لا يمكن لأي فلسطيني واعي وشريف أن يتفهم ولا بأي شكل من الأشكال، أن تؤدي بنا الأمورفي هذه الأيام إلى ما لا تحمد عقباه وعلى جميع الأصعدة..ان التعددية السياسية يجب أن تزيدنا لحمة وقوة ، لا ضعفا وهوانا وتشرذما وتمزقا, فدماء الشهداء ، وحصار المدن والمخيمات ، وحصاد الألوف في معارك الشرف ، من أبناء الوطن الواحد ، ومعاناة المعابر والحواجز ونقاط الحدود ، ومآسي الرحيل المتكررة والمتجددة بين البيت والخيمة ، كما حدث في جنين ورفح ونابلس وغيرها من بقاع الوطن المسلوب ، ومذابح جنين وجباليا ورفح ونابلس والزيتون والشجاعية وقبية ودير ياسين وتل الزعتر ، وكل تاريخ صراعنا الذي انصبغ باللون الأحمر، لون الدم الفلسطيني المراق بعز، و بلون علم فلسطين الخالد ، وكل ألوان تضحياتنا هي أكبر وأغلى منا جميعا ، ويجب أن تزيدنا لُحمة ووحدة وتعاضددا. كثيرة هي المجازر والمذابح التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا الفلسطيني البطل..مجازر بحق الامنين في مئات القرى والمدن والمخيمات..مجازر قائمتها أكبر من أن يحصيها تاريخ..ومن بين هذه المجازر"مجزرة عيلبون" المروعة والتي وقعت أيام النكبة..مجزرة ربما نسيها وتناساها الكثيرون في الأيام الغابرة. تقع قرية عيلبون في أقصى الغرب من قضاء مدينة طبرية، وترتفع 200م عن سطح البحر..وتحيط بها أراضي قرى المغار والمنصورة ودير حنا وعرابة ونمرين وحطين والوعرة السوداء. قدر عدد سكانها عام 1922(319)نسمة، وفي عام 1945(530)نسمة، وفي عام 1948 وبعد الاحتلال بلغ (93)نسمة، وفي عام 1949(675)نسمة، وفي عام 1961 (1100)نسمة, وفي عام 2007 (4374) نسمة. تحيط بالقرية العديد من الخرب التي تحتوي على أنقاض ومعالم اثرية وتاريخية هامة تعود الى العصر الروماني..لقد سجل التاريخ في هذه القرية، قيام حركة "فتح" بنسف نفق عيلبون في اول عملية عسكرية لها في الارض المحتلة ليلة الجمعة أول كانون الثاني عام 1965..وبهذا كانت الشرارة الاولي لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة. في صباح الـ 30 من تشرين الاول عام 1948 والذي بدأ ككل صباح تسطع فيه شمس الكون تحول ليوم أحمر قانِ في ذاكرة كل فرد من ابناء عيلبون..دخلت عصابات الصهاينة البلدة فوجدت أهلها محتمين داخل الكنيسة رافعين الاعلام البيضاء، واقتاد الجنود الصهاينة بوحشية الجموع خارج الكنيسة وقتلوا بدم بارد وفي وضح النهار 14 من خيرة شباب البلدة وطرد الباقي شمالا الى لبنان، لم يكتف الجيش الصهيوني بما فعلت يداه داخل القرية ليقتل شخصا آخر خلال مسيرة التهجير شمالا ليصبح عدد الشهداء 15 اضافة الى عشرات الجرحى الذين نجوا من الموت بأعجوبة.وفي هذا السياق يقول شاهد عيان وهو من الناجين من هذه المجزرة" في ذلك اليوم الاسود تجمعنا داخل كنيسة القرية عندما علمنا بقدوم الجيش الصهيوني فدخل الجيش القرية ووصل الكنيسة واجبر الجميع على الخروج والتجمع في ساحة الحي ،تلك الساحة التي استعملت بشكل عام للأفراح حتى وطئتها قدم الجيش الصهيوني الهمجية وجعلتها ساحة للشهداء الأبرار". ويضاف الى شهداء مجزرة عيلبون 14 شهيدا سقطوا في 2 تشرين ثاني من نفس العام أي بعد ثلاثة أيام من وقوعها..والشهداء هم من أبناء عرب المواسي إحدى القبائل العربية الفلسطينية .. كانت منازلهم تنتشر في كل من قضاء عكا وطبرية وصفد.ويقول أحد الناجين"في اليوم الذي نفذت فيه مجزرة عيلبون كنا ننزل في أرض المار, وقد سمعنا عما حدث بعد ذلك..يوم الثلاثاء 2/11/1948م, جاء جنود اليهود وجمعوا أفراد العشيرة وأخذوهم, ربما إلى عيلبون, ربما إلى المغار لا نعرف كان الوقت ساعات ما بعد الظهر..أخذوا منا (14) شاباً, وكانت هناك نحو (4) مصفحات عسكرية, أخذوهم إلى "باب الثنايا" وقتلوهم هناك بدون رحمة وبدون مخافة الله..لم نكن نعرف بما حدث,فلم نكن في المضارب, ولكننا سمعنا في اليوم التالي أن (14) أو (15) شابا استشهدوا وقد تم دفنهم فيما بعد في عيلبون". يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل..إذا كنا نعيش اليوم كالبارحة مؤامرات تحاك ضدنا ، وتنسج في السر والعلن، فإن شعبنا لا يمكن أن ينسى أولئك الشهداء الذين جادوا بأرواحهم ، والجرحى الذين حرموا بهجة الحياة ، والأسري الذين يعانون ظلم السجن وقهر السجان, من أجل أن يعيش الفلسطيني على أرضه مكرما عزيزا ، فمن أجلهم عودوا الى رشدكم يا أبناء شعب فلسطين المتخاصمين..يا أبناء فتح وحماس..أبناء ياسرعرفات وأحمد ياسين لكي لا يظل الفلسطيني غريبا في وطنه معذبا على أرضه. معشر الشرفاء في قطبي الساحة حركتي فتح وحماس، لا اعتقد أن دماء وتضحيات شعبنا قد هانت على أحد منكم ، فلماذا لا تتحدوا ؟ تذكروا أيها"الأشاوس" مخططات الترحيل لاغتصاب الأرض، والتهجير المتكرر وترك الديار والبيوت والممتلكات,وعقيدة التوسع الصهيونية وحرب الإبادة الجماعية والتمييز العرقي وأسطورة أرض الميعاد وشعب الله المختار..ولا زالت حمم الموت تلقى على رؤوس شعبكم فلا تحطموا كل الجسور بينكم وأذكركم بمقولة الصهيوني بن غوريون" إن صراعنا مع العرب هو صراع العلم والحضارة" وما قاله الأخ الشهيد خليل الوزير(أبو جهاد) رحمه الله :" إن صراعنا مع العدو هو صراع العلم العنيف"..!. قضية مجزرة عيلبون واحدة من قضايا شعب كل ما أراده هو التحرر والحرية والاستقلال, وكل ما تلقاه هو القهر والاحتلال والعنف والتشريد والموت..المجد والخلود لشهداء مجزرة عيلبون ولكل شهداء شعبنا المعطاء والذين قضوا من أجل الحرية والتحرر..وأختتم بما قاله شاعرنا الفلسطيني الراحل راشد حسين:سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر**ان الشعوب اذا هبت ستنتصر..ومهما صنعتم من النيران نخمدها**ألم تروا أننا من لفحها سمر..وان قضيتم على الثوار كلهم**تمرد الشيخ والعكاز والحجر..!.
________________القدس المحتلة