لندن ابتعثت فيلبي إلى الملك عبد العزيز لإثنائه عن غزو الحجاز فقدم استقالته من خيمة
افرج مكتب السجلات العامة والارشيف القومي ببريطانيا صباح الخميس 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولأول مرة عن 311 ملفا عن العملاء والنشاط الاستخباراتي، كان مقررا الافراج عنها عام 2005.
بين تلك الملفات، ملفان بالرقمين KV/2/1118 وKV/2/1119 عن هاري سانت جون بروجر فيلبي، الذي اصبح الحاج عبد الله فيلبي بعد اعتناقه الاسلام، وفي الملفين 236 وثيقة، يقود مجمل قراءتها الى الوقوف امام شخصية خلافية ودرامية في ذات الوقت.
رجل يستقيل من الخدمة المدنية الهندية ليدخل المنطقة العربية، ثم يعتنق الاسلام ويصبح مقربا من الملك عبد العزيز وتدور به الدائرة ليقول له الملك «انت كذاب». ورجل يجادل حكومته البريطانية بأن الملك عبد العزيز هو الوحيد القادر على توحيد السعودية خلافا لترشيحات لورنس العرب، فيقول له اللورد كيرزون عضو مجلس الحرب «انت مجنون يا فيلبي..».
رجل يسوح بهويته البريطانية في محمية عدن فيثير غضب ملك اليمن ويضطر الى مراسلة الملك عبد العزيز في شأنه.
وفيلبي كاتب بارع، وهو الوحيد الذي عبر السعودية من البحر الى البحر عام 1917 دون ان يحس به احد فألف كتابه «قلب السعودية» مثلما اوحى له التجوال في عدن وحضرموت بتأليف كتاب آخر اسماه «اخوات سبأ».
وفيلبي سياسي قاد في مراسلات حية وساخنة من منزله في جدة لتغيير مواقف حكومة العمال من فكرة توحي بتقسيم السعودية واحتضان معارضين للملك عبد العزيز، ومع ذلك قبض في النهاية، وبسبب مواقفه من الحرب العالمية، الثمن اتهامات تصفه بالانهزامية، وعدم الولاء، ليتم التجسس عليه وعلى حركته واعتقاله.. ومن بعد فلفيلبي مواقفه الواضحة من القضية الفلسطينية، وعنها كتب.
«الشرق الأوسط» تقطع بان التنقل بين اوراق المخابرات البريطانية حول فيلبي، يقترب من الجلوس الى فيلم سينمائي عالي الجودة.. مثلما تقطع بصعوبة عرض جميع هذه الوثائق انطلاقا من صعوبة اتخاذ منهج يعتمد على التاريخ فقط في عرضها.
ولذلك اتخذت هذا المنهج الذي يتنقل، كما طريقة الدراما السينمائية او التلفزيونية، بحرية تحاول ايجاد الرباط، ما امكن، داخل كل حلقة من هذه الحلقات، مع الاحتفاظ بخيط يربط بينها جميعا، ومن هنا ذهب التقرير الى ان تكون بداية هذه الحلقات للروائي البريطاني والرحالة وليام جي. ماكين، ليحدثنا عن فيلبي لتكون الحلقة الثانية عن تقييم الداخلية والخارجية البريطانيتين لفيلبي، علّ ذلك يفتح العدسة على اغوار شخصية بالغة التعقيد، دعك عن اسهامها الفاعل في حركة تاريخ الدول العربية بالشرق الاوسط في زمن كانت فيه تلك الدول تقاوم استعمار دولة فيلبي، اي بريطانيا العظمى.
< رجل دائم الاختفاء < كتب الروائي وليام ماكين يوم الجمعة 11 مارس (آذار) 1932:
تداعت الاخبار لجهة قصة حافلة بالرومانسية المثيرة والمغامرة، وتقول ان سانت جون فيلبي، الرحالة العظيم والمستشار المالي لابن سعود العاهل العربي، قد اختفى منذ 2 يناير (كانون الثاني).
غادر جدة، مقره وداره على البحر الاحمر، في ذلك اليوم مع 15 رجلا وبعض الجمال لجهة رحلة للمتعة من المقرر لها ان تنتهي في منتصف فبراير (شباط). ويعتزم ابن سعود ارسال فرقة للبحث عنه في الصحراء.
فيما يلي، قصة الانجليزي، موظف الخدمة المدنية، الذي اعتنق الاسلام والقى بثقله خلف الملك العربي ابن سعود، كما رواها عنه احد الذين التقوه في جدة.
سيقول لك فيلبي انه يعيش على بيع لعب الاطفال على حافة صحراء عربية. هذا شيء خيالي، ولكن كل شيء يفعله فيلبي في نهاية المطاف، يبدو خياليا وغريبا ايضا.
يتوقف فيلبي من فترة لاخرى عن تجارته القائمة على بيع لعب الاطفال او العربات رخيصة الثمن للكبار ليختفي في الصحراء. هو دائما في حالة اختفاء. والآن جاءت رسالة من القاهرة تقول ان القلق يصاحب سيرة الرجل، لانه اختفى مرة اخرى.
حينما كنت اقوم برحلة بحرية مؤخرا في البحر الاحمر على متن احدى البواخر غير النظامية، سمعت الكثير عن هذا الرجل الانجليزي الغامض.
يقول عامل برقيات في بورتسودان: «هو رجل يعرف عن السعودية اكثر من اي انسان على قيد الحياة. وهو بمثابة الساعد الايمن لابن سعود ملك الحجاز. ولا توجد لهجة في السعودية لا يتحدثها مثله مثل اي عربي من مواليد البلد، وقد اعتنق الاسلام مؤخرا».
اوصاف مختصرة مثل هذه لا تعدو كونها مشهيات عن هذا الرجل الانجليزي الغامض. وقد اتى اليوم الذي حملني فيه مركب شراعي سعودي، وابحر في شواطئ جدة، ميناء الحجاج، ووضعني على الشاطئ وسط جمع من العرب بنظراتهم المفترسة. تقدمني مجموعة عرب مسلحين وضباط من قوات ابن سعود في ملابسهم ذات اللون (الكاكي). فحصوا كل اوراقي الثبوتية في هدوء الى ان وصلت الاوراق ليد سمراء ادارت قرص الهاتف وحملت سماعة التلفون. فقال صاحبها لطرف آخر:
«اوصلني بمكة..» قالها بالعربية. عرفت انه يتحدث الى قصر ابن سعود في مكة التي تبعد عن جدة بعدة اميال. فشرع وفي دقائق قليلة بتقديم اوصاف لي لاحد المسؤولين عبر خط هاتفي صحراوي. تلك كانت السعودية على تلك الايام. وفي حوالي عشر دقائق انتهت كل المحنة.
< حراس من القردة < قالوا لي بعدها: يمكنك دخول المدينة ولكن ليس ما بعد جبل حواء. قدمت شكري للضابط وتركت المكتب احمل معي ارقاما تمكن من التحدث اليه ووجدت نفسي في الشارع اتنفس تحت شمس جدة المتوهجة. وخلال ساعة كنت قد وجدت المنزل الذي ابحث عنه، اعني منزل الرجل الانجليزي الغامض، المستر سانت جون فيلبي.
دخلته بشجاعة، مررت عبر ممر مظلم انتهى بي الى فناء الدار المشمس. هناك رأيت اول ما رأيت اربعة قرود حبشية ضخمة تجلس القرفصاء، ادارت عيونها المفترسة ووجوهها المشعرة نحوي، ظلت جالسة ساكنة تماما، وتوقفت في حالة شعور بالارتعاش. ورغم ان القردة كانت مكتوفة بالسلاسل، الا انها تحمل قدرا منها يمكنها من القفز للامام.
تقدمت خطوة للامام، فتقدمت القردة الاربعة للامام، وفجأة انفجرت جميعها في اثارة جلبة، وكنت على وشك ادارة ظهري للمنزل والتفكير في الهروب حتى فاجأني صوت تحدث بالانجليزية:
«لا تخف منهم، فهم حراس جيدون، ويطيعوني». وكان ان تبع الملاحظة بأوامر باللغة العربية، فاستكانت القردة كضأن وديع، ومضى الصوت ليقول: «ادخل ودعنا نتناول مشروبا».
< اعرف من القادم < عبرت فناء الدار، لأجد على احد ممراته الرجل الذي اختفى، طويلا ونحيفا، بلحية تحمل سوادا خفيفا، يعطيك انطباع كما لو انه احد الشياطين السبعة الرئيسيين بلونهم الاسود في الاساطير الاغريقية، مثل ذلك الخيال في تصوره بهذا الشكل، يشارك في الايحاء به اليك الزي العربي الابيض الذي ارتداه. والشاهد انه تقدمني الى غرفة ضخمة.
قال: «سمعت بوصولك لجدة، انت قادم من اثيوبيا، أليس كذلك..؟». انتقل من السؤال الى التصفيق بيديه ليدخل خادم عربي.. فوجهه بتحضير مشروبات. اومأت برأسي اشارة للقبول. بدأت من التحقق بانه لا توجد او لا مجال للاسرار امام هذا الرجل الغامض، فهو يعرف كل شيء عن اي غريب يضع اقدامه على ارض جدة. يبدو ان مهمته ان يعرف ذلك. سألته: «هل الفرنسيون على حق بتسميتك صانع الملوك يا مستر فيلبي»؟
اسقط في الحال وجهه الشاحب وانفجر في ضحكة، هي ضحكة شيطانية.. قال بعدها: «انا تاجر.. ابيع العربات كما تعرف، وبعض المحاريث.. ولعب الاطفال..»، قلت: «والتجارة ناجحة؟..».
قال: «ليست سيئة.. ليس بوسع احد ان ينال حظوظه هنا».
قلت: «أليس هناك رجال عديدون اغنياء هنا.. ابن سعود على سبيل المثال..»؟
هز رأسه.. (تبدو الاشارة للنفي اعتمادا على ملاحظة الراوي القادمة ـ الاشارة من الشرق الاوسط..)! قلت: «السياسة وحدها التي تكسب، هكذا قالوا لي في اميركا.. من في اعتقادك هم الاكثر ثراء في السعودية»؟
خلال تلك الساعات القليلة في حضرة فيلبي في ذلك القصر بجدة، بدأت في اكتشاف شيء في التاريخ المحير والمغامرات المدهشة للرجل الانجليزي ذي الـ46 عاما.
اختتم الحديث بالقول، اي فيلبي: «لقد امضيت 15 عاما في الصحراء.. 15 عاما من الوحدة..».
< في الخدمة المدنية الهندية < ظل تاريخ ومستقبل هنري سانت جورج بردجر فيلبي، ومنذ اللحظة التي رأت فيها عيونه النور في فيلا والده في بادولاس بسيلان غير عادي، فوالده مزارع شاي في عداد الاغنياء.
ارسله والده للتعليم في انجلترا فتنقل بين وستمنستر وكلية ترنتي وكمبردج، ظل خلالها استاذا ذكيا بقيم كلاسيكية، اظهر مبكرا قابلية ونزوعا نحو اللغات، وكان من الطبيعي ان يلتحق بخدمة كانت تعني الكثير للشباب في ايامه، اي الخدمة الهندية، فظهر اسمه رقم 50 في قائمة جيدة اعدت خصيصا.
وجد نفسه بعدها في الهند يتعامل مع اعباء موظف الخدمة المدنية العادية بمميزات هي من نسيج شخصيته، مزجها بالعنصر المحلي، فجاءت الاشارة الى ترقيته، وحين انفجرت الحرب العالمية الاولى عام 1914 كان فيلبي قد اصبح سكرتيرا لحاكم البنغال بمقره في كلكتا، ليجيء بعدها اختفاؤه الغامض والاول.
قيل وقتها انه فقد نفسه بين اسواق بغداد واسواق طهران في حدود واسعة بين البلدين. كان الجنرال تاونشيند وكوكبة من الضباط البريطانيين غارقين في موقف مأزوم ضد الاتراك. وحين ظهر سانت جون فيلبي، كان ضابطا نشطا وانيقا في قاعدة للقوات البريطانية معنيا بالجانب الاقتصادي في وحدة المخابرات، ولذلك، فقد كان على معظم الجواسيس الذين استخدمتهم بريطانيا من ذلك المعسكر ان يمروا بعمليات التدقيق المتوهج لعيون فيلبي الزرقاء والحديدية. ومرة اخرى، اختفى فيلبي من القاعدة مرتين، كان فيهما يتنكر في الطرق الفرعية ببغداد في زي شحاذ عربي.
< ضد اثنين من الالمان < في تلك الاثناء، كان اثنان من الالمان الاذكياء يعنيان الكثير للقوات البريطانية، الاول هو المشهور «واسماس» الذي تعامل مع عصبة من مقاتلي حرب العصابات عبر منطقة بلاد فارس في عمليات انقضاض مستمرة على حقول النفط، وبشكل عام، لارباك خطوط الاتصالات البريطانية بين الهند وتلك المنطقة. اما الالماني الآخر فهو بريزر الذي يقال عنه انه سيد الخليج العربي. فكان على سانت جون فيلبي ان يراهن بعقله ضد هذين الرجلين الذكيين.
وكانت النتيجة امرا لا مفر منه، فقد مات بريزر مطعونا بخنجر من اعرابي فيما وجد واسماس نفسه محاطا عن قرب بعصبة في ايران، وتمكن من الهرب في جنح الظلام الى سقف الدنيا، اي آسيا الوسطى، فلجأ هناك في احدى دولها، وحين انتهت مهمة فيلبي، اختفى مرة ثانية.
اشار الكولونيل لورنس الى اسم فيلبي باختصار في كتابه، وقد حدث اللقاء غير المتوقع في الصحراء، فقد عبر سانت جون فيلبي خريطة السعودية البيضاء من الخليج العربي الى البحر الاحمر دون ان يلاحظ احد هذه الرحلة او الحقيقة. كان لورنس مشغولا مع الامير فيصل، الرجل الذي اعتقد لورنس انه الملك الوحيد المحتمل لسعودية موحدة فيما اشار فيلبي الى عبد العزيز بن سعود الذي كثيرا ما سافر معه في الصحراء. وقد ظل فيلبي على قناعة بان هذا، الزعيم، المؤمن بنصوص القرآن، والذي يشمئز من التدخين، ومن قيم العصر المنحلة، مقدر له ان يدخل مكة كفاتح منتصر في رفقة مقاتليه.
< أنت رجل مجنون < ظهر سانت جون فيلبي بعدها في فندق في لندن، وقد قصد هذه المرة ان يضع حقائبه امام مجلس الحرب، وبعد انتظار طويل تحددت له مقابلة مع اللورد كيرزون، فدافع مرة اخرى عن قضية ابن سعود فيما ظل اللورد كيرزون يستمع على مضض، الى ان نفد صبره ولم يستطع السيطرة على نفسه فقال: «انت رجل مجنون يا فيلبي!».
ابتسم فيلبي، وغادر الاجتماع ليجلس في غرفته بفندقه مع زجاجة بيرغندي، وبعد ساعات قليلة تسلمت وزارة الخارجية رسائل عاجلة من السعودية تقول ان ابن سعود يزحف في السعودية مثل لهب ثائر، فكان استدعاء سانت جون فيلبي لوزارة الخارجية، وتحدث معه اللورد كيرزون مرة ثانية، وحين غادر فيلبي الوزارة اتجه للفندق ولساعة واحدة، ليختفي مرة اخرى، ليعيد ظهوره مرة اخرى ايضا، ولكن في معسكر ابن سعود وبين مقاتليه بملابسهم السوداء، ولكن الظهور هذه المرة تلبّس كونه مبعوثا بريطانيا ذا سطوة ونفوذ، وليقدم بالنيابة عن بلاده منحة حكومية لابن سعود قدرها 60.000 جنيه استرليني، وكانت كل طلبات بريطانيا السلام والهدوء من الزعيم الجديد (ابن سعود).. (الايضاح من «الشرق الأوسط»).
بعدها، ظل فيلبي يتلقى تكريما متعددا، تسلم في 1920 ميدالية الشرف من الجمعية الجغرافية الملكية، ثم انتخب عضوا بمجلس الجمعية الاسلامية الملكية. في 1921، عاد الى بغداد لوظيفة هامة هي المستشار لوزارة الداخلية.
من 1922 الى 1924 اصبح ممثل بريطانيا بالاردن، وهنا كان قد وصل الى قمة طموحات الخدمة المدنية.
< واخيرا استقالته < ثم جاءت الحرب العالمية الثانية في قلب السعودية، فتجاهل ابن سعود التحذيرات البريطانية واحتل مكة زاحفا عبر الصحراء، فقررت وزارة الخارجية البريطانية ان الشخص الوحيد المؤهل للتعامل مع الوضع هو سانت جون فيلبي، فاتجه فيلبي بالفعل في رحلة سريعة من الاردن الى معسكر ابن سعود، وهناك تحدث الى ابن سعود، ولا يعرف ما حدث في خيمة ابن سعود، في مقابل ذلك، فكل الذي عرف هو ان سانت جون فيلبي خرج ليبرق استقالته الى لندن، استقالة من كل مواقعه ومكاتبه، ترقياته وكل شيء، ليصبح تاجرا عاديا في جدة يبيع العربات والبضائع العامة.
عينه الملك ابن سعود لاحقا مستشارا ماليا، ووضع له قصرا بجدة تحت تصرفه، ويزور فيلبي مكة كثيرا، ويبدو موقعه في مقاطعة الحجاز، ولكونه مسلما، آمنا، وهو من بعد لا يزال يمارس اعماله كتاجر. ربما يكون هذا العمل بالنسبة له مضجرا لانه اختفى في قلب الصحراء مرة اخرى، فهل يظهر ثانية..؟.
انتهى مقال وليام ماكين
الشرق الأوسط
* رؤية المخابرات البريطانية لفيلبي
* وثيقة رقم: 54A
* التاريخ: اغسطس 1940
* الموضوع: اتش. سانت جون فيلبي. كاتب ورحالة. اعتنق الاسلام وهو مستشار شخصي لملك العربية السعودية. بين الشخصيات التي تعتبر في عداد اصدقائه حينما كان بانجلترا هؤلاء:
وليام جويس (هاو ـ هاو) والذي اسس معه الرابطة القومية الاشتراكية.
جون بيكيت (الان في السجن) رئيس تحرير سابق لـ B.U.F المعنية بمنظمات فاشية مثل «القميص الاسود» و«الفعل».
اللورد تافستوك المستر فيلبي من الموقعين على خطة المجلس البريطاني المسيحي للتسويات السلمية.
له طموحات سياسية بنوايا فاشية. وقد عبر في ثلاث رسائل ارسلها من السعودية الى اسرته في انجلترا كتبت بتواريخ 26 و27 مايو (ايار) 1940 عن نقده واحتقاره لسياسة الحكومة البريطانية حاضرا وماضيا. كما عبر عن انهزامية وعدم ولاء مع قناعات ضد الحرب لاسباب اخلاقية.
* نقد الحكومة: كما جاء في رسالة لزوجته:
* «نبدو جميعنا الان تحت حذاء غامر بالدكتاتورية مثلما يبدو اي شخص محبا لذلك، ولكنهم سيسأمون ذلك قريبا، ومن بعد سيكون عليهم حمل ذلك وحبه. بالنسبة لي شخصيا، اعتقد ان كل الامر مجرد كلام بلا افعال، فيما عدا الطبقات العاملة، والذين سيحبسون بقوة في ذلك. ولكني لا اعتقد انهم سيملكون فائدة اكثر للمهذبين من امثالي وامثالك. فماذا يمكنناان نعمل؟ لا شيء بالفعل، وهم يعرفون هذه الحقيقة مثلما نعرفها نحن. الاضافة الممكنة هنا هي انهم لا يريدون منا ان نفعل اي شيء. وهم يتوقعون من هتلر ان يقوم بكل شيء. وعلى اية حال تبدو M.E.W ميتة.. ولكن وزارة الاعلام هي الجهة التي يجب عليهم التخلص منها، وهي سيئة اكثر من ذي قبل، خاصة مع قمعها الان لكل الاخبار وامتلاء مقرها بتلك المادة D.C.Sob........»
* الى امه:
* «تحفزني صورتك في الحديقة كثيرا على ان اكون هناك، ولكن ليس من الممكن انجاز ذلك الان، خاصة مع ديكتاتوريتنا الجديدة ونشاطات الغستابو.. ذلك لن يناسبني على الاطلاق. يبدو كل شيء هيستيريا وسخيفا».
الى ابنته:
«بوسعي فقط ان اعيش الامل بان كل الامر لن يكون سيء الوقع على اطفالك، والذين لا يستحقون لوما تجاه الفوضى والازعاج الذي يسيء الى عالم اليوم.
وشكرا للحكومة القومية (1931 ـ 1940) التي ماتت لحسن الحظ، والتي احتوت على اكثر طاقم من السياسيين يتميز بعدم الكفاءة والانانية ممن اؤتمنوا على مصائر هذا الوطن والعالم معه. لقد اقاموا ايضا، ومنذ البداية، هذه الحرب على الخطوط او الجبهات الخاطئة، واثقين في الحصار، والعقول المغلقة، والدعاية لتؤدي لهم عمل الجيوش المؤهلة.. ربما تكون الحكومة الحالية افضل، ولكنها ربما لا تملك القدرة على انتزاع الدهن من النار، فهناك كان ولا يزال، كلام كثير جدا، في مقابل فعل قليل جدا».
* اذاعة بي بي سي
* يقول «تبدو الاشياء خطيرة لدرجة ان البي بي سي اخبرتنا بان علينا الا نحصل على اية اخبار اكثر او اضافية عن الحرب الى ان تعتقد الحكومة بانها مناسبة، ولذلك علينا ان ندير مؤشرات اجهزتنا الى المانيا وايطاليا لنعرف ماذا يحدث، وليست تلك بالاخبار الحسنة.
في الاونة الاخيرة اصبحت دوريات اخبارهم بالحقيقة اكثر سوءا، ولم اعتقد ان ذلك ممكنا، فوجدت انه لزاما علي ان ادير اجهزة استماعي الى برلين وروما ومناطق اخرى للحصول على فكرة مقبولة حول ما يحدث. وعلى سبيل المثال، فليس للبي بي سي الكثير حول سقوط كاليه، والذي حدث اول من امس. ومع ذلك لا يهم ما فعلت البي بي سي، لان هناك قدرا كبيرا من المصادر الاخرى التي يعتد بها. اما بالنسبة لداف كوبر فمادته الركيكة وصوته العجيب ومناداته المستمرة بالشجاعة والثبات والموت كطريق افضل من العبودية.. الخ فكل تلك الهشاشة تجعل المرء في انتظار متى سيذرف ذلك المتحدث الدموع».
* رفض الحرب
* يقول 1 ـ «استغرب ما اذا كانت هذه ستكون الحرب الاخيرة. يبدو انهم يعتقلون اي انسان يقف مع السلام بما في ذلك احد اصدقائي (بيكيت؟) فيما كان الافضل لهم ان يستمعوا لنا في الصيف الماضي. وعلى كل حال، فقد سجن رامسياي ماكدونالد جراء مواقفه الرافضة للحرب على اساس اخلاقية في الحرب السابقة ولم يسبب ذلك السجن له اي اضرار». «واذا كان لهم ان يأخذوا اصوات السلام على محمل الجد قبل عام، فان الامور ما كان لها ان تصل الى هذا الممر الخطر الان».
2 ـ «انا اسف حول مصير بيكيت المسكين سألته مرة عما سيفعله اذا اتت الحرب، فقال: «سأفعل ما بوسعي لاكون خارج الجيش وخارج السجن».
3 ـ لا استطيع مقاومة دهشتي حول ما اذا كان اناس فولكستون وهيث يتذكرون الان ما قلناه لهم قبل عشرة اشهر. وليتهم كانوا اكثر تعقلا في انتخابهم لذلك الحمار (بربنر). كانت الامور ستكون مختلفة كليا الان. وعليهم الان ان يرسلوا اطفالهم لينتظروا لحظة انفجار العاصفة».
4 ـ «اذا تقرر قيام انتخابات عامة، اظن اني سأحاول ان اخوضعها، ولذلك ستكون انت مشغولا مع (آمبر) من اجل ان تجد لي مقعدا بافاق معقولة، ولكني، وفي كل الاحوال، لن اقف مع الحرب في اية جهة كانت، ولا مع اي حزب».
* الانهزامية
* «اي فوضى هذه التي دخلناها. وكما تعلم فقد فعلت ما بوسعي لايقافها ولكنهم لم يستمعوا، ومن بعد، فلا املك مفهوما محددا تجاه عدم الكفاءة المنتشر والذي التهم احشاء نظامنا الاداري. وبوسعنا ان نتسابق الى كنائسنا ومصانعنا الآن، ولكن الوقت تأخر كثيرا. وبلا شك فان جنون التجسس الجديد وطرق الغستابو مؤشرات حية على انهيارنا».
* عدم الولاء:
* يقول لزوجته:
«حسنا، من اين لي ايجاد مخرج؟ اتخيل انهم مشغولون جدا عن ان يتذكروا وجودي، فيما لم اتطوع من جانبي بتذكيرهم بأني لا زلت موجودا، واني لا ازال خارج التعاطف معهم ومع طرقهم. ولذلك سأظل على موقفي رغم ان العلاقات هنا لا تزال متوترة بعض الشيء. لم أر الملك عبد العزيز لعشرة ايام واشعر انه لا يخلو من عدم ارتياح، وفق مسيرة الامور هنا، رغم ان معظم الناس مسرورون بعض الشيء، وان كانوا خائفين قليلا. لا انوي مقابلة الملك الى ان يعتذر لي (بأي طريقة يراها) عن وصفه لي بأني كذاب حينما اخبرته بأن الألمان قد اقتحموا ميس.. اتقابل مع أخيه عبد الله كل يوم....».
* الخارجية: فيلبي يحرض الملك ضدنا
* وثيقة رقم: 55A
* التاريخ: 30 أغسطس 1940
* الموضوع: مكتب الهند كتب للداخلية.
* عزيزي هتشنسون.
قد تتذكر اننا تحدثنا معك قبل شهر عبر الهاتف حول المدعو اتش. سانت جون. جي. فيلبي، الموظف السابق بالخدمة المدنية الهندية والذي تعتبر تصريحاته العلنية في السعودية والناقدة لسياسات حكومة جلالة الملك فيما يتعلق بالحرب، خطرا مثلما هي فضيحة. هو الآن على وشك مغادرة السعودية الى أميركا مرورا بالهند حيث اقترحت حكومة الهند اعتقاله بموجب قوانين الدفاع الهندية وترحيله من بعد للمملكة المتحدة. قلت أنت ان الداخلية البريطانية لا تعترض على ارساله الى هناك، وانك ترغب في احاطتك بتحركاته في حال رغبتك في اتخاذ اجراءات مع وصوله. احاطتنا الحكومة الهندية الآن بأنه ابحر من كراتشي الى المملكة المتحدة يوم 18 أغسطس (آب) على متن الباخرة (اس. اس. فينيس) وان لدى ربان السفينة تعليمات بمنعه من النزول الى أي ميناء خلال الرحلة. ارفق لعلمك نسخة من مذكرة حول فيلبي اعدتها وزارة الخارجية في أبريل (نيسان) الماضي، مع بعض التعديلات الطفيفة. ارسلت نسخة من هذا الخطاب الى باجالي بوزارة الخارجية.
* امضاء: جي. بي. جيبسون
* مذكرة:
المستر اتش سانت جي. فيلبي، موظف بالخدمة المدنية الهندية من 1908 الى 1925. في عام 1917 تم انتدابه للعمل مع عبد العزيز بن سعود ـ وقتها كان سلطان نجد ـ بالرىاض، ووضع له تصورات ادارية. تم تعيينه بعد ذلك مستشارا لوزارة الداخلية ببغداد، وشغل منصب الممثل البريطاني الرئيسي بالأردن من 1921 ـ 1924 حيث وقع في خلاف مع حكومة جلالة الملك وقدم استقالته التي لقيت الترحيب من ذلك المنصب.
لم يتم استخدامه بعد ذلك في منصب بالخدمة العامة. جعل من جدة بمنطقة الحجاز بعد ذلك مقره الرئيسي وادار اعماله من هناك. حمل تقرير في يونيو (حزيران) 1928 انه ميال للنقد الشديد لسياسة حكومة جلالة الملك بالسعودية، وهناك سبب وجيه للاعتقاد بأنه نصح ابن سعود لاتخاذ خط متشدد خلال المفاوضات التي اجريت بين ابن سعود والسير جي كلايتون نيابة عن حكومة جلالة الملك عام 1928.في عام 1930 اصبح فيلبي مسلما، وانفق بعد ذلك وقتا كثيرا في رفقة ابن سعود بالرياض ومناطق اخرى. في 1931 حصل لشركته على حق احتكار توريد السيارات للمواصلات العامة. في 1936 اثار غضب السلطات في عدن بظهوره في شبوة بمحمية عدن برفقة مرافق سعودي مسلح دون اخطار. افادت التحريات انه حصل على ذلك المرافق من السلطات السعودية لجهة مسوحات طبوغرافية في نجران. فذهب اولا لليمن ثم الى محمية عدن دون علم السلطات السعودية. ناتج هذه الرحلة اصبح في ما بعد نشره لكتابه «اخوات سبأ» والذي احتوى على هجوم كبير للسياسة البريطانية في محمية عدن.
في 1937 ـ 1938 بذل جهوا كبيرة، بتحريض ابن سعود باتخاذ اتجاه يحمل العداوة الواضحة لحكومة جلالة الملك حول فلسطين ولم ينجح. في 1939 تنازل عن امتياز احتكار توريد السيارات نتيجة خلاف مع وزير المالية السعودي وعاد الى الى انجلترا، ورشح نفسه للبرلمان ولم ينجح. طلب ابن سعود بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب العالمية من فيلبي العودة للسعودية. اصبح فيلبي، ومنذ عودته يجاهر بالحط من قدر سياسات وافعال حكومة جلالة الملك. في الآتي بعض الامثلة من تعليقاته على بعض الاحداث:
أ ـ في نوفمبر 1939 لجأت طائرة بريطانية الى الهبوط الاضطراري في حضرموت فقتل العرب من كان على ظهرها. عبر فيلبي عن رأيه بالقول: بما ان الطائرة قد ارسلت لقصف المواطنين القرويين فان قتل طاقمها مبرر.
ب ـ ظل مستر فيلبي على رأيه، في عدة مناسبات، بأنه ليس على الحلفاء الدخول في حرب غير ضرورية تجلب الدمار للسعودية وقد تدمر العالم. ويقول ان الحلفاء لن يستطيعوا تحقيق النصر، وربما، وبمرور الوقت، يجدون انفسهم ملزمين بالوصول الى سلام مشوه. وقد ارتكبوا خطأ بضمان بولندا، وان المستعمرات الألمانية كان من الممكن ان تستعاد.
ج ـ يجادل مستر فيلبي بأن نظام حكمنا ديكتاتوري وانه ليس هناك فرق عملي بين انجلترا وألمانيا في هذا الخصوص. وهو يدعم جدله بالزعم بأن 11000 من الشباب في انجلترا تم تقديمهم لمحاكمات لمجرد حملهم لأفكار ضد الحرب على اسس اخلاقية.
د ـ لدى فيلبي تقييمات تذهب الى ان خدمة الاخبار البريطانية وضيعة وجديرة بالازدراء وان الارقام المتعلقة بالخسائر في السفن خلال الحرب تم تزويرها عن قصد.
فيلبي قال بصريحات مشاهبة للوزير الفرنسي في جدة والذي رأى ـ أي الوزير ـ ان من الضروري ابراق حكومته فيما يتعلق بما اعتبره سلوكا مشينا.
* (وزارة الخارجية 1 أبريل 1940)
* رؤية صديق: ذكي ومغرور لا يحتمل
* وثيقة رقم 51B
* التاريخ: 24 سبتمبر 1940
* الموضوع: اتش. سانت جون. جي. فيلبي. سري وشخصي جدا
* عزيزي جاي خطابك PF.40408/B بتاريخ 19 سبتمبر (أيلول) 1940 عن اتش. سانت جي. فيلبي واحد من اصعب الخطابات التي ارسلتها لي بشأن الاجابة المطلوبة.
افترض أني عرفت فيلبي بصورة متواترة ومتقطعة لمدة تصل الى نحو 30 عاما. عرفته ذلك العنيد الاحمق يوم ان كان مساعدا للمفوض في شاموز بمنطقة البنجاب. كان دوما وبانفراد مجردا من المعاملة وضد رؤسائه باستمرار. وهو شديد الاعتداد بآرائه وعلى قدرة فائقة، في الغالب، على التعبير عن نفسه بكفاءة ودقة، مستصحبا ذلك الغرور الذي لا يجعل لأحد قول كلمة طيبة له. ومع ذلك، لم يكن من بعد، ولا من قبل، يحمل ذرة من سمات الغباء.
كسب مؤخرا معرفة كبيرة بالسعودية وبالعرب خلال عمله كمفوض سام بالأردن. وقع بعنف في خلاف مع وزارة الخارجية ووزارة المستعمرات حول السياسة في شبه الجزيرة العربية، وعبر عن نفسه في غضون ذلك الخلاف بصورة اكثر سلطة وقوة وغرورا عما كان عليه حاله حينما كان مساعدا للمفوض بالهند. أيد اسقاط الحسينيين ومساندة خصمهم ابن سعود. وهو بلا شك على حق في آرائه، ولكنه عبر عنها مفتقدا ضبط النفس والانضباط المطلوب مما جعل من تميزه وخبرته بلا قيمة لدى الحكومة.
وصل من بعد الى علو نجمه كمكتشف عربي، اصبح مسلما واستقر بالعربية السعودية على وضع يقارب المستشار المالي لابن سعود. خلال هذه الفترة، كرس غالب وقته لمصالحه الخاصة ولكنه ظل مع ذلك مصدر ازعاج لحكومتنا في ما يتعلق بسياستها العربية. اتخيل ان ممارساته السياسية تكون وقد كانت كذلك على الدوام، ممارسة تضعه في خانة جناح اليسار. واذا كانت ذاكرتي صحيحة فقد اثار الفضول مع دكتور دالتون حول مصر والسعودية خلال فترة حكومة العمال قصيرة العمر.
سترى كذلك، ان فيلبي وآراءه كانا شيئا كريها، ولكن كل ذلك لا يبرهن بأنه لم يكن دقيقا او ممتلكا لبعد النظر. أنا عن نفسي، ورغم اني رأيته مرات قليلة في انجلترا والهند والسعودية في السنوات الاخيرة، وجدت ان من الممكن مسايرته ولا اعتقد انه بلا ولاء، وان كان وبتجريد شديد مغرور لا يحتمل.
والآن، فالامر المثير للفضول والاستغراب هو ان ابنه (وهو الشخص الذي اعتقد ان فيلبي يرجع اليه في اشارته باسم «كيم» في احد خطاباته، الموجودة لدينا، هو، أي كيم احد ضباطنا بوزارة الدفاع. وبتلك الصفة والموقع قابلت كيم مرة او مرتين ووجدته يجمع بين البراعة والقدرة والسحر. وقد اخبرني بنفسه ان والده قد خفف من حدة قوة واندفاع آرائه في السنوات القليلة الماضية، ولكن لا يبدو الحال كذلك في خطاباته والتقدير هنا يعود لي. وبالطبع فان فيلبي الشاب «الاشارة لكيم.. الاضافة من الشرق الأوسط» ظل بالقسم D"S لفترة طويلة قبل ان يكون هناك أي سؤال حول ايلولة القسم الى دالتون، ولكن، وبما ان ذلك قد حدث بالمصادفة، فان فيلبي الابن سيجد نفسه تحت تعليمات رجل معروف لأبيه، واعتقد ان للأخير ـ دالتون ـ عددا من المعاملات شبه السرية مع فيلبي. وقد اشرت الى فيلبي الابن لأنني اعتقد، وببساطة، ان هذه الاشارة ستجعل من الصعب عليك اتخاذ اجراءات قمعية ضد أبيه.
اخشى ان يكون هذا التوضيح معقدا، ولكنه يظل طريقتي الوحيدة لايضاح الصعوبة التي يمثلها سانت جن فيلبي. لا اظن انه بلا ولاء، واظن ان من الاهمية العاجلة جدا ان لا نكلف او نحمل الرجل مظالم اكثر، في المقابل اشعر ان هذه حالة ستكون فيها وزارة الخارجية والحكومة مسرورتين برؤيتك تستخدم تكتيكات اليد القوية. واخيرا، ومع هذه المشكلة غير المريحة، عليّ ان اترك لكل فضاء التعامل.
(مخلصك توقيع غير واضح)
* على نفس الوثيقة تعليق يقرأ:
* الكابتن جي. ام ليديل M.I.5
* زوجة فيلبي دورا في جونسون، ابنة مسؤول بالسكك الحديدية الهندية رفيقة طفولة لزوجتي. وهي امرأة شابة هندية ـ انجليزية. لا علاقة لها بالسياسة، لاعبة تنس، ورغم انها سافرت مرة او مرتين للسعودية بهدف رؤية زوجها فانها تخلت عن حياته الأسرية او خرجت منها وفق رؤيتي لها آخر مرة بالمصادفة في مصرفي. ولكن، ومن الخطابات المتبادلة يبدو ان الأسرة قد توحدت مرة اخرى.