آخر الأخبار

فيصل القاسم و الإتجاه غير المعاكس

مكونات أزمة العرب في الحاضر تتمثل في مثلث تتساوى أضلاعه أحياناً و تختلف بحكم قانون الحياة و الحركة ، و أضلاعه هي النظام السياسي العربي و الغرب الاستعماري بأنماطه و بنية السلوك و الوعي لدى الأغلب الأعم من العرب .
فأما النظام السياسي العربي فحدث و لا حرج عنه و قل فيه ما لم يقل مالك في الخمر و الكلام صحيح ، لكني برغم كوني مجروح في سوريتي لا أستطيع الوقوف متفرجاً أمام من يضع نظام سورية في سلة واحدة مع أي نظام عربي آخر لأسباب عديدة و برغم انتقاداتنا لحالنا في غير مكان و خصوصاً ظاهرة الفساد الاداري و تحولها إلى نمط حياة ادارية ثم ابتلائنا بمنهج اقتصادي جديد يقلع العين بدل مداواة الرمد الا أننا نرى ما يلي :
1- سورية لازالت سداً قوياً في وجه الصهيونية .
2- سورية لازالت سداً قوياً ضد التطرف الديني .
هاتان المعادلتان مركزيتان و تتشعب منهما قضايا رئيسية و مهمة في تحليلنا لنظامنا السياسي و دوره في حياتنا كمواطنين بحيث نبني عليهما (الأمل السياسي) المستشرف للمستقبل الذي يستحقه كل شعب على هذه الأرض .
صحيح أننا لا نقول هذا بصيغة من تحمر يداه تصفيقاً لكننا على استعداد للدفاع عن هذه الحالة بالغالي و الرخيص فالتصفيق برأينا لم يعد هو المطلوب و ما يجب أن يحل مكانه ( إثبات الموقف بعدم الانحراف و طرح وجهات النظر )

لازالت تزعجني تلك الحلقة الأخيرة من برنامج فيصل القاسم الاتجاه المعاكس حيث خير فيها مشاهدي برنامجه (عدة ملايين ) بين عودة الاستعمار و النظام السياسي العربي !
و بالفعل صوت لصالح عودة الاستعمار 68% من المشاهدين حتى قبل أن تبدأ الحلقة (السيئة في مبدئها) .
و سأقول للقارئ الكريم الذي كان قبل نصف ساعة يتابع كلمة السيد حسن نصرالله في واحد من أهم خطاباته مطلقاً و يرى كيف أن هذا الرجل القائد الصادق الذي لم يكذب علينا أبداً يحول قادة العدو إلى الانكباب على خرائطهم ومعطياتهم
ومؤسساتهم المختلفة لتقييم كل كلمة قالها و هم يعرفون جيداً أن زمن (أحمد سعيد) قد ولى و أن الريح الشمالية بطعم آخر!
بعد الكلمة على الفور يخرج اتجاه الدكتور فيصل المعاكس في أسوأ حلقة على الاطلاق بين الألف حلقة التي بثها و يخير الناس أن يأكلوا من قصعتين نحن نعرف و نوافق أن الموت الزؤام نصيب من يأكل منهما أو من أيهما الا عندما تصل مراكب العقل إلى ..... سورية ! نعم إلى النظام السياسي السوري ... للسببين الذين ذكرناهما أعلاه و لن نعيد حتى لا يبدو تصفيقاً ...
هذا اتجاه غير معاكس يا استاذ فيصل و لازلت أذكر كلام والدي رحمه الله لي بعد احدى حلقات الاتجاه المعاكس التي اشترك فيها محاوراً للهارب إلى اسرائيل سعيد جلال - و قد هرب من جيرانه بعد الحلقة - أنه قال : لم يكن محاوري هذا الشخص ولو كنت أعلم لما اشتركت في الحوارية ..
فهل المطلوب أن ترفع الادرنالين فقط ؟
هل نتعاكس إلى درجة أكل السم من قصعتين ؟
هناك دائماً اتجاه ثالث و خيار ثالث و رابع و نريد لوطننا و لنظامنا السياسي تحقيق الأمل السياسي المعقود عليه و نعرف أن الصعود إلى القمة مرهون - حالياً - بضرب الفساد بقوة و تعديل المنهج الاقتصادي الخطير الذي يقوده النائب الاقتصادي الذي يظن أنه على الدرب الصحيح .. فرافعة سورية كما نعرفها دوماً كانت شريحة الطبقة الوسطى و الفقيرة و المكان واسع للآخرين الذين يضعون مالهم في الاستثمار الحقيقي و ليس في استغلال انفتاح تجاري قد يتحول إلى انكشاف اقتصادي اذا استمر الحال على ما هو عليه ، الأمر الذي سيطلب عندها علاجات اسعافية لتبقى سورية هي سورية .