سارع الصديق, الذي كان حينها يقضي وقت استراحته بعد فترة الغذاء,
الى صالته للاطلاع مباشرة على هذا الأمر الطارئ الذي كان لا بد من استدراكه فورا .
فشهر آب ... اللهاب , على الأبواب . و من دون التكييف ... لا زبائن
و من دون الزبائن ... لا مبيع . و من دون المبيع ... افلاس !!!!!
فالزبون الافتراضي الداخل الى صالة المفروشات , غالبا ما يحتاج
الى المزيد من الوقت للانتقاء أو للشراء .و هذا المزيد من الوقت يحتاج
الى المزيد من التركيز على رغبات و متطلبات الزبائن التي تتراوح
أكثرها من أقصى اليمين الى أقصى الشمال. فهم و كما يقولون بأن
المفروشات و الأثاث يشترى مرة واحدة في العمر !!!!
أجرى صديقي اتصالاته مع الشاب المعني بصيانة جهاز التكييف
المركزي و أبلغه بأنه عليه القدوم بسرعة الى الصالة لاصلاح
العطل الطارئ !!!!
فعلا وصل الشاب الفني بعد فترة وجيزة و باشرعمله لمعرفة سبب
العطل و التوقف !!!
وبعد الكشف و التحقق, تبين أن الضاغط (الكومبرسور ) محترق
و الجهاز بحاجة لضاغط جديد !!!!!
شو هالحكي . الجهاز ما صرلو من أول الصيف مركب. هلأ
لحق يحترق؟...... . قال صاحبي .
ما الا علاقة . الشي اللي صار ما الو علاقة بأنو الجهاز جديد ...
قال الشاب .....
لكن شو اللي الو علاقة ؟...... قال الصديق..
الكهربا يا أستاذ . هيي اللي حرقت الضاغط !!!! قال الشاب .
الكهربا . ليش هلمكيف عشو بيشتغل دخلك مو علكهربا؟....
قال صاحبي .
أي بس مو الكهربا تبع هالبلد . ... قال الفني .
ليش شبها الكهربا تبع هالبلد . مو متلا متل أي كهربا؟ قال صاحبي.
لا يا أستاذ . كيف بدي أشرحلك ياها . الجهاز مصمم أنو يشتغل
على كهربا نظاميه 220 فولت . بس الفولت عندك جايي 160 بمعنى
تاني أنو الفولت ضعيف و كمان جايي الآمبير عالي ... قال الفني .
أي صحيح أنو الفولت ضعيف , بس نحمد الله أنو الآمبير عالي .!!
لكن شو اللي حرق الجهاز يا أخي ؟ .... سأل الصديق .
يا ريتك ما قلتا ياأستاذ . اللي حرق جهازك هو .... الآمبير العالي
!!!!.. أجاب الفني .
حينها فقط علم صديقي بأن الآمبير يجب ألا يكون عاليا ابدا و الا
باي باي تكييف ......
اتصل صديقي بالشركه الكافله للجهاز و اخبرها بأن الجهاز قد
احترق و سأل ان كان بالامكان تعويضه عن جهازه المحترق
بجهاز آخر حيث أن مدة الكفالة لم تستنفذ بعد . ولكنه فوجئ
برد الشركه الذي أسف فيه الموظف عن عدم تلبية طلبه
بعدما علم أن العطل ناجم عن خلل في الكهرباء العامه!!!!
حيث أن كفالة الشركة لا تتضمن الأعطال الناجمة عن الخلل في
شبكة الكهرباء العامة.
لا حول و لا قوة الا بالله . قالها صاحبي و سلم أمره لله و طلب
الى موظف الشركة شراء ضاغط جديد بسعر 60000 ليرة سورية .
و جاءت توصية الشركة بأن على صاحبي و لتفادي تكرار مثل
هذه الحالات تركيب ثلاثة منظمات كهربائية لأن المكيف تري فاز.
و ريليه انخفاض التيار . و أخرى لارتفاع التيار . و أخرى لانقطاع
الفاز و أخرى لانقلاب الفاز و أخرى ... وأخرى ....!!!!!
و مع كل هذه التحصينات , أكد موظف الشركة بأنهم لا يكفلون
عدم تكرار هذه المسألة مرة ثانية ..!!!!
أصبح وقع لفظة الآمبير غليظا مقيتا تماما كلفظة السرطان بعيدن
عنا و عنكن . و كما لايراد أن تلفظ كلمة السرطان لبشاعتها و قبحها,
اعتاد صاحبنا أن لا يتلفظ بكلمة الآمبير ابدا . و استعاض عنها بلفظة
هداك الشي ...!! بعدما علم متأخرا أن هداك الشي أي الآمبير
هو علة العلل و خراب الدول ...
و في كل مرة كان صاحبنا يقف مع زبائنه في الصالة يشرح لهم
و يرافقهم في تجوالهم في أنحائها و يحدث انخفاض فجائي
بالتيار الكهربائي يظهر على شكل ضعف في شدة الانارة (بالمعنى
العامي ناصت الكهربا), كان صاحبي يقول بس انشاالله ما يجي هداك
الشي عالي !!!!!!
فينظر الزبائن لبعضهم البعض متسائلين مستغربين من المعنى الغريب
للكلمة . ثم يسأل أحدهم :
عفوا أستاذ . شو هوي هداك الشي اللي مو لازم يكون عالي ؟ ...
عفوا منكم يا جماعة ... لاتواخزوني .. بقصد السعر مو لازم
يكون عالي ... لأنو ازا كان عالي ..... بنخسر الزباين ...
ولا حكيي غلط؟....!!!!! .
على الهامش : ان ارتفاع الآمبير يؤدي الى ارتفاع الحرارة في
الاسلاك الكهربائية بسبب ارتفاع المقاومة فيها مما يؤدي الى احتراق
الماده العازله لهذه الأسلاك و بالتالي حدوث التماسات الكهربائية
و الاحتراق .
بعض الأرقام و الحقائق:
ان انخفاض الفولت يرافقه ارتفاع بالآمبير . هذا الآمبير المسؤول عن
أغلب المشاكل الكهربائية المنزلية منها و الصناعية . هذا اذا أضفنا
الى ذلك الانقطاء الفجائي للتيار الكهربائي و عودته فجأة!!!!
لا تمر سنة و لا يخلو بيت أو معمل أو أي مكان في سورية , الا
و عانى و ما زال يعاني من هذه المشكلة التي باتت مزمنة عاصية
عن الحل و التدبير ....
فمن موتور لرفع الماء الى الطوابق الى محركات الغسالات, مرورا
بالمكيفات الى التلفزيونات و الكومبيترات و البرادات الى أغلب المعدات
العاملة بالطاقة الكهربائة , كلها تعاني من مشاكل ارتفاع الآمبير
الخبيث. فلا بد و أننا نسمع كل يوم عن احتراق عندنا أو عند أحد
جيراننا أو معارفنا ...
كما أن المشكلة الأخطر هنا اضافة لكل ما سبق , هي حدوث الحرائق
الناجمة عن التماسات الكهربائية الناجمة عن ارتفاع هداك الشي!!!!
حيث يعمل هداك الشي على رفع درجة حرارة السلك ....
لقد راجت وتروج اليوم و غدا أربح تجارة في السوق السورية . ألا
وهي تجارة استيراد و بيع جميع المحركات و الملفات و المضخات
العاملة على الطاقة الكهربائية !!!
شكلت و تشكل هذه المشكلات المزمنه , نزفا في الشريان الوطني
العام و الخاص لما تستهلكه من امكانات و قطع نادر و اهتراء في العمر
الافتراضي للأجهزة ..
ان جميع المعدات الالكترونيه تعمل على التيار الكهربائي المنضبط .
بمعنى أن أي تذبذب لحظي في الكهرباء, يؤدي الى خلل في عمل تلك
الأجهزة و فشلها في أداء عملها المرجو منها...
لا يمكن أن نخطو خطوة واحدة الى الأمام الا بايجاد الحلول النهائية
لهذه المشكلة الكبيرة . مشكلة الكهرباء.
ان المواطن السوري المستهلك للطاقة الكهربائية, يقوم بدفع فاتورة
الكهرباء مرتين . مرة لان الكهرباء تأتيه بفولت 160 فتحرق الأخضر
و اليابس . و مرة عندما تأتية أرومة الكهرباء الدورية , تنذره بضرورة
التوجه فورا الى مؤسسة الكهرباء لدفع الفاتورة و الا.......
ستضطر المؤسسة آسفة الى فصل التيار و مصادرة الساعة......!!!!