آخر الأخبار

"ليث شبيلات"..لا تبالي..!

من المعروف أن أحد معايير تقدم المجتمعات هو حرية الانسان في التعبير عن رأيه, فحرية التعبير عن الرأي مقدسة كباقي الحريات التي من المفروض أن تكون أحد سمات المجتمعات الحضارية.ومن المعروف كذلك أن احترام الرأي الاخر وقبوله والرد عليه بصورة حضارية من بديهيات صور الديموقراطية, ومن هنا يجب علينا أن نقوم بنبذ القاعدة التي تقول ان تختلف معي في الرأي فأنت ضدي, فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. لماذا نصر في مجتمعاتنا العربية والاسلامية أن نقوم بالابتعاد عن كل ما يمت بصلة للحضارة وتقدم البشرية والديموقراطية؟..الى متى سنبقى متخلفين فكريا وحضاريا؟..ألم يحن الوقت لنقول للعالم كله أننا من صنع الحضارة في وقت كانت فيه البشرية تعيش في ظلام دامس؟..لماذا نحارب كل من يحاول أن يقول للمخطىء أنه مخطىء وعليه تقويم نفسه؟..لماذا نحارب حرية التعبير عن الرأي وكأنها عدونا اللدود؟. حرية التعبير تعتبر من معالم الديموقراطية, الا أن هنالك اختلافا على المديات التي تأخذها الحرية لاسيما في الدول حديثة العهد بالتحولات الديموقراطية, فمن جهة تسعى الدولة الى تقنينها بدعوى المحافظة على الأمن القومي وأخلاقيات المجتمع، في حين يرى البعض أن تقييد الحريات ومنعها أو استخدام مسوغات ومبررات أمنية وأخلاقية هي بداية للاستبداد والحكم الفردي وليس ثمة تعايش ما بين الوصاية التي تدعيها الدولة على الشعب، الذي هو مصدر السلطات والديموقراطية التي هي توأم الحرية وان الأفكار المعارضة أو المخالفة يمكن مواجهتها بمثيلها من الأفكار, ولا يمكن استخدام القمع الفكري لاثبات صحة هذه الفكرة أو تلك, ويذهب البعض الى أن الديموقراطية تقوم على فكرتين أساسيتين هما المساواة والحرية ولا يمكن الفصل بينهما حيث أن المساواة تستدعي احترام عقل الانسان والحرية هي المجال الأوسع لتطوير عقل الفرد من خلال الحوار والنقاش والتواصل واحترام الرأي الاخر. قبل أيام قلائل نشرت وسائل الاعلام المختلفة نبأ تعرض المهندس ليث شبيلات للضرب من قبل جماعة مأجورة مارقة ورخيصة..ومن المعروف أن شبيلات معارض اسلامي وطني أردني وكان رئيسا لنقابة المهندسين الأردنيين وعضو في مجلس النواب الأردني, ويشغل منصب رئيس لجنة مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني ومناهضة الصهيونية والعنصرية في الأردن. وبحسب شبيلات يعود سبب الاعتداء عليه الى الانتقادات التي وجهها للأردن على قناة الجزيرة الفضائية مؤخرا بسبب اتفاقية السلام مع "إسرائيل", والمحاضرة الأخيرة التي ألقاها في أحد التجمعات الثقافية انتقد خلالها الفساد المستشري في الأردن. وبالعودة الى حيثيات الاعتداء نلاحظ أنه يتطلب جرأة وتخطيط في غاية الدقة من قبل من قاموا بالاعتداء على شبيلات حيث تمكنوا من التنفيذ والفرار من المكان بسلاسة من مكان مزدحم بالمارة والأجهزة الأمنية ودوريات الشرطة ولم تتم ملاحقتهم, وهذا الأمريثير الكثير من التساؤلات ويبقيها معلقة, هذه التساؤلات تنتظر نتائج التحقيق الذي وعد به من يقف على رأس هرم وزارة الداخلية. قد يقول قائل بأن شبيلات قام بتمثيل الاعتداء عليه مع تخطيط مسبق مع المعتدين وذلك من أجل العودة الى الحلبة السياسية التي غاب عنها وبارادته, ولكن هذه المقولة تبتعد تمام البعد عن الحقيقة لأن الرجل يمتلك الكثير من الامكانيات التي تؤهله وبجدارة الى العودة وبقوة فائقة الى الأضواء والحراك السياسي. الأمر الأكثر ترجيحا أن السبب في الاعتداء على شبيلات هو سياسي من الدرجة الأولى وبعلم مسبق من بعض الساسة المرموقين, والهدف من وراء ذلك هو تذكير هذا المعارض المحنك أنه محاصر فكريا وعليه الكف عن تصريحاته النارية والتي أدخلته السجن مرات عديدة. لا أريد الدخول في تفاصيل ملابسات وأسباب الاعتداء على شبيلات ولكن الأمر الأهم لماذا لم تنجح الأجهزة الأمنية حتى الان في الكشف عن هوية المجرمين ومن يقف من خلفهم..لو كان المعتدى عليه سائحا غربيا أو صهيونيا لقامت الدنيا ولم تقعد ولتم الكشف عن الفعلة خلال فترة وجيزة جدا ولتم انزال أقسى العقوبات بحقهم. من المعروف عن ليث شبيلات بأنه من أكبر المعارضين الأردنيين لبعض الخطوط السياسية للنظام الحاكم والحكومة وخاصة توقيع معاهدة وادي عربة سيئة السمعة والصيت, تلك المعاهدة التي كان المستفيد الوحيد منها هو العدو الصهيوني, ويوجد في الأردن الملايين من"شبيلات", ومن هنا فان الاعتداء عليه يعتبر اعتداء على كل الوطنيين الشرفاء الأردنيين. وفي الختام أقول, مازالت حرية التعبير عن الرأي أسطورة بل خرافة في البلاد العربية يضحكون بها على الشعب, والذي لا يصدق فهو أعمى البصيرة والقلب, ورغم كل ذلك علينا جميعا القول وبصوت عالي ومدوي, لا لسياسة كبت الأفواه, نعم لحرية التعبيرعن الرأي واحترام الرأي الاخر, والنصر حليف الأحرار. والى المناضل العنيد شبيلات أقول ما قاله المناضل الفلسطيني الراحل غسان كنفاني:"لا تمت قبل أن تكون ندا".

-القدس المحتلة