب الكبير بالمواصفات الذي يجري في الأسواق , وإغراء الناس بشتى الصنوف لترويج المنتجات , ولا رقيب ولا حسيب على هذه الوسائل وهذه الإعلانات غير الحقيقية.
والطامة الكبرى هو لجوء معظم وسائل الإعلام , لقضايا التنجيم والأفلاك والطب الشعبي وغير ذلك من وسائل الدجل والكذب المفضوح والعلني .
فحين تفتح إذاعاتنا صباحا, تتفاجىء بأنها قد اتحدت على موجة واحدة هي موجة الدجل العلني , كلام لا معنى له , يقذف يوميا ويتم حشو رؤوس الناس به من الصباح عن حظوظهم وتوافق حركة النجوم معهم , وكأننا في حضرة ملوك الجان وكاننا في عالم خيالي لا تعلم أين يبدأ واين ينتهي .
والناس تصدق وتتصل وتلهث وراء كلمة حلوة من هنا وكذبة أخرى من هناك , وكل ذلك وأصحاب شركات الخليوي وأصحاب هذه المحطات يلمون الفلوس التي تنهال عليهم من هذه الإتصالات.
لقد أصبح التنجيم علما ..
وضرب المندل اختصاصا..
واستحضار الأرواح شهادة دكتوراة لا ينالها إلا كل فهلوي لبيب.
وأصبحت المحطات والمجلات والجرائد تتسابق لكسب هذا المنجم وتلك الضاربة بالودع , وأصبح هؤلاء يتقاضون رواتب وأجور خيالية .
لن نلوم أحدا , فهؤلاء يقولون بلسان واحد:" الناس عايزة كده".
ولكن في جانب آخر :
ألا يعبر هذا عن الفراغ الكبير الذي تعيشه مجتمعاتنا المغيبة وراء المئات من الأوهام , والمجلودة بسوط الخرافة , ألا يعبر هذا عن فشل مريع في أساليب التعليم والتربية , ويؤشر في جانب آخر على حالة البطالة الفكرية والعملية التي يعيشها هذا الجيل .
نعم هو الأمر هكذا ...وغير ذلك ايضا , هو فشل لتلك المحطات التي تحولت إلى دكاكين لجمع الفلوس بأية طريقة ممكنة .