آخر الأخبار

من طفل صامت منعزل إلى ناطق بثلاث لغات

لايزال مرض التوحد من بين الأمراض التي لا تحظى بنصيب وافر من التوعية بها بحيث يكاد الوعي يقتصرعلى الأطباء والباحثين النفسيين إضافة إلى أصحاب المأساة أنفسهم.

قسوة التجربة هي ما يجمع ذوي الأطفال المتوحدين في سورية ممن التقتهم نشرة سانا الصحية لكن الذى يفرقهم يبدو أهم بكثير وهو التطور اللافت الذي طرأ على بعض المتوحدين دون نظرائهم.

وفي أحدث حالات التطور اللافتة كان الطفل السوري إيفان الذي تحول خلال تسعة أشهر من متوحد عديم التواصل البصري والكلامي إلى طفل يتكلم بلغات ثلاث مندمج مع ومن حوله.

وكانت تجربة الكيميائية والمخترعة السورية هيفاء كيالي التي استطاعت شفاء ابنتها من المرض هي التجربة الأكثر حسما للجدل بين مؤيدى العلاج بالأدوية بطىء النتائج وبين مؤيدى العلاج الطبيعي الذي تثبت التجارب الموثقة بالصوت والصورة أنه أكبر وأسرع جدوى.

وقالت السيدة سهام عن ابنها المتوحد ذي الأعوام العشرة: "كانت صدمتنا كبيرة عندما لاحظنا على طفلي انعدام التأثر بالمحيط منذ ولادته وقد استمرت الصدمة ثلاث سنوات لم نفعل شيئا خلالها إلا تعويد أنفسنا على صراخه المستمر وعناده.. لم نكن ببساطة نعرف بهذا المرض ولا إلى أين نلجأ لتشخيصه، وبعدما أجمع أطباء ابني على كونه متوحدا أصبحنا زبائن يوميين لدى خبراء تعليم النطق والتواصل، واستفاد ابني بعض الشيء لكني مازلت آمل في حدوث معجزة".

أما أم داني فتعترف بأن من حولها ساهموا في إحباطها بادىء الأمر من إمكانية شفاء ابنتها لكنها تؤكد إصرارها على متابعة الحالة رغم ما تنفقه في سبيل ذلك في مدارس وجمعيات رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والتي قطعت شوطا مهما في سورية أفضت إلى دمج 37 طفلا توحديا هذا العام في المدارس العادية.

من جهتها تقدم السيدة روشين مثالا غير مسبوق في النتيجة المذهلة التي أدت إليها رعايتها لابنها إيفان (5 سنوات) بالاعتماد على حمية ونظام غذائيين إضافة إلى وصفة من الأعشاب الطبيعية بإشراف الدكتورة هيفاء كيالي وهي تجربة تراها السيدة هيفاء أهم في نتائجها من تجربتها الشخصية مع ابنتها نيفين دلول التي نالت في طوكيو عام 2004 الجائزة الأولى كأصغر مخترعة لابتكارها ساعة أطفال مدرسية.

وتصف الدكتورة كيالي في حديثها إلى نشرة سانا الصحية تجربة إيفان بأنها نتيجة خارقة خصوصا بالنسبة إلى ما استغرقته من وقت لافتة إلى تضافر عوامل النجاح من علاج طبيعى وجهود حثيثة من الأم إضافة إلى الإشراف الطبي.

وتقول الدكتورة التي نالت الميدالية الذهبية من السيدة أسماء الاسد في حفل تكريم الأمهات عام 2006: يخطىء أهل الطفل المتوحد عندما يعتقدون بإمكانية رمي العبء عن كاهلهم والاكتفاء بمدارس الرعاية الخاصة، فمتابعة الأهل لأبنائهم بأنفسهم وخطوة خطوة لها أهمية كبيرة، والأهم من ذلك إيمانهم بأنه لا داء دون دواء.

وتلفت الدكتورة إلى أن الأميركيين روجوا للنظام الغذائي كحل لعلاج التوحد، لكنهم بعد ذلك أوقفوا هذا النظام رغم فعاليته وذلك لصالح أغراض ربحية بحتة تمثلت في محاولة زيادة مبيعات أدويتهم مضيفة أن عماد علاجها هو الغذاء المكون من التمر الذي يحوي جميع الفيتامينات والمعادن الأساسية واليقطين الذي يعالج ضمور الحواس والضمور العقلي وقد ورد ذكره في القرآن الكريم إضافة إلى الجوز الذي له فوائد عظيمة للدماغ فضلا عن أنها ثمرة تشبه الدماغ بتلافيفه وسائله الأبيض.

وخلافا لما يراه الأطباء من صعوبة في تبيان سبب الإصابة بالتوحد، تؤكد الدكتورة كيالي من خلال قصص مرضاها أن استقصاء الحالة يكون بالعودة إلى فترة الحمل أو ماقبله ومعرفة ما إذا كانت الأم تناولت أدوية كيماوية محرضة على الإباضة أو ابتلعت خلال الحمل كمية من الرصاص لدى زيارتها طبيب الأسنان، أو تناولت طعاما ملوثا أو دواء ما، كما أن سبب الإصابة قد يكون حدث خلال الولادة، فثوان من نقص الأكسجة قد تحدث خللا دماغيا للوليد كما أن جفاف ماء الرأس يسبب للوليد جفافا قد يؤدى به للمأساة نفسها.

ولا تقتصر وصفات الدكتورة كيالي على مرضى التوحد فحسب، بل تتعداها إلى المصابين بالمنغوليا والشلل الدماغى، وهنا تقول: طورنا الأعشاب لتصبح قادرة على شفاء هذه الحالات التى يخيل للناس أنها مستعصية وأثبتت تجاربنا إمكانية تغيير شكل الجمجمة لدى المصاب بما يطور قدراته الإدراكية والتواصلية.

وفي اتصال هاتفي تلقته الدكتورة خلال اللقاء قالت المصرية هزار عبد العزيز أحمد (أم لطفل منغولي) إن الوصفات المذكورة حققت نتائج باهرة مع طفلها خلال أيام تمثلت في شد عضلات طفلها خصوصا رقبته وأطرافه بعد أن كانت مرتخية تماما كما أنه بات قادرا على الإمساك بالأشياء وإدراكها جيدا والتجاوب مع التعبيرات من حوله والتعرف إلى الأشخاص.

وتشير الدكتورة كيالي إلى أن التجارب الناجحة لمرضاها ولاسيما تجربة إيفان ستعرض جميعها بالصوت والصورة على موقع (طريقك إلى الحقيقة) على الإنترنت ليتم بعدها النشر على جميع المواقع الإلكترونية العالمية المعنية.

تقول السيدة روشين: أمضى إيفان أربع سنوات من عمره دون لفظ أي كلمة حتى من قبيل ماما وبابا، وكان منعزلا عن أقرانه لا يختلط بأحد، بقاوءه فترة طويلة على هذا الحال احبطني خصوصا عندما كنت أسمع الناس من حولي يقولون إنه لا أمل في الشفاء.

وتضيف: بدأ العلاج باتباع حمية تستبعد الحليب ومشتقاته وكذلك القمح ومشتقاته والسكر ثم باتباع نظام غذائي قوامه التمر والجوز واليقطين، وبعد ذلك بأسبوع بدأت أولى وجبات الأعشاب وخلال أيام قليلة لاحظت أول دلائل التحسن عندما بدأ ابني يشير بإصبعه إلى الأشياء.

ولفتت روشين إلى أنها عرضت ابنها على اختصاصية نطق أوضحت لها أن إيفان لن يتعلم الكلام إذا ظلت أمه تحدثه بالعربية والكردية معا، لكن الدكتورة كيالي عززت ثقة الوالدة بأن استجابة ايفان للعلاج تمكنه من تعلم اللغتين معا بل وتعلم الإنكليزية أيضا ما دفع بالأم إلى استخدام كتب سلسلة (غيستل غو) التي يدرسها الأطفال في سورية، إضافة إلى لجوئها أساسا إلى كتب تعليم العربية الخاصة برياض الأطفال.

وثابرت روشين على تصوير ابنها خلال مراحل التعلم، إذ تبدو قراءته للاحرف بالإنكليزية والعربية واضحة وقد وصل الآن إلى المستوى الثالث من السلسلة الإنكليزية، إضافة إلى حسن تواصله مع أمه بالكردية كما ظهر وهو يقرأ الأرقام ويكتبها على لوحه الصغير ويكتب أرقام هاتف والده على الجوال ليجري معه اتصالا.

وأظهر إيفان بالتزامن مع هذه التطورات قدرة على الإندماج والتعبير عن السعادة مع أطفال أسوياء واهتماما بالألعاب والكرة خصوصا بعد أن كانت لاتجذب انتباهه.

يشار إلى أن المرض اكتشف عالميا عام 1947 وعرفه الأطباء بأنه إعاقة تظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل وتستمر معه وتحول دون استيعابه للمعلومات ومعالجتها ما يفقده القدرة جزئيا أو كليا على التواصل مع المحيط أو حتى استخدام ما فيه من أدوات وتتمثل الأعراض بعجز الطفل عن الكلام أو إصدار أصوات غير مفهومة كثيرا ما تكون على شكل ضجيج غير واضح الأسباب إضافة إلى عدم قدرة الطفل على التعبير عن أي شكل من أشكال الشعور أو الاستجابة الطبيعية عدا كونه مفرط النشاط قليل النوم غالبا.

ويقر الباحثون على مستوى العالم بعدم قدرتهم على التوصل لسبب معروف لهذا النوع من الإعاقة وإن كانت الأبحاث الجارية تتناول دراسة الجوانب البيولوجية والعصبية والجينية بعد أن ثبت عدم صلة العامل الوراثي أو البيئة النفسية للطفل بالتسبب في الإصابة. (سانا)