لا شك أن الحرب الأخيرة على غزة كانت حرب فارقة فرقت بين معسكرين شكلا المنطقة العربية بعد انتهاء الحرب
المعسكر الأول هو معسكر المقاومة والذى تمثل فى حماس والفصائل الفلسطينية المجاهدة وحزب الله فى لبنان وسوريا وإيران والسودان وهذا المعسكر يتخذ المقاومة منهجا فى مقاومة المشروع الصهيوامريكى على اختلاف طبعا فى الدرجات ويمكن أن نطلق عليها قوى الممانعة وقد أثبتت الأحداث صدق هذا المنهج وجدواه فى انتزاع الحقوق والتعامل مع عدو لا يعرف إلا لغة القوة ولا يعترف إلا بالأقوياء
وقد صار لهذا المعسكر مكانة فى نفوس الشعوب العربية التى تتوق إلى الحرية وتتمنى الخلاص من هذا الكابوس المزعج الذى حرمها الاستمتاع بالحياة الكريمة وترك هذا المعسكر أثرا فى وجدان العالم العربى
واهم ما حققه هذا المعسكر انه كشف سواة المنبطحين المتخاذلين المرتمين فى أحضان اليهود والأمريكان وأبان خداعهم وحطم قواعد اللعبة التى طالما أجادوا اللعب بها وفضحوا الزيف الذى زيفوا به الحقائق طيلة عقود من الزمن
فقد ظلوا فترة يطنطنون أمام شعوبهم أنهم مع القضية الفلسطينية وأنهم ضحوا كثيرا من اجلها وأنهم كانوا وما زالوا يعملون من اجل مصلحة الشعب الفلسطينى حتى إذا حانت ساعة الجد والعمل كانوا إلى معسكر الأعداء اقرب والى الاستسلام والتخاذل أسرع
والمعسكر الثانى هو معسكر الاستسلام والدخول فى نفق المفاوضات المظلم أو ما يطلقون عليهم دول الاعتدال أو معسكر الاعتدال هذا المعسكر الذى مابرح يعلن فى كل مناسبة أن السلام هو الخيار الاستراتيجي وهو مايعنى أننا لابد أن نرضى بما يلقى إلينا من فتات وان نتنازل عن كل ثوابتنا من اجل إرضاء اليهود والأمريكان
وهذا المعسكر يتمثل فى تلك الأنظمة الاستبدادية التى لا تنظر إلا إلى مصالحها الشخصية ولا تفكر إلا فيما يعود عليها بالنفع الشخصى وأهم ما يشغل بالها هى عملية توريث الحكم لأبنائها وفى سبيل ذلك يمكن الخضوع والاستسلام والانبطاح وبيع المقدسات والتخلى عن الثوابت.
ولأنه فى حرب غزة الأخيرة قد سقطت عن تلك الأنظمة أوراق التوت فانكشفت سوأتها وبانت عمالتها كان لابد من الانتقام من كل من يحمل منهج المقاومة فكرا وعملا ولابد من تصفية الحسابات مع من أفرزتهم الحرب أبطالا جذبوا عقول وقلوب الشعوب وكشفوا عن قذامة الأبطال الذين صنعوا من ورق.
لابد إذا من تشويه الصورة وزعزعة الثقة وتخويف الشعوب من المقاومة ومن التعاطف مجرد التعاطف معها أو مساعدتها ولابد من إظهارها فى ثوب جديد فى ثوب التخريب والتدمير ونشر الفوضى بين الشعوب وزعزعة أمن الدول وأنظمتها .
فكانت هذه الأحداث الأخيرة فى مصر بين القاهرة وحزب الله وما أعلنت عنه السلطات المصرية من وجود خلية لحزب الله فى مصر كانت تحضر لأعمال تخريبية فى مصر
ومن العجيب التزامن بين هذه الأحداث وما صاحبها من حملة إعلامية شرسة ضد حزب الله استخدمت فيها الأقلام ذاتها التى استخدمت فى التخذيل أثناء العدوان على لبنان 2006 والعدوان الأخير على غزة وبين الحكم على اثنين فى الأردن بتهمة التجسس لصالح حماس وبين تصريح إسرائيل كاتز وزير النقل الإسرائيلي أن حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني والخصم اللدود لإسرائيل "يستحق أن يموت ويجب تصفيته جسديا".
ألم أقل لك إنها حرب إعلامية منظمة شرسة تستهدف المقاومة وكل من سلكها منهجا فى التخلص من الاحتلال ؟
ألم أقل لك إن المقاومة فى خطر ؟