قرية "عرامو" التي تذخر بالمواقع الدينية التاريخية للديانتين المسيحية والإسلامية، امتلكت نموذجاً مصغراً ومكثفاً لواقع الحال في سورية، ومثلت للعالم شكلاً فريداً حضارياً من أشكال التعايش بين الأديان حيث يقع أحد المواقع النادرة التي تجمع الديانتين الإسلامية والمسيحية تحت سقف واحد فيما يسميه المسلمون بمقام الخضر في حين يطلق عليه المسيحيون من أبناء الطائفة الأرمنية بدير القديس "جاورجيوس"..
حيث حفر في جرف صخري يبعد قرابة مئتي متر عن منازل القرية، وهو مؤلف من عدة مغاور بعضها طبيعي، وبعضها مبني، وقد وصفه الباحث "جمال حيدر" في كتابه "اللاذقية وأهم المعالم الأثرية والسياحية" قائلاً:
«خمسة كهوف بعضها طبيعي، وبعضها الآخر منحوت أو جرى توسيعه بأشكال منتظمة، وأكبر هذه الكهوف حولت إلى كنيسة مهداة إلى القديس "جاورجيوس" أما بقية الكهوف فإنها تمتد إلى الشرق والغرب من هذه الكنيسة».
كما بنيت كنيسة أخرى من الحجر بالقرب من ذلك المقام سميت بكنيسة السيدة العذراء، في حين ضم أيضاً مقام الشيخ "عبد العزيز" ومقام "الخضر"، مشكلاً محجاً لديانتين مختلفتين، ولكنه أيضا يثبت كم هما منصهرتان وكيف استطاع أبناء المنطقة أن يجعلوا منها مثالاًً ومحجاً للدارسين الذين اختلفوا في تفنيد مرجعية ذلك الموقع في حين استطاع أهله الاتفاق على كلمة واحدة وهي "إله واحد"».
يقول أحد سكان المنطقة:
«هذا المقام نسميه نحن مقام "الخضر"، ويسميه إخوتنا المسيحيون مقام "مار جاورجيوس"، وقد اعتدنا على ممارسة طقوس ديانتنا هناك دون أن يتدخل أحدنا بالآخر، فلهم أعيادهم، ولنا أعيادنا، وبل نحن أيضاً نشاركهم أعيادهم التي تعنينا، كعيد السيدة العذراء "مريم" عليها السلام، فنعيش بهذه الطريقة منذ مئات السنين، ولم يسبق أن اختلف أبناء القرية على هوية هذه الأماكن رغم التدخلات الخارجية، وخاصة من دول أجنبية تسعى إلى دعم فئات على حساب أخرى، ورغم ذلك كله فنحن متحابين، ولا نختلف أبداً».
المقام الديني الذي وضع بابه باتجاه القبلة وضعت على ذلك الباب صلبان ترمز إلى الديانة المسيحية، أما في داخله فقد خصص المكان الأيمن للديانه المسيحية، وخصص أيسره للديانه الإسلامية، ولذلك لم ندخل في سجالات عن أصل المكان، بل كان واضحاً أن ما يعني أهل القرية هو أن يبقى محافظاً على طابعه دون تدخل من أحد.
ويقول أحد أبناء الديانة المسيحية وهو المعمر "دروس دروس" المعروف بـ"أبي اغوب" الذي أشاد بالتعايش بين الديانتين قائلاً: