إسرائيل تمنح رتبة لواء لزعيم التمرد الكردي الملا مصطفى البارزاني :
(أثارت الإنجازات الكردية اهتمام المسؤولين الإسرائيليين الثلاثة الذين يشرفون على عمليات المساعدات المقدمة للأكراد، كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ليفي اشكول ورئيس الأركان عزرا وايزمان ورئيس الموساد عميت، وبدا أن هناك سبباً رئيسياً يدعوهم لزيادة حجم المساعدات إلى الأكراد لمواجهة العراقيين) .
في 24/5/1966 طار وايزمان إلى طهران للاجتماع بالشاه في طائرة نقل عسكرية كانت تحمل على متنها 5 أطنان من التجهيزات العسكرية للأكراد، ثم ايصالها يوم 10/6/1966 من قبل السافاك الإيراني . يقول زئيفي إنه عند اجتياز الحدود من إيران إلى العراق وصل ليلاً بسيارة جيب كانت هدية من إسرائيل إلى الملا مصطفى، تفاجأ بمشاهدة الملا مصطفى متواجدا في نقطة الحدود تبين أنه قطع مسافة 3 ساعات مشياً هو وأبناؤه وكبار حاشيته من أجل استقبال المبعوث الصهيوني. وقد أثنى مصطفى البارزاني على إسرائيل ودورها في استمرارية التمرد الكردي والمساعدات المتواصلة التي تقدمها من تسليح وتدريب ودعم مادي ومعنوي واستشاري، لأن عدونا مشترك وكوننا شعب مضطهد، وقد قام زئيفي الموفد الإسرائيلي بخلع رتبته وإهدائها إلى البارزاني وقد تقبلها الأخير بسرور وتأثر. يقول زئيفي (لقد بدأت أشعر بالضيق الشديد من الإيمان الشديد الذي يكنه البارزاني لنا ومن اعتقاده أننا قادرون على فعل كل شيء دون أن يعرف طبيعة الصعوبات التي تواجهها (إسرائيل)) .
من المجدي الإعلان عن الاستقلال الكردي :
عاد (م) مع مائير عميت إلى إسرائيل بانتهاء مهمته، وكان تسوري على وشك المغادرة لاستكمال دراسته في كلية القيادة والأركان الأمريكية، وتم تحديد شخصين آخرين لشغل مناصبهما في كردستان، هما حاييم لفكوف، واليشع روئي، إضافة إلى المقدم آربيه يجوف، وطولب الثلاثة بالاستعداد للسفر في حزيران 1966، وقيل لهم إن الأمور تتجه اتجاهاً خطيراً، وإن تقارير تسوري تفيد بأن البارزاني على استعداد لإعلان استقلال كردستان العراق تحت رعاية إسرائيل . وقد سافر الثلاثة في طائرة عن طريق إيران ووصلوا حاج عمران وطلبا من تسوري تفسيراً لمسألة إعلان الاستقلال، وقال البارزاني لهم إن سيارات جيب تحمل ضباطاً عراقيين قدمت إلى المنطقة وهي تحمل أعلاماً بيضاء، وطلبت التحدث معهم وقال أقدمهم أنهم مخولون بالتفاوض مع البارزاني بصورة تؤدي إلى الحفاظ على الحقوق الكردية وفقاً لما يطالب به الأكراد .
إلا أن البارزاني تردد، وسأل المسؤول الصهيوني عن رأيه في إعلان استقلال كردستان، فرد عليه (لا أستطيع أن أعطيك الرد الآن سوف أرجع إلى المسؤولين في إسرائيل وأسألهم . ) وحين عاد تسوري اجتمع به رئيس الأركان الصهيوني اسحاق رابين وشجعه على الاستمرار بتقديم العون للأكراد، وفي حزيران 1966 بدأت مفاوضات مع حكومة عبدالرحمن البزاز في بغداد للصلح مع الأكراد والاعتراف بالحقوق القومية للأكراد ومنحهم حكماً ذاتياً موسعاً . وأرسل مصطفى البارزاني مندوباً عنه هو (محمد حبيب كريم) وكان تلميذاً سابقاً لدى عبدالرحمن البزاز في كلية الحقوق، وقد أثارت المفاوضات العراقية الكردية ثائرة الإيرانيين على البارزاني، وحين قال ممثل السافاك أنه لا حاجة بعد الآن لبقاء الصهاينة، إلا أن مصطفى البارزاني قال : لن اسمح بمغادرة الإسرائيليين فانتم السلاح الحقيقي الموجود في حوزتي، وأضاف له إن حلم الإيرانيين يتمثل في استمرار إقتتال العراقيين والأكراد، بحيث يقتل كلاهما الآخر.
الإسرائيليون يخشون من الاختطاف :
في آب (أغسطس) 1966 بعد تسنم عبدالرحمن عارف رئاسة العراق بعد مقتل شقيقه عبدالسلام في حادث تحطم طائرته فوق البصرة، تحسنت علاقات العراق مع إيران، وبدأت اتصالات، وكشف رئيس السافاك ذلك للبارزاني، واحتمالات قطع الإمدادات عنهم . وجاء في رسالة بعثتها إسرائيل (إن إيران تعتبر البارزاني مجرد وسيلة سياسية وبمجرد توقف هذه الوسيلة عن العمل، يجب التخلص منها، كما شعر المستشارون الإسرائيليون إن العراق يعلم بوجودهم، لذلك وضع البارزاني حرساً من البيش مركة لحراستهم، والموساد أيضاً كان على علم بأن مسؤولاً كردياً رفيعاً سرب لجهة أجنبية نبأ قال فيه : إن هناك ثلاثة ضباط إسرائيليين موجودين في كردستان، وإن إسرائيل ترسل إلى الأكراد مساعدات عن طريق إيران، وإن إسرائيل تعقد دورات ضباط للأكراد لديها، ويكشف زيد حيدر رئيس شعبة العلاقات الخارجية في حزب البعث الحاكم في العراق النقاب عام 1976 إن المخابرات العراقي تلقت تقريراً حول قدوم ثلاثة ضباط إسرائيليين إلى المناطق الكردية وتم نقل أسلحة سوفيتية وإسرائيلية إلى الأكراد من إسرائيل .
وفي 16 آب (أغسطس) 1966 فر طيار عراقي مسيحي إسمه(منير روفا) بطائرته الحربية (ميغ 21) إلى إسرائيل وهبط في مطار عسكري هناك، واعترف أنه قام بعدة عمليات قصف في كردستان، وتوقع الإسرائيليون في شمال العراق أن يقوم العراقيون بإنزال وحدات كوماندوز لأخذهم كرهائن حتى إعادة الطائرة والطيار، لذلك وردت برقية من تل أبيب تطالب بأقصى الحيطة والحذر .
البارزاني يذبح كبشا لمناسبة هزيمة العرب أمام إسرائيل! :
قامت إسرائيل بإنشاء مستشفى ميداني بمنطقة حاج عمران يضم 40 سريراً ويستقبل المرضى والجرحى، وفي 26/9/1966 بدا عقد دورات للمضمدين وفق نفس سياقات الجيش الإسرائيلي، يقول (اشماريه جوتمان) من الموساد الصهيوني ومسؤول هجرة اليهود العراقيين (لقد جلبت لنا مساعدتنا للأكراد الكثير من الجدوى، فقد كنا نساعدهم في حربهم ضد العراق، كي نمنع العراق من شن حربٍ علينا، أو المشاركة في مثل هذه الحرب) .
وفي شباط (فبراير) 1967 عاد جوتمان إلى إسرائيل، وتم إرسال رئيس وفد إسرائيلي جديد إلى كردستان هو (بن تسيون) وحال وصوله كردستان وضع خطة للفرار من كردستان عند الضرورة مثلما نصت أوامر الموساد، ويقول (ميتييف) إنه في كردستان عرف أنه لا جدوى من إدارته، في أي اتجاه لأنه سيعود إلى سيرته الأولى، فقد وجد في الأكراد قدرة خاصة على التفكير بأسلوبهم هم : كما وجد في إدريس ومسعود (إبني مصطفى البارزاني) اهتماماً خاصاً بدراسة تأريخ وأيديولوجية الحركة الصهيونية، ورغبة بمعرفة تطورها كما شعرا إن نفسيهما ممتلئة بالمرارة جراء عدم اهتمام العالم بقضيتيهما واعتبر هذا الإهمال بمثابة خيانة، وكانا يدركان جيداً أن الإيرانيين سوف يخونون القضية الكردية، وإن تأييدهم لها هو تأييد مؤقت .
في 2/6/1967 قدم إلى مقر البارزاني نائب رئيس الأركان العراقي، وعدد من كبار ضباطه، وطلب من البارزاني أن يتعاون مع العراق، ضد إسرائيل التي تخطط لشن عدوان على الدول العربية، وقال البارزاني لمراسل جريدة لوموند الفرنسية إنه قال للعراقيين : أنتم تطلبون مني أن أعلن تضامني مع العرب، ولكن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون نشوب الحرب هي مطالبة عبد الناصر بسحب قواته عن الحدود وأن يفتح خليج العقبة من جديد في وجه الملاحة الإسرائيلية، وإلا فإن الهزيمة سوف تلحق جميع الجيوش العربية وقلت لهم : أنتم ومنذ 6 سنوات تشنون حرباً ضدنا، وتسعون لتدميرنا، فكيف تطلبون منا أن نعاونكم ؟. ورفض البارزاني حتى مجرد فكرة إرسال قوة رمزية كردية إلى بغداد للمشاركة مع الجيش العراقي في الحرب ضد إسرائيل .
ويقول المؤلف: إن البارزاني كان يرى في الحرب بشرى وأيضاً انتقام، وكان يحث المندوب الإسرائيلي على تدمير أسلحة العراق .
وفي 5 حزيران (يونيو) 1967 قال لبكوب للبارزاني (إن أكبر سلاح جو عربي باق هو سلاح الجو اللبناني!!، وإن إسرائيل دمرت جميع أسلحة الجو العربية، وقام لبكوب برسم خارطة لتوضيح سير المعارك، وقد احتفل البارزاني بهذا الانتصار على طريقته الخاصة إذ أحضر أحد خدمه كبشاً ضخماً علق عليه في رقبته شريطاً أزرق وأبيض - دلالة على العلم الإسرائيلي - وكتب عليها (هنئوا إسرائيل لاحتلالها جبل البيت)، الليلة سنذبح خروفاً قرباناً لاحتلالكم القدس، وقد عمت الفرحة جميع أنحاء كردستان لتدمير إسرائيل لسلاح الجو العراقي الذي كان يقصف القرى الكردية بصورة متواصلة. وأستمر البارزاني في مساعيه وطموحاته في أن يقوم الأسرائيليون بإقناع الولايات المتحدة الأميركية في مساعدة الأكراد لنيل أستقلالهم.
البارزاني يزور إسرائيل سراً ويرفض التخلي عن مسدسه لحرس الرئيس! :
في نيسان (أبريل) 1968 قام الملا مصطفى البارزاني بزيارة إلى إسرائيل حيث هبطت طائرة أقلته من إيران، في مطار اللد وكان بصحبته الدكتور احمد والمفتي وخمسة حراس شخصيين مسلحين، واجتمع مع رئيس الدولة، زيلمان شوفال وحضرهذا الاجتماع ولبكوب، وقد رفض البارزاني كل التوسلات بأن يتخلى عن مسدسه الشخصي المحشو بالعتاد، وقال لبكوب لتبرير الموقف : هل شاهدتم كلباً يتخلى عن ذنبه؟ وقد نصح الرئيس الإسرائيلي، مصطفى البارزاني أن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي، وأن يعمل من أجل إقامة دولة كردية مستقلة وقد قابل أيضاً وزير الدفاع موشيه دايان، كان من المفروض أن تبقى الزيارة سراً لكن أمر الزيارة تسرب وانتشر خاصة بعد مقابلة جرت بين البارزاني ومحرري الصحف الإسرائيلية .
قائد سلاح المظلات في سلاح الحرب :
في عام 1968 زار شمال العراق (أهارون ديفيدي) قائد إسرائيلي ستراتيجي، وزار راوندوز وراقب خلالها اللواء العراقي المتمركز هناك، وكان الإسرائيليون يخططون لعملية ضخمة تدعى (عملية أناناس) ترمي لتوجيه ضربة قاصمة للجيش العراقي في كردستان . وكان موشيه دايان وزير الدفاع الصهيوني هو الذي اتخذ القرار في 10/5/1968 على أن تكون القوة المهاجمة المنفذة من الأكراد، غير أن دراسة الموضوع معمقاً من قبل خبراء عسكريين صهاينة أظهرت استحالة تنفيذه لأنه يحتاج إلى أساليب قتال وتدريبات وهجوم وأسلحة وذخائر لا يتمكن منها الأكراد . وكان من المؤمل أن يشرف على العملية رئيس الموساد .
وفي 17/7/1968 وقع انقلاب بعثي جديد في العراق وقامت حكومة الأنقلاب برئاسة البكر بمنح فترة هدنة للأكراد، بيد أن آمال البارزاني سرعان ما انهارت عندما قام البكر بتعيين أحد مقربي الطالباني (مكرم الطالباني) وزيراً في حكومته، وما أن مرت بضعة اشهر حتى كان البيش مركة يتجمعون من جديد تحت إشراف إيراني إسرائيلي في منطقة محمد الواقعة في الأراضي الإيرانية. وبعد اشهر عاد العراقيون يلمحون إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق مع الأكراد.
وفي أيلول (سبتمبر) 1968 ماتت خطة الأناناس إلى الأبد، وحين سئل ديفيدي عن السبب في ذلك، قال : لا يوجد لدي رد شاف وربما يرجع السبب إلى عقلية البارزاني نفسه وشعبه غير المتجانس، وتحاربهم فيما بينهم، ولم ينجح البارزاني في توحيد شعبه.
وفي شباط (فبراير) 1969 توفي ليفي اشكول رئيس وزراء إسرائيل وخلفته غولدا مائير، وبعث البارزاني تعازيه الحارة إلى إسرائيل، وواصلت غودا مائيرجهود من سبقوها في تقديم المساعدات للأكراد .
الأكراد ينفذون عملية الكسندرا ضد منشئات النفط في كركوك:
في آذار(مارس) 1969 اندلعت النيران في مصافي النفط الكبرى في مدينة كركوك بعد أن نفذ الأكراد عملية تعرضية ضخمة، وبمنتهى الدقة والتخطيط، وذكرت جريدة الديلي تلغراف البريطانية في 11 آذار(مارس) 1969 إن العراقيين يعتقدون إن الإسرائيليين هم الذين نفذوا العملية . وفعلا كان الإسرائيلي المتورط في تخطيط هذه العملية موجوداً في إسرائيل وسميت تلك العملية (بعملية الكسندرا) وكان قد وصل إلى كردستان كإعارة من الموساد في 1/12/1968، وإن قيادة التمرد قررت توجيه الضربة إلى شركات النفط في كركوك من أجل 3 أسباب :
- خلق تهديد لأصحاب أسهم شركة نفط العراق من أجل إرغامهم على إرسال أموال إلى الأكراد لاتقاء شرهم مستقبلاً للحيلولة دون تدمير منشئاتهم البترولية في كركوك.
- إضعاف الاقتصاد العراقي وأنهاكه .
- خلق أصداء واسعة لدى الرأي العالمي حول القضية الكردية وإعادة القضية الى الواجهة .
يقول المؤلف : إن الهجمة التي شنها الأكراد على كركوك، أدت إلى إرغام نظام الحكم إلى استئناف المفاوضات مع الأكراد، ومنح البارزاني وعداً بتنفيذ اقتراح الحكم الذاتي .
عملية دوكان فوز وهزيمة :
يتحدث الكاتب عن عملية سد دوكان، حيث وضعت خطة بمساعدة الإسرائيليين بتدمير السد إلا أن العملية لن تنجح ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن دور صدام حسين في تركيز السير باتجاه حل شامل للقضية الكردية وسماه بـ (عّراب القضية الكردية) حيث بدأت المفاوضات في أيلول 1969 وتواصلت على 3 مراحل وشارك البارزاني نفسه في المفاوضات . . وأحياناً يشترك معه الدكتور محمود وولدي الملا مصطفى كل من إدريس ومسعود وكانت مفاوضات مضنية وفي 21/1/1970 تم اكتشاف مؤامرة إسرائيلية إيرانية أمريكية ضد نظام الحكم العراقي وتم إعدام مرتكبيها ممن قبض عليهم وفر الآخرون الى إيران .
وفي 8/3/1970 وصل النائب (صدام حسين) إلى قرية (ناو فردان) الكردية في أربيل وشرع بالتفاوض مع الملا مصطفى البارزاني وتوصلا بعد مفاوضات مضنية إلى اتفاق من خمسة عشر بنداً ومنح الأكراد حكم ذاتي. ويذكر المؤلف إن البارزاني كان قد أرسل تقريراً إلى إسرائيل حول سير المفاوضات وتطرق إلى اتفاق السلام .
إنقاذ آخر اليهود العراقيين وتسفيرهم الى إسرائيل :
في أعقاب حرب حزيران (يونيو) 1967 كان عدد اليهود في العراق حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وكان وضعهم بائساً، والمصارف أمرت بعدم دفع أكثر من مائة دينار لكل يهودي، وعدم جواز ملكية أي يهودي، وقد أدى بيان السلام مع الأكراد في 11 آذار (مارس) 1970 إلى تخفيف القيود في الوصول إلى المناطق الكردية، ووضعت خطة لتهريب اليهود عن طريق المنطقة الكردية. وفي 27/3/1970 بدأت عمليات تهريب اليهود عن طريق شمال العراق باتجاه إيران، واستمرت ووصلت ذروتها في شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين أول (أكتوبر) 1970 إلى أن انكشفت محاولة فرار 250 يهودي وقبضت الشرطة العراقية السرية عليهم وأعيدوا إلى بغداد وتم اعتقالهم في محراب البهائيين الذي كان يستخدم مقر للمخابرات العراقية في حينها، وقد نجحت عمليات الفرار في إخلاء العراق تقريباً من اليهود ولم يبقى منهم سوى 500 - 1500 يهودي ثم انخفض عددهم بحيث لم يبقى منهم سوى أقل من (خمسين) يهوديا. وفي 3/1/1973 كتبت جريدة الثورة الناطقة باسم الحكومة العراقية قائلة أنه مقابل المساعدات التي تقدمها إسرائيل للأكراد، فإن الأكراد يساعدون اليهود العراقيين على الفرار إلى إسرائيل. ويقول المؤلف: رغم اتفاقية 11 آذار(مارس) واصلت الحكومة العراقية تعرضها ومحاولاتها اغتيال الأكراد ويعرض في هذا الفصل عدداً منها .
في 30 أيار(مايو) 1972 وبعد حوالي شهر من توقيع اتفاقية الصداقة العراقية- الروسية اجتمع شاه إيران مع الرئيس الأمريكي نكسون، حيث كانت إيران ترى في المعاهدة خطة لتطويق إيران. وكانت إيران زمن الشاه من أفضل أصدقاء أمريكا وأشدهم إخلاصاً . وخلال حوار الشاه مع الرئيس الأمريكي طرح عليه فكرة تقديم السلاح إلى الأكراد لمعاونتهم في التمرد ضد الحكومة العراقية، ولم يعط نكسون قراره حول الطلب، وبعد شهرين وافق نكسون بعد نصيحة كيسنجر .
بعد حرب تشرين (أكتوبر)1973 :
بعد قيام حرب تشرين، شارك العراق بقواته الحربية في القتال الى جانب المصريين والسوريين، مما دعا القيادة العراقية الى إعلان رغبتها في إنهاء النزاع طويل الأمد ، مع إيران تجاه شط العرب واعلم العراق إيران استعداده للحوار. ويعترف كيسنجر في كتابه : إن القرار الخاص بمنع الأكراد من شن حرب على العراقيين أبان حرب تشرين كان قراراً صحيحاً .
مناورة أمريكية هزيلة، وإنهيار عارم للآمال الكردية :
بدأ العراق يتخذ خطوات باتجاه إقرار منح الأكراد الحكم الذاتي وتم إشراك 3 وزراء أكراد وبعد اتفاق العراق مع إيران الموقع في الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران في آذار (مارس) 1975 انهار التمرد الكردي، ومنذ إنجاز الاتفاق الإيراني الأمريكي تحول (كيسنجر) إلى فارس أحلام البارزاني، في وقت كانت فيه التصرفات والتفكير الأمريكي تجاه الأكراد بمثابة مناورة هزيلة. وبعد فترة صرح صدام حسين لوكالة الأنباء : (إن الحد الأدنى الذي يمكن أن نقبله هو أن يرفع البارزاني العلم الأبيض)، لكن البارزاني لم يكن يعتزم عمل ذلك. خلال عام 1974 كانت تدور معركة كبيرة المبادرة فيها بيد البارزاني إذ تمكن الأكراد من السيطرة على منطقة عالية وعرة يبلغ طولها 725 كم على طول الحدود مع تركيا وإيران، وبدأ العراقيون يعدون العدة لهجوم الربيع حال ذوبان الثلوج، وحددوا يوم15 نيسان (أبريل) 1974 موعدا لبدء الهجوم، وفي 25/4 تم فرض حصار اقتصادي محكم على المنطقة الكردية. لقد أدى الاتفاق بين العراق وإيران إلى انهيار آمال ملا مصطفى البارزاني، في تحقيق آماله وطموحاته، وحتى إن الشاه رفض أن يستقبله، وأعترف البارزاني أخيرا (إن الأيرانيين لا يحبوننا، إنهم يريدون إستخدامنا كجسر لتحقيق مصالحهم). وتناسى أن الأميركان واليهود هم أيضا لايحبون الأكراد وإنما يريدون إستخدامهم جسرا لتحقيق المصالح الصهيونية والأميركية في المنطقة.
--------------------
[url=http://www.jablah.com/modules/news/article.php?storyid=6309]الجزء الأول[/url]