كلما شاهدت قنوات الكليب على النيل سات يتبادر الى ذهني أنه وفي يوم ما، ولا أشك أنه ليس ببعيد سيكون هناك محطات اباحية على هذا القمر كما على الأقمار الأوربية واللاتينية. إذ أن مستوى التعري آخذ بالازدياد فمن الشورت الى البكيني وصولا الى الاشيء.
وفي الحقيقة وصلنا الى حالة صعبة تكمن في عدم امكانية المستهلك من متابعة الكليب إذا لم يكن هناك أفخاد وصدر يتفجر على الشاشة، واعتقد أن هذا الأمر غاية في الأهمية والا لما بدأ أحد الكليبات بصورة تقارب نهدي احد الحسناوات وأخرى بأفخاذ تلمع ملتصقة بزجاج سيارة!!
طبعا هؤلاء أصحاب الشركات الفنية طموحون وأكثريتهم يطمحون بأن يصبحوا ملوك برونو مثل أصحاب المجلات والتلفزيونات الاباحية في اوربا وأمريكا وهو طموح شريف طالما أن السيدات المحترمات موجودات والمستهلكين السعداء موجدون ايضا..
وكما يقول أحد رجال الأعمال العظماء في زمننا ويدعى جايمس بيورك وهو مدير شركة مشهورة "جونسون أند جونسون" : كل ما في عقيدتنا يتعلق بالمستهلك!
ما جذبني في هذا القول هو شرح هذه العقيدة وشرحه هو ما ذكرني وأنا الذي دائما أحافظ على التلفزيون شغال على أحد محطات الكلييب من أجل الصوت لا الصورة ولكن عندما أحاول فهم شيء ما يهمني في مطالعاتي فإنني أفكر وأنا أنظر الى التلفاز، ولا أنتبه في كثير من الأحيان إلى ما يجري على الشاشة إلا إذا كان الكلام الذي أقرأه قريبا منه مثل شرح بيورك عن ثقافته التي يعتمدها في الشركة:
(( إن الأمر يتعلق بالزبون دائما... وكلما كنت اقرب إلى الزبون، كلما امتلكت قدرة أكبر على تحديد ما ينبغي عمله وعلى المجازفة في القيام بذلك العمل. إنني أؤمن بقوة اللامركزية فاسم اللعبة هو "من القاعدة إلى القمة" لا من القمة الى القاعدة..))
عموما في الكليبات هذا الكلام صحيح تماما فالتصوير يبدأ من القاعدة الى القمة لكن في الحياة الواقعية فإن الأمر معكوس ولعله اذا أردنا دراسة الثقافة التجارية لدينا فسوف يكون:
كل ما في عقيدتنا يتعلق بالغش...
فالأمر كما قال بيورك يتعلق بالزبون ولكن بالنسبة الى اسواقنا "كلما كنت اقرب الى الزبون كلما امتلكت قدرة أكبر على تحديد المبلغ الذي تستطيع غشه به"
ثم في هذا الكتاب الذي أقرأه يقول بيورك:
"إن أي علاقة إنسانية لا تقوم على الثقة سواء أكانت زواجا أم صداقة أم علاقة اجتماعية ستفشل على المدى البعيد والأمر نفسه يصح في التجارة وخصوصا تلك التي تتعامل مع الناس"
كلام جميل وضعت خطا تحته عندما قرأته لكنني شاهدت صبية مجنونة في الكليب تركض قرب مدينة ملاهي وهي تقول: أنا الماضي... أنا الحاضر..أنت قلت كده فاكر!!!
إذن إنها علاقة إنسانية لا تقوم على الثقة..
وبينما أنا أفكر بفكرة أخرى من الكتاب نفسه قاطعني الشاب الذي يسكن معي ليقول لي: بلا مطالعاتك الفاضية شاهد هذا الكليب الرائع لنانسي..
نظرت فإذا هو كليب "بتفكر في إيه" نظرت إليه من خلال تفكيري الاستهلاكي وبدون أن أحس قلت له: بالنسبة إليك أظن أن العنوان هو نفسه لكن مع تبديل آخر هاء منه بحرف الراء هذا إذا كنَا نستطيع اعتبار هذا العمل "تفكيرا"..
رد بلا مبالاة: على الأقل أنا أفكر بشيء موجود عندي وهذا أفضل من التفكير من شيء لن تملكه أبدا كما تفكر أنت !!
نظرت إلى الكليب ثم إليه بشرود وفي نفسي كان مخي يتساءل: ماذا يقصد؟ هذا المستهلك الصغير الحقير!