وشتان بين زمان العزة وعصر العار، شتان مابين الأصل والتشبه، كان هناك فارس يمتطي فرس يستل سيف للذود عن أرضه وعرضه، وفرسان هذا العصر بوجوههم الكالحة وحميتهم الخنزيرية البليدة، لا يحرك فيهم انتهاك العرض واحتلال الأرض ساكنا، فقد تجمدت الكرامة السالفة واختزلت في أيدلوجية انحطاط الواقعية، فانتقل قلم التاريخ ليسجل بعد إرادة الكر همجية الفر، كانت الغيرة على المقدسات تتدافع من اجلها الأرواح، حتى عصر العار وتسييس المقدسات فتداعت على أشباه العرب والمسلمين الأمم التي طالما شهدت لهم بأنهم السباقون في جميع المجالات العلمية والفنون خاصة فنون القتال للدفاع عن الكرامة والمقدسات، فلم يعد حتى علماء أشباه المسلمين يترددون في الدفاع عن الأصنام البوذية، وعندما يتعلق الأمر بالمقدسات العربية الإسلامية تجدهم كما الأصنام المبرمجة لا يجيدون سوى فقه الثرثرة التي لا تردع اضعف الأعداء، وتفتح الفضائيات أبواقها على مصراعيها لفقه الثرثرة وتنفيس الغضب الشعبي وصولا إلى هدف إخماد عاصفة الغضب مع استمرار الأعداء بتنفيذ مخططاتهم الصهيونية البشعة، وتحول القضايا عبر تلك الفضائيات المشوهة المشبوهة إلى محفل جلد في جسد الأنظمة العربية الميت، ويترك العدو لينهش في جسد الأوطان العربية المحتلة ويدنس مقدساتها، إنها مؤامرة شاملة على إنساننا العربي والمسلم ومقدساته، بأسلحة أدعياء العروبة والإسلام اشد فتكا من أسلحة العدو الصهيوني، ونرى الجميع الحابل والنابل من على نوافذ الفضائيات المشبوهة يصرخ بأعلى صوته ويدعوا الجميع للصراخ"لبيك يا قدس، بالروح والدم نفديك يا أقصى" أي احتيال واي تلبية بفقه الثرثرة هذه؟ فالقدس المغتصبة عروس العروبة والإسلام البريئين من فقهاء ثرثرة هذا العصر الأغبر. بحاجة لتحرك دماء الغضب في العروق لتدفع الشاهد صوب الزناد ، لا السنة تدلف من طرفها بعض الحروف الباهتة ضررها اكثر من نفعها.
وكان للفلسطيني ديانة فلسطينية وقومية فلسطينية/ وكأن عرب ومسلمي هذا العصر لم يبيعوا فلسطين برسم التخاذل والصمت، والتعامل مع القدس والأقصى الشريف بنهج السياسة، وأعجب في زمان اللاعجب محافل الطبل والزمر الفضائية العربية كلما أقدم الصهاينة على خطوة جس نبض للأحياء الأموات من العرب والمسلمين وصولا إلى هدم المسجد الأقصى، فنجد كل جبهات الثرثرة وسوق نخاسة المزايدات عبر امتلاكهم لسلاح عار الفضائيات يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ضد بعضهم البعض أكثر من توجيه تلك الجبهات الفضائية التي لاتغني ولا تسمن من جوع ضد العدو والتناقض الصهيوني الرئيسي، الأقصى مغتصب، الأقصى على مدار الساعة يدنس وتدور أعمال الحفريات أسفله على قدم وساق، ليس للبحث عن اسطورة الكذب الصهيوني والهيكل المزعوم، بل تجهيزا لهدم المسجد الأقصى، ويعلم الصهاينة تمام المعرفة ان اليوم يومهم وان زمان العرب والمسلمون ليس زمانهم، وأقصى ما يمكن توقعه ململة في الشارع العربي والإسلامي، وقيام جوقة ملاك الفضائيات المشبوهة في استثمار تلك الململة وتوجيهها صوب الأنظمة كردح وثرثرة بينية عربية إسلامية، فزمان السيف ولى وحل علينا خراب عصر الدولة القُطرية والقومية الناطقة باللهجة المحلية.
وهنا كما غيري يستحضرني من صفحات تاريخ العار مقولة المجرمة الصهيونية المجحومة" جولدمئير" عندما تم إحراق المسجد الأقصى والمصلى المرواني" انتابني الخوف الشديد حتى صبيحة فجر اليوم التالي، خشية هبة تعصف بالدولة العبرية، فكان ذلك الفجر اسعد يوم في حياتي" لقد كان فجر العار ومازال قلم التاريخ يحفر في صخر الصمت والهوان العربي الإسلامي تاريخ الردة ، طبعا باستثناء فقه جهاد الثرثرة وتناقض الشعار مع الممارسة، فهذا يحلو له ان يسمي نفسه رغم ارتماءه في أحضان"تل أبيب" بأنه جبهة ممانعة ويطلق على غيره من أعداء بني جلدته بالانبطاح والاعتدال فكل سنة وانتم ممانعة، وذاك يشكك في الآخر بتوافق مصلحته مع العدو وحدث لاحرج، هذا يخرق طبقات الآزون بشعار المقاومة ولايمارسها وينعت خصمه بالانبطاح والتوافق مع العدو، وذاك يكشف عورات الآخر المستترة بلفافات الهواء وحدث لا حرج.
حتى سار "نتنياهو" على نهج أسلافه بأيدلوجيتهم الدموية الصهيونية المتغطرسة، ليس بسبب قوتهم وتفوقهم النوعي كما يقال ويراد لشعوبنا المنشغلة في لقمة العيش وفي السير خلف طبل هذا المعسكر وزمر ذاك التيار، وإنما بسبب اعتبار الكرامة شيء رخيص مقابل الاحتفاظ بالكرسي والقبض على زمام السلطة من المهد إلى اللحد، حتى باتت كل معاني الكرامة والإرادة والسيادة من مخلفات سالف الأزمان وقد تم عولمتها وتطهيرها من جينات الغضب حينما تنتهك الأعراض وتدنس المقدسات وتحتل الأوطان، وهاهو مؤخرا وليس أخيرا" نتنياهو " بأيدلوجيته الصهيونية العفنة يهود القدس ويضم الحرم الإبراهيمي، ويضرب بعرض الحائط كل الثرثرات الفضائية فالأنظمة كفيلة بشعوبها، والقدس والأقصى فلسطينية والفلسطينيون كفيلون بالدفاع عنها، وما على الأمة غير تقديم الملبس والشراب والدواء لكل من كتب له الحياة من المرابطين الفلسطينيون وكفى الله المؤمنون شر القتال.
وهاهو المجذوم نتنياهو يقدم على خطوة متقدمة على خارطة تنفيذ مخطط اكذوبة الهيكل المزعوم، ويعلم جيدا انه يواجه هياكل عربية وإسلامية لا تملك من أمرها غير أبواق الفضائيات لتمتص غضب الشعوب وتوجه غضبها للعدو العربي الإسلامي الآخر وتنفض يدها واهمة من كشوف العار والردة العربية الإسلامية، حتى أصبح البعض يلهث خلف قوارب النجاة ليراهن على رحم الصهيونية العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى توتر العلاقة الصهيونية مع الإدارة الأمريكية، هذا فقط ممكن لو حدث المستحيل وأعلنت التعبئة العامة والاستنفار لدى الجيوش العربية ، ومادون ذلك فالرهان ساقط ومضحك مبكي، أقدم "نتنياهو" بخطوة محسوبة وفق مدرسة"جولدمئير" على إقامة مايسمى" بكنيس الخراب" قبالة المسجد الأقصى في خطوة سيليها الخطوات التي لايريد عرب ومسلمي الانهزام سماعها، فكنيس الخراب ويعني هنا خراب الهيكل أقيم من اجل البناء أي بناء الهيكل، وكل هذا على أنقاض الهياكل العربية الإسلامية التي ترقب البناء الصهيوني في وضع خراب هياكل الإرادة والكرامة العربية الإسلامية، ولن تخيفه أو تجعله يتردد قيد أنملة أيدلوجية وفقه الثرثرة والفضائيات التي باتت تعطي للصهاينة حيز كما تعطي لغيرهم العربي الإسلامي، لتقدمه والدماء تقطر من أنيابه على انه حمل وديع لا نامت أعين الجبناء، الكل ينادي ويصرخ لبيك ياقدس، القدس تناديكم، فيأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وفي المحصلة هي سوق نخاسة الثرثرة حتى لو هدم المسجد الأقصى وسيفعلها الصهاينة يوم من الأيام ليس ببعيد في ظل وضع الهياكل العربية والإسلامية المزرية.
ووضعنا الفلسطيني حماة العروبة والأقصى ليس أفضل حال من واقع العرب والمسلمون، فقد حلت علينا برسم "هي للسلطة ،هي للجاه" لعنة الانقسام، وهي لعنة اشد فتكا من ردة العرب والمسلمون، بل هي الأخطر في ميزان الردع وعرقلة الإجراءات الصهيونية عن الإقدام على عمل إجرامي جنوني يمس المسجد الأقصى وما لكنيس الخراب من تبعات خطيرة، فالانقسام الذي يعتبره البعض نعمة ويسميه كما يحلو له لهو اكبر واهم غطاء للإجرام الصهيوني ولأمثال نتنياهو، فالانقسام المقيت جعل العدو آمنا وأصبحت المقاومة في جناحي الوطن جريمة تحت العديد من المبررات والمسميات الأقبح من ذنب، والانقسام الفلسطيني الآثم جعل الشعوب العربية والإسلامية منقسمة على ذاتها في معمعان الاستقطاب تارة على شعار نهجين مختلفين وهي اكذوبة غير محسوبة العواقب، وتارة أخرى على شعار السلطة ومن بعدها الطوفان، فليحظى العدو بتهدئة ومفاوضات، ومع استمرار الحصار والعدوان ثرثرات ونحيب ومسيرات مسيسات مُسيرات لحفظ ماء الوجه، والمجرم" نتنياهو" يعلم بنعمة الانقسام حدود الغضب الفلسطيني مع إخراس صوت البندقية تحت العديد من المبررات الواهية، الانقسام أبشع سطور التاريخ الفلسطيني، ومجرد تكريسه أو إدامة عمره لهو عين الخيانة والتخاذل والشبهات، بل لا أبالغ ان قلت ان الانقسام يشكل غطاء قوي للردة العربية الإسلامية ، ولنفض اليد من وحدة المصير ووحدة العدو، فنجد جزء من العرب والمسلمين يستميتون لتكريس هذا الشبح الغريب على ثقافة وأيدلوجية شعبنا الفلسطيني ، وجزء آخر يستشعر الخطر على نفسه وعلى مركزه وعلى نظامه جراء هذا السرطان الانقسامي الفلسطيني، فما كان في مثل مواجهة هذا الإجرام الصهيوني ان يعلو صوت فوق صوت البندقية والثورة الحقيقية، وان كان هناك صمام أمان وثروة وطنية قومية إسلامية هي فقط باستعادة الوحدة الفلسطينية، الكفيلة بجعل أمثال نتنياهو التفكير مليون مرة قبل ان يقدم على خطوة من هذا النوع والقادم اخطر والمسئوليات أعظم، فلا رحمة الله ستحل على شعبنا في واقع الانقسام، ولا الصديق قبل العدو سيرحمنا ويتعاطف مع قضيتنا طالما هذا حالنا، وطالما ارتضينا ان نكون مجرد أداة لهذا الطرف الإقليمي والدولي ليحركنا بما يخدم مصالحه كأحجار شطرنج قابلة للارتزاق والإيجار، إنها الطامة الكبرى والخاسر الأكبر هو شعبنا في ظل معطيات أشباه العرب والمسلمون والأقصى مغتصب والقدس تهود وغزة بعد الإبادة الجماعية مازالت محاصرة، فالأولى في حكم الشرع والشرعيات والشرف هو استعادة صمام أمان الوحدة، وعدم الانجرار خلف شعارات جل همها تجسيد هذا الانقسام الذي مازال يثلج صدر العدو القريب العدو البعيد المتخفي في عباءة الصديق العربي والمسلم والعروبة والإسلام منهم براء، فما أحوج قدسنا لنا وما أحوج أقصانا لوحدة خندقنا في المعتركين السياسي والمقاوم، وما دون ذلك فالكل هالك إلا من رحم ربي، لنغضب نعم وليترجم الغضب بإحراق الأخضر واليابس من تحت أقدام المجرم الصهيوني وعصابات مستوطنيهم.