شهدت العاصمة البريطانية لندن حدثاً غير عادي الاثنين، إذ عقد جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، المتخصص بنشر الوثائق السرية، مؤتمراً صحفياً، قام خلاله بالإعلان عن تسلمه لقرصين مدمجين يحتويان على آلاف المستندات السرية حول العمليات المصرفية السويسرية، وذلك من قبل مصرفي سويسري. وسلم مصرفي سويسري سابق معلومات بشأن مئات من أصحاب الحسابات المصرفية في الخارج الى جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس يوم الاثنين قائلا انه يريد لفت الانتباه الى الانتهاكات المالية. وظل رودولف ايلمر - 55 عاما - يعمل مديرا للتشغيل بفرع بنك يوليوس باير في جزر كايمان الى ان فصله البنك في عام 2002 . ومن المقرر ان يقدم للمحاكمة في سويسرا يوم الاربعاء لانتهاكه قانون سرية البنوك. وسلم ايلمر السويسري الجنسية الى اسانج المعلومات في مؤتمر صحفي في نادي الاعلامين في لندن. وتحتوي الاسطوانتان المدمجتان على أسماء وتفاصيل حسابات حوالي 2000 من عملاء البنوك سواء كانوا أفرادا أو شركات لكنه امتنع عن كشف المزيد من التفاصيل بشأن المعلومات. وقال ايلمر في قاعة مزدحمة بالصحفيين "من خلال العمل في جزر كايمان أدركت ان شيئا ما خطأ... أريد ان يعلم مجتمعنا ما لا أعلمه لانه يضر بمجتمعنا بالطريقة التي تتحرك بها الاموال من مؤسساتنا المالية والتكتلات المتعددة الجنسيات والافراد... الاموال مخبأة في مشروعات خارجية." واتهم بنك يوليوس باير موظفه السابق ايلمر بالشروع في عملية ثأر ضد الشركة. وهبطت اسهم البنك بأكثر من ثلاث نقاط مئوية يوم الاثنين وأشار متعاملون الى صلة ذلك بموقع ويكيليكس كعامل محتمل. وقال اسانج ان موقع ويكيليكس سيستغرق "أسبوعين" على الاقل للتحقق من المعلومات قبل نشرها. وستتم عملية التحقق من خلال الموقع ومؤسسات إعلامية وشركاء آخرين لحماية المصادر. وقال اسانج المفرج عنه بكفالة في بريطانيا ويكافح ضد تسليمه الى السويد حيث يواجه استجوابا بشأن جرائم جنسية مزعومة "لنا تاريخ نشر يمتد أربع سنوات. ولم نخطيء أبدا... حتى الان لاننا على دراية فيما يتعلق بأي شيء نشرناه." وأضاف ان ويكيليكس ربما تسلم بعض المواد الى مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا. وفي عام 2007 اصبح ايلمر أول شخص يقدم معلومات كي يستخدمها موقع ويكيليكس مما أغضب السلطات الامريكية في العام الماضي من خلال نشر مئات البرقيات الدبلوماسية السرية التي حصل عليها. وقال اسانج ان المعلومات التي قدمها ايلمر في السابق بشأن جزر كايمان كشفت "ممارسات فساد" و"اخفاء أرصدة على نحو مؤكد". وقال انه يتوقع افشاء معلومات مماثلة من البيانات الجديدة. وندد بنك يوليوس باير بموظفه السابق ايلمر لشنه حملة لتشويه سمعة البنك وعملائه. جزر كايمان هي إقليم ما وراء البحار بريطانية تقع في غرب البحر الكاريبي عاصمتها جورج تاون. وتعتبر الجزر مركزأ استثمارياً قليل الضرائب ,ومركزا لتحويل الأموال المشبوهة ,وإحدى المقاصد السياحية البارزة في العالم لأجل الغوص تحت الماء. تشتهر بكونها أحد أفضل مواقع الغطس والرياضات المائية الأخرى في العالم، وتحتضن الجزر عدداً كبيراً من الفنادق العالمية، إضافة إلى عدد آخر من الفنادق الصغيرة التي تلائم السياحة «الشبابية» الوافدة من الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية، في الوقت الذي يتمتع سكان جزيرتي «كايمان براك» و«ليتل كايمان» بأعلى معدل دخل بين دول الكاريبي، وتشتهر تلك الجزر، التي تتنوع أثنيات سكانها، بمرونة جهازها المصرفي وسريته الكبيرة، ما يجعلها مقصداً للودائع والتحويلات المالية، التي لا تحتاج في حالات كثيرة لإثبات مصادرها. كما تعد جزر الكايمان من أهم وجهات اليخوت التي تتقاطر إليها طوال العام تقريباً من أنحاء العالم كافة. موقع جزر الكايمن تقع جزر الكايمان في منطقة البحر الكاريبي، على بعد 240 كيلومتراً جنوب الساحل الكوبي، و770 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من مدينة ميامي في ولاية فلوريدا الأمريكية، وتبلغ مساحة الجزر الكلية 260 كيلومتراً مربعاً، في حين يصل عدد سكانها إلى 45 ألف نسمة، وعاصمتها جورج تاون، التي يقطنها وحدها 29 ألف نسمة. وتتألف جزر الكايمان من ثلاث جزر هي: «غراند كايمان» الأكبر من حيث المساحة، و«ليتل كايمان»، و«كايمان براك»، التي تبعد مسافة 143 كيلومتراً عن «غراند كايمان»، وتحظى الجزر بشواطئ تعد الأجمل في منطقة الكاريبي. تتبع جزر الكايمان سياسياً إلى التاج البريطاني منذ العام 1670، ويمثل رئيس البلاد ملكة بريطانيا فيها، فيما تعتمد الإنجليزية لغة رسمية، ويتحدثها أبناء الجزر بلكنة تختلط فيها اللهجات الأسكتلندية، والويلزية، وأغلب سكان الجزر من المسيحيين، في حين يبلغ إجمالي الناتج المحلي 1.4 مليار دولار سنوياً، وتصدر الأسماك والزهور، فيما تعد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وجزر الأنتيل الهولندية أهم الشركاء التجاريين لها، وتتخذ عملة جزر الكايمان اسم «الدولار الكايماني» وتبلغ قيمته 1.25 دولار أمريكي. ويعمل في جزر الكايمان عدد كبير من الفنادق مختلفة المستويات، فإلى جانب فنادق تحمل أسماءً عالمية مثل «ريتز كارلتون»، و«ماريوت»، و«سن سيت»، ينشط في الجزر عدد كبير من الفنادق المحلية، التي تقدم معدلات أسعار لإقامة منخفضة نسبياً، قياساً ببلدان الكاريبي الأخرى. كما يعمل في جزر الكايمان نحو 40 بنكاً محلياً وعالمياً، توفر طيفاً واسعاً من الخدمات البنكية، التي تعد الأكثر مرونة في العالم، ومن أشهرها «بنك أوف نيويورك ترست كومباني»، و«بي. ان. بي. باريبا»، وتتمتع جزر الكايمان ببيئة أعمال معفاة من أشكال الضرائب المباشرة كافة، ما يجعلها بيئة جاذبة للرساميل. يذكر أن بنوك كايمان كانت قد أفرجت سابقا عن مبالغ عراقية مجمدة لصالح إعادة تعمير العراق وفق رغبة واشنطن . ومن العمليات في الأشهر الأخيرة لغسل الأموال فيها قضية إحدى العائلات السعودية المعروفة فقد تمكنت من إتمام عمليات غسيل أموال وصلت قيمتها إلى تريليون دولار من خلال بنوك أمريكية. وقال إيريك لويس، محامي إحدى العائلات المنافسة، إن معن الصانع قام بتسريب مبلغ 160 مليار دولار عبر أحد البنوك الأمريكية، غير أن تلك العملية لم ترفع من درجة الإنذار لدى هذا النظام البنكي. وبحسب صحيفة أمريكية، يمثل لويس عائلة القصيبي السعودية التي تمتلك مصرفين في البحرين، وشركات أخرى في جزر الكايمان وسويسرا.