مثل غيري، جلست أمام الشاشات (محترماً الجزيرة تحديداً، وليس في الأمر مجاملة!)، في انتظار ساعة الصفر، وانتهاء مهلة الـ48 ساعة. وحانت الساعة المشؤومة، ولم يحدث شيء، مما حدا بأحد المراسلين، أن يتوقّع تحوُّل الإدارة الأمريكيّة، إلى المفاجأة في التكتيك، طالما ضاعت مفاجأة توقيت الحرب، لأن الطفل الذي وُلِد بعد فجر الثلاثاء 18 مارس، عرف متى سيكون يوم الحرب. وعندما مرّ الوقت دون حدوث الضربة، مع التأكُّد التام عبر مراسلي الجزيرة ، في البيت الأبيض و البنتاجون وقاعدة السيلية في قطر (حيث القيادة المركزيّة للقوات المقاتلة في المنطقة)، أن قاعات المؤتمرات الإعلاميّة خالية وصامتة، قرّرت الخلود للنوم. وعندما استيقظت بعد بضعة ساعات، علمت بنبأ الحرب من مؤشّر القناة الرائدة نفسها، التي أشرت إليها، وعلمت أن سلطان النوم قد اعتقلني، قبل صافرة الإنذار الأولى بدقائق معدودة.
المهم في تلك اللحظة، قد امتلأ رأسي الصغير بأفكار ووساوس لا حدود لهما، واختزنت أيّما اختزان، بما يتجاوز خزن الأسلحة الأمريكيّة، بالقرب من دوحة قطر. كنت أرغب بشدّة، في التفرُّغ على طريقة شيوخ التصوُّف، لفعل أشياء كثيرة، تبدأ بالتأمُّل وتنتهي بتدبيج بحوثٍ، تُهمّ من يهمّه الأمر. لكن لم يحدث أيّ شيء، غير ذهابي لعملي في الصحيفة التي أعمل بها، حيث يسرقك الوقت، دون أن تكتب حرفاً واحدة على شاشة، أو حتّى ورقة صغيرة تافهة.
من بين تلك الأفكار/الوساوس، ما خرج إليكم في صدر العنوان. أمّا لماذا (؟)، فهذا هو السؤال، الذي يجب أن نطرحه على الإمبراطور جورج بوش، ويجوز أيضاً عدم طرحه... وستفهمون لاحقاً، فقط لنتسلّح بالصبر، طالما ليست لدينا أسلحة دمار شامل (!).
[#].....................
برزت إلى جمجمة خيالاتي، في إطار الأفكار/الوساوس، صورة محدّدة وواضحة، ظهر فيها الرئيس العراقي صدّام حسين، برفقة ولديه عدي وقصي، وأبناء عمومته في الحكم، وبقيّة أفراد أسرته (حتّى الرُضَّع!)، ولم ينسَ أعضاء مجلس قيادة الثورة (أعلى هيئة قياديّة في دولة العراق)، وهم يطلبون الدخول إلى المكتب البيضاوي، في البيت الأبيض الأمريكي، بالعاصمة واشنطن دي. سي، حيث يتواجد بالطبع الرئيس العبقري جورج دبليو بوش، وبعض حاشيته من مقصيي شركات النفط والسلاح.
وإليكم هذا الحوار:
صدّام: عممت صباحاً سيِّدي الرئيس.
بوش: من... صدّام، ما الذي أتى بك؟
صدّام: جئت أسلِّم نفسي.
بوش: وما هذه الشرذمة التي معك؟
صدّام: إنّهم أهلي وحاشيتي.
بوش: جميل. وأين سلاحك الذي تخفيه، وكنت تنوي تدمير إسرائيل وجيرانك به؟
صدّام: كلّ شيء موجود في جهاز كمبيوتر، لدى ابني قصي.
بوش: وكيف أضمن ذلك؟
صدّام: سنقدِّم مجسّمات الأسلحة ومرفقاتها بعد 24 ساعة فقط، في الدولة التي تختارونها، من أجل التسليم.
بوش: جميل... جميل.
** لا داعي لا ستكمال المتبقِّي، من جزئيّة المجاملات في الحوار، والمداخلات الجانبيّة الحقيرة، من مناقير الصقور في إدارة بوش، الجالسين معه في المكتب البيضاوي... المهم، ماذا سيحدث (؟).
[#].....................
هل تنتظرون بعد تلك الصورة الحواريّة إيّاها، أن تتوقّف الحرب (؟).
أقول وأنا أقسم بجلالة الذي خلقني ووهبني نعمة العقل والصحّة، بأنّ الإمبراطور الصغير بوش، سيشنّ حربه على العراق، وسيحقِّق استراتيجيته التي لا تخفى على فطن، طالما جاءته الفرصة إلى غرفة نومه.
لكن، لي سؤال مهم ومهم جدّاً: من ينقذ أمريكا من بوش وطغمته، خصوصاً وكلّ شروط إقصائه - كالتي فعلوها مع إدارة صدّام - متوفِّرة بوفرة الجبروت الأمريكي الزائف (؟).