إذا كان بهوليود و الولايات المتحدة عامة يوجد ما يسمى بصحافة الباباراتزي، الخاصة بتتبع فضائح و خصوصيات نجوم الفن و المجتمع، فإنه بالجزائر بدأت تظهر معالم صحافة يمكن تسميتها بالباباراتزي الرياضي، من شدة هوسها بتتبع أخبار لاعبي المنتخب الجزائري لكرة القدم و نشرها لكل ما هو صحيح و خاطئ أو هام و تافه عنه، المهم أن يكون هناك ما ينشر في الصفحة الأولى و بالبنط العريض و مع صورة تحتل كامل الصفحة عن أي خبر كروي جزائري و لو كان كاذبا أو سخيفا.
أخبار تثير اشمئزازي أكثر من تعاطفي، من كثرة تضخيمها للأمور و إعطاءها أكثر من قيمتها، لأن المتصفح لصحافة هذه الأيام، يبدو له أن إصابة لاعب جزائري أو تخلف زميله عن المشاركة في المونديال هي قضية الشعب الأولى و الأكثر أهمية من أي شيء أو فرد على هذه الأرض.
لا أرى فرقا بين صحافة أمريكا التافهة التي تقتفي أثر باريس هيلتون أينما حلت، و بين صحافتنا التي تحسب أنفاس كل لاعب و تعد خطواته حيثما ذهب.
صحافة تكاد تأمر الناس بعبادة منتخبها الكروي و تقديسه، كما تكاد صحافة ملوك و رؤساء العرب أن تجبر الشعوب على عبادة حكامها.
تبا للرياضة، و تبا للفن، لما يصبحان أفيونا للشعوب و إلهاء لها عن قضاياها الرئيسية، سواء قضايا محلية أو يومية بسيطة، أو قضايا كبيرة و شاملة.
لما يصبح الترفيه هوسا لكل أفراد الشعب، و يصبح هو قضيته الأساسية أو هو وسيلته الأولى للهروب من واقعه المخزي، يجب أن نتوقف هنا، لكي لا نسمح لشيوخ التحريم و التشدد من التدخل هنا و زيادة الطين بلة.
لأن الصحافة منافقة في الغالب، حتى الصحف المحترفة التي تنتقد بوادر ظهور البباراتزي الرياضي، هي بدورها زادت عدد صفحات الرياضة على حساب صفحات أخرى قامت بإلغائها من أجل عيون أو بالأحرى جيوب القراء الأعزاء، بل و أصبحت صورة لاعب كرة القدم تتصدر الصفحة الأولى على حساب صورة السياسي و المجرم و الإرهابي، و هم في العادة نجوم غلاف الصحيفة الجزائرية، لكن يبدو أن نجم كرة القدم قد طغى و سطع ضوءه ليغطي على كل تلك النجوم المعتادة.
عند بداية المونديال، ستصبح كل قضية بلا معنى مهما كانت خطورتها و درجة أهميتها، و سيتوقف الناس عن التفاعل معها لما بعد المونديال، هذا إن أمكن حقا لهذا الشعب أن يتفاعل بدون أن يساق كقطيع الأغنام، و قد أثبتت الصحافة أنها تتقن جيدا فن رعي الماشية على اختلاف أنوعها.
*ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr