اشتداد حدة المنافسة و الاهتمام المتزايد هذه الأيام بكرة القدم و بتصفيات كأس العالم 2010، و بكأس القارات، و منافسات كروية أخرى شاركت فيها المنتخبات العربية، كلها أمور جعلتني أنتبه إلى ما أسميه الغرور الكروي العربي، أو جنون العظمة لدى الجمهور و المعلقين و المحللين الرياضيين على حد سواء.
فكل هؤلاء، لا يقبلون الواقع، و لا يعترفون بالحقيقة أبدا، و هم أبعد الناس عن الموضوعية، و إن كان جمهور المناصرين معذور جدا في سلوكه هذا، فإن الصحافة الرياضية العربية غير معذورة أبدا في انحرافها عن خط الموضوعية، بما تتضمنه من معلقين و مراسلين و محللين مختصين.
مع كل مباراة يربحها منتخب عربي، تنطلق هتافات التبجيل و التعظيم للمنتخب و أفراده، أي اللاعبين، و قد يتم تقديم الشكر و التقدير للمدرب إذا كان من نفس جنسية الفريق، أما إذا كان أجنبيا، فالتجاهل هو مصيره، أو على الأقل التقليل من شأن عمله و مجهوده المبذول، فقد حدث أن قيل عن أحد المدربين الأجانب لفريق عربي فاز في إحدى المباريات، بأنه أحسن اختيار اللاعبين المتميزين، أي أن تميز اللاعبين ليس بفضل المدرب و تعبه على تدربيهم، بل هم أصلا خلقوا متميزين، و المدرب فقط قام بانتقائهم.
أما إذا حدث و خسر الفريق العربي المباراة، فإن المدرب الأجنبي خاصة هو الشماعة التي تعلق عليها كل الأخطاء، و يقوم بهذا التعليق كل من الجمهور و الصحافة الرياضية التي عودت هذا الجمهور على عدم تقبل الخسارة بروح رياضية، و حجبت عنه النظر في مرآة الواقع.
بعد خسارة المباراة، تتعالى الأصوات المنادية بطرد المدرب و يتم نعته و معايرته بأبشع الصفات، كأن يعايرونه بأنهم صرفوا عليه أموالهم الطائلة بدون جدوى، مع أن الأجدر بهم أن يعترفوا أحيانا بتدني مستوى لاعبيهم، مستوى لا ينفع معه مجهود مدرب عالمي في وقت قصير، لأن المدرب لا يملك خاتم سليمان و لا فانوس علاء الدين السحري.
و قد يفسر سبب الخسارة على أنه تهاون و عدم بذل مجهود من طرف اللاعبين، يقال هذا حتى لا يتم الاعتراف بقوة الخصم و ضعف الفريق العربي.
إن انحراف الصحافة الرياضية العربية عن خط الموضوعية أراه نموذجا مصغرا لابتعاد الصحافة العربية ككل عن هذا الخط، و لرفض المجتمعات العربية أو الإنسان العربي للواقع كما هو، و محاولته المستمرة للكذب على النفس قبل الكذب على الناس.
**ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr