ظل البحر يشكل لفترة طويلة سراً أراد الصيادون كشفه وسبر أغواره متسلحين بشجاعتهم وإيمانهم بقدرهم ليغوصوا فيه ويحللوا ألغازه التي شغلتهم طويلاً قبل أن يصبح اكتشاف أعماقه رياضة يمارسها محبو البحار.
يقول العم بهاء الدين حوراني وهو صياد قديم إن الصيادين لجؤوا للغوص قبلاً للتعرف على الكائنات البحرية عن قرب واكتشاف طرق جديدة للصيد إضافة للبحث عن اللؤلؤ والمرجان الذي انتشرت شائعة بوجوده إلى جانب الذهب في أعماق البحر والغوص قديماً كان أصعب وأكثر خطورة مقارنة بممارسته السهلة في أيامنا هذه فالبحارة كانوا يدفعون القوارب الخشبية البسيطة إلى عرض البحر مهللين بأناشيده متسلحين بأدواتهم البسيطة وعزيمته الصلبة وهذه الأدوات كانت عبارة عن مشبك يضعه الغواص على أنفه كي لايدخل الماء إلى جوفه وأيضاً هناك أنبوب مصنوع من القصب المجوف ونظارات لحماية العينين مصنوعة من جلد السلاحف المصقول.
ويتابع شرح عملية الغوص القديمة قائلاً إن الغواص كان يعتمد على ربط كتلة معدنية في إحدى قدميه لتساعده على الغوص وعدم الطفو ويعد الحبل الذي يربط الغواص برفاقه على السطح من أهم الأدوات المستعملة للتواصل اذ يجب أن يكون متيناً وطويلاً ولاننسى استخدام الصيادين مجموعة من الحركات بواسطة الحبل وهي بمثابة شيفرة فيما بينهم فإشارة واحدة يعني إنزال أكثر إشارتين تعني أن يرفع قليلاً للسطح وهكذا..
وينوه العم بهاء بأن الغواص يجب أن يتمتع بصحة جيدة جداً ونفساً طويلاً لأن رأسماله الوحيد هو قدرته على حبس أنفاسه لأطول فترة ممكنة ولا ننسى أن الغواص كان يأخذ معه كيساً كبيراً من الخيش المتين لجمع ما يتيسر له من خيرات بحرية إضافة لسكين حادة درءاً لأي خطر محتمل.
وكما دخلت التكنولوجيا لجميع مجالات حياتنا فقد وصلت أيضاً لمعدات الغوص التي تطورت بدورها ودخلت عليها أدوات جديدة جعلت من الغوص رياضة أكثر سهولة وأمان وباتت تمارس في كثير من دول العالم ومن بينها سورية.
وذكر لنا علي داوود وهو صاحب محل لبيع أدوات الصيد والغطس ومشرف على رحلات غوص بحرية أيضاً أن الغوص هو متعة حقيقية اذا توفرت له شروط السلامة والخبرة المطلوبتان فهو يساعد في التعرف على البيئة البحرية وتصويرها ومراقبة مخلوقاتها عن قرب وبالعين المجردة.
وللغوص نوعين الأول غوص حر تستخدم فيه زعانف ونظارات وقصبة فقط وهو قريب لا يتعدى عدة أمتارعن سطح البحر أما النوع الثاني فهو لأعماق أكبر ويسمى سكوبا ويحتاج معدات متطورة كنظارة الغوص المزدوجة الصقل وأنبوب التنفس والزعانف وأجهزة التحكم بالطفو وأجهزة أخرى لضبط التنفس تحت الماء ولا ننسى أسطوانة الغوص والمنظمات إضافة لمقياس ضغط الماء.
ويؤكد علي أن الغواص يجب أن يتقن السباحة بشكل مقبول لأن السباحة تمارس فقط على السطح أما في الأعماق فتكون الحركة بشكل أفقي وليس عمودي كما هي على اليابسة مع العلم أنه لاتوجد جاذبية أرضية داخل مياه البحر ويحبذ ألا يتناول الغواص أي نوع من الأطعمة قبل البدء بالغوص والاكتفاء بوجبة خفيفة اذا اضطر الأمر كما يجب ألا يكون الغواص مصاباً بأي مرض في جهازه التنفسي أو في دورته الدموية من ضغط وغيرها فهذه الرياضة تحتاج لقلب شجاع وأعصاب قوية وقدرة على ضبط النفس والتصرف بحكمة إزاء أي حادث يحصل داخل أعماق البحر.
وينصح جميع الراغبين بممارسة رياضة الغوص اتباع دورات غوص مبدئية ودورة في الإسعافات الأولية والإنقاذ كما أنه يفضل أن تمارس هذه الرياضة على شكل مجموعة من ثلاثة أشخاص يقودهم خبير قادر على مراقبة مرافقيه ومتابعة حالتهم في حال حصول أي ظرف فالغوص الفردي غير محبذ لأن البحر غدار كما يقولون.
ومن النصائح المتبعة والتي يشدد عليها خبراء الغطس عدم الكلام أبداً تحت الماء والاكتفاء بالإشارة فقط والتأكد من جاهزية الأدوات قبل البدء بالغوص ويجب على الغواص العودة إلى السطح فوراً بمجرد شعوره بالارتباك أو بضيق في التنفس أو عدم صفاء الذهن أو وجود آلام في الصدر كيلا يحصل الإغماء داخل المياه ويفسد عملية الغوص له ولزملائه.
وينوه علي بضرورة الحفاظ على سلامة البيئة البحرية وتنبيه الغواصين لعدم المساس بها وأذيتها والاكتفاء بالاستمتاع بالإنصات للأصوات المختلفة داخل الأعماق البحرية ومشاهدة أسراب الأسماك المتنقلة إضافة لروعة الأعشاب البحرية وهي تتمايل تحت أشعة الشمس المتسربة إليها من السطح.( سانا).