أخي سامي... أكتب إليك الآن من غزة وهل تعلم أين تقع غزة؟ غزة تقع في فلسطين بالقرب من المكان الذي ولد فيه السيد المسيح ولذلك تسمى بلدنا هذه بالأرض المقدسة.....معلمتي التي أحبها كانت تقول لنا دائما يجب عليكم أن لا تنسوا بأنه هنا ولد رسول المحبة والسلام ولكن وللأسف ومنذ أشهر طويلة ونحن نعيش تحت الحصار ولا نستطيع أن نغادر هذا المعتقل المفروض علينا ولا يحق لأصدقائنا وأقاربنا أن يزوروننا هنا.
هل تعلم يا سامي... في المدة الأخيرة أصبح الجوع عندنا في كل مكان. الحوانيت في معتقلنا فارغة من كل أنواع البضائع لا الخبز ولا الجبنة ولا السكاكر ولا الحلويات ....وكذلك الشوكولاته لم أراها منذ أشهر طويلة.
و البرد عندنا الآن قارس جدا فلذلك حتى وأنا في البيت ألبس أكثر ملابسي لأنه لا يوجد لدينا شئ نتدفأ عليه ومن شدة البرد فأنا أبرد حتى في الفراش. الكهرباء مقطوعة لدينا منذ أسابيع ولهذا ليلنا مظلم دائما والماء التي نشربها غير نقية.
آه.. يا سامي... منذ شهرين وأنا حزين جدا على صديقي علي وهو أعز صديق عندي قد مات وهل تعلم لماذا مات؟ مات لأنه لم يستطع الحصول على الدواء اللازم ولأن أكثر الأدوية لدينا مفقودة وبسبب فقدانها يموت كثير من المرضى عندنا.... وهل تعلم بأنني لا أستطيع أن أنام لأن دوي القنابل التي تهطل بإستمرارعلينا عالية جدا وأنا في حالة خوف دائمة وحتى أصبحت أخاف من النوم لأنني كلما أنام أرى أحلاما مزعجة جدا , أرى الجثث والدماء والأشلاء والقنابل الحارقة.
عزيزي سامي... لقد سمعت بأن ( بابا نويل ) يجلب الهدايا الجميلة لكل أطفال العالم في عيد الميلاد... لماذا لا يزور أطفال فلسطين...ربما لا يعرف أين تقع فلسطين؟ كم تمنيت لو زارنا مرة واحدة وجلب لأطفال غزة الألعاب الجميلة ليدخل السرور إلى قلوبهم ولكن عوضا عن ذلك جلبت لنا إسرائيل الدمار والصواريخ والقنابل. ربما لو جاء (بابا نويل) ألى غزة لهربت الطائرات والدبابات والصواريخ خوفا منه ولكنه وللأسف لم يأت. أرجوك إذا رأيته فأخبره بأن أطفال غزة ينتظرونه.
سامي ...هل تعلم بأنه في رأس السنة قد ملأت المفرقعات والصواريخ النارية سماء غزة من كل جانب ... أضاءت البحر والسماء والأرض بألوان مختلفة وأكثرها كان إشعاعا هي القنابل الفسفورية. وفي بفس اليوم أصيب بيتنا بصاروخين وكذلك جرح جدي الذي أحبه جدا و كانت جراحه كبيرة ولم نستطع أن نسعفه بسيارتنا لأنها فارغة من البنزين وكذلك لم نستطع أن نتصل بالإسعاف لأن كل شبكة الإتصال كانت مدمرة. وهكذا مات جدي وهكذا مات كثيرمن المصابين بهذه الطريقة وهكذا عشنا ليلة رأس السنة ... بالظلام وصوت الطائرات والصواريخ والقنابل التي دمرت كل شيء.
سامي ...منذ يوم عيد الميلاد ونحن أطفال عزة لا نستطيع أن نخرج من البيت أو نلعب في الشارع لأن الجنود الإسرائيليين يطلقون النارعلينا وأنا لا أعلم لماذا يقتلون حتى الأطفال الصغار؟ وانا لا أعلم منذ متى كان الأطفال خطرا على الجنود. وهكذا مات كثير من أطفال غزة. لقد علموننا بان الأطفال هم مستقبل البلاد وكيف سيكون مستقبل الأرض المقدسة بدون أطفال.
أخي سامي...إن أطفال فلسطين مثل أطفال العالم في كل مكان فهم يحبون الضحك واللعب والمدرسة. هل هذا هو ذنبنا بأننا ولدنا في غزة. أنت ذو حظ سعيد يا سامي لأنك ولدت في ألمانيا. أرجو أن تساعدني يا سامي ... إصرخ معي يا سامي بأعلى صوتك عسى أن يرد عليك أحدا لأن صراخنا وبكاؤنا وإستنجادنا في غزة لا يسمعه أحدا. العالم يشاهدنا على التلفاز كيف نموت.. وكيف نتألم .. وكيف نتعذب جوعاً ومرضاً وموتاً... ولا من مجيب لصراخنا... لا تتركوننا لوحدنا يا سامي نصرخ حتى الموت.
أخوك كريم
غزة / فلسطين 0.01.2009
*نائب ألماني سابق