اعتبر المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيّد ان أبو عدس الذي ظهر في شريط تبني اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري هو شخص «ميت أمنياً» سواء استخدم في عملية الاغتيال أو استخدم في عملية تضليل.
وفي حوار هو الأول من نوعه مع الرجل الذي أمضى 37 عاما متنقلا بين المؤسسة الأمنية والعسكرية انتهت باستقالته في الخامس من مايو/ ايار الماضي، تحدث السيد إلى صحيفة الحياة اللندنية حديثا مطولا تبدأ الصحيفة بنشره اليوم الاثنين 4-7-2005م في سلسلة تحت عنوان يتذكر ويستعرض خلاله شهادته على الأوضاع في لبنان قبل وبعد عملية الاغتيال.
وكشف السيّد انه فور معرفته بنقل سيارات موكب الحريري من مسرح الجريمة بادر الى الاتصال بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي آنذاك اللواء علي الحاج «ناصحاً ومحذراً». ورفض الخوض في اسم الجهة التي قيل انها أوعزت الى الحاج بفتح الطريق في مسرح الجريمة جازماً ان الايعاز لم يأت من وزير الداخلية آنذاك سليمان فرنجية ومعتبراً انه يعود الى من كان مسؤولاً عن مسرح الجريمة ان يوضح كل المسائل أمام لجنة التحقيق الدولية. وأكد انه سيضع في تصرف اللجنة كل ما لديه وان أهمية ما سيقوله لدى استماعها اليه مرهونة بما سيسأل عنه.
وتحدث السيّد عن تقرير غير رسمي أعدته احدى السفارات الكبرى في بيروت وفيه ان الحجم الهائل للمتفجرة التي استخدمت في اغتيال الحريري يجعل من شبه المستحيل اجراء فحص الحمض النووي للتأكد مما اذا كان «أبو عدس» قتل في مسرح الجريمة. وانتقد ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة بيتر فيتزجيرالد مكرراً: «ان قاتل الحريري إما حمار وإما اينشتاين».
وتطرق السيّد في الحوار الذي ينشر على حلقات بدءاً من اليوم، الى علاقته الطويلة مع الحريري وما شهدته من مد وجزر في ضوء «الزواج القسري» بين الحريري والرئيس اميل لحود. ونوه بالجانب الانساني المميز في شخصية الحريري معترفاً انه كان يمكن أن يلجأ اليه لو شعر بضائقة مالية.
وتحدث عن وصول العماد لحود الى رئاسة الجمهورية، مشيراً الى ان لحود لا يحب المقايضة ولا يريدها، فاختلف معظم أهل السياسة معه. وتطرق الى قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559، مستبعداً أن يكون الحريري ساهم في كتابة ما يمس سورية أو المقاومة. وأشار الى ان سياسيين لبنانيين كانوا يبيعون سورية ولاء ليتمكنوا في المقابل من التصرف بالوزارات والصناديق، معتبراً «ان اتفاق الطائف ليس اتفاقاً لبناء الدولة بل اتفاق على تقاسمها تحت راية انهاء الحرب». واعتبر السيد ان بقاءه في منصبه على رغم المحاولات لازاحته نجم عن غياب الاجماع لدى المسؤولين والسياسيين كاشفاً ان النائب وليد جنبلاط وقف ذات يوم ضد محاولة لازاحته. ووصف تعبير «فلول الأجهزة الأمنية» بأنه «كذبة اخترعوها وصدقوها»، قائلاً: «من اعتاد الاجرام يستسهل اتهام الآخرين به». وقال انه لا يمانع في اعادة فتح المحاكمة في انفجار كنيسة سيدة النجاة الذي أدى الى توقيف الدكتور سمير جعجع ثم سجنه حتى الآن.
واعترف السيّد بأنه ألبس الرئيس السابق الياس الهراوي زياً عسكرياً ونقله في سيارة جيب عسكرية لضمان سلامته بعد أيام من انتخابه.