كتبنا سابقا , وحاولنا أن نقدم قراءة عقلانية موضوعية ولم نجامل أحد ,إيمانا بأن التغيير هو مطلب حق , وأن الأخطاء باتت جسيمة ,واحتراما لدماء الشهداء , واحتراما لعقول الناس ,
ولأنه الوطن ,فلا مجاملة ويجب أن تقال الحقيقة عارية.
ما بدأ بمطالب وقفنا مع عناوينهاالوطنية, وطالبنا بتحقيقها, وانتقدنا العنف من قبل السلطة وأن الأمر يحل بتحقيق المطالب ,وبعيدا عن تبسيط واختصار الأزمة فهي قائمة وهذا لا يلغي شيئا من ضرورة الإعتراف بالمطالب و تحقيقها.
يتحول اليوم أويراد له أ ن يتحول إلى جهاد مقدس ضد كفار وإلى مسيرة أكفان وإلى استعراض مسلح,ليس بالأسلحة البيضاء , بل بالقنابل والديناميت والرشاشات.
بعد يوم الأحد 11 نيسان 2011
لم يعد الأمر وجهة نظر , ولا تحليلا سياسيا,ولامقاربات موضوعية وسواها
وعلى كل وطني أن يعلم أن كل ذلك سيصبح نرفا لا جدوى منه ,ولن يسمعه أحد
وهاهو هيثم مناع يؤكد:للمؤامرة عنصرين
:المال والسلاح.
فإن توفر أحدهما ,فإنها حاضرة.
ومتى انزلق التغيير الديموقراطي في سوريا لمنزلقين:العنف, والطائفية.
فإن هذا كفيل بمقتله.
إن ماجرى يوم الأحد من اعتراض لعربة" زيل" تنقل جنودا على جسر القوز في بانياس ,ومن ثم (اعتقال) أحد الجنود الناجين , بل والتباهي بذلك وعرضه كأسير حرب على صفحة الثورة السورية على الفيسبوك , لهو أمر بعيد في معانيه ودلالاته ,فبعد قطع الطريق الدولية بين طرطوس وبانياس وإمطاره بالقنابل وبالأسلحة الرشاشة التي انطلقت من فوق الجسر ومن البيوت الملاصقة للطريق, ومن يعرف هذه المنطقة يعلم أنها مكان مثالي لنصب الكمائن ,حيث كتف مرتفع صخري وبيوت متلاصقة بجانب الأوتوستراد.
وقد تحدث العديد من عابري الطريق والسائقين في ذلك اليوم عن تعرضهم لذلك الكمين ,
وعن إحراق السيارات .
وما جرى قبلها من مسيرة (أكفان) ودعوات للجهاد قبل يوم من المساجد,وأحاديث أهل بانياس عن كمية الأسلحة الموجودة هناك وكذلك عن الإستعدادات من قبل مجموعات مجهزة ومحضرة لحرب عصابات طويلة.
وإن ما كتبه ثوار الفيسبوك على صفحتهم يزيد من الإقتناع بأن هؤلاء الناس بائسون ,
على أقل تقدير, فقد نشروا تفسيرهم للحادثة:بأن قوات الأمن والجيش يطلقون النار على بعضهم؟!
وبعد هذا الحل العبقري , ينشرون مقطعا لفيديو يصوّر أحد الجنود ويصفونه بالمعتقل لديهم
,(ومتى كانت التحركات السلمية تعتقل جنودا ,هذا يجب أن يسجّل كسابقة لهم)
ويستنطقونه بطريقة التحقيق البوليسي,ومع أن هذا الجندي لم يقل شيئاسوى انه مكلف بحماية الطريق الدولية وأن الرصاص كان يأتي من خلفهم ومن أمامهم ومن كل الجهات
,ولكن رغم ذلك ينشرون المقطع كإعتراف بأن قادته يطلقون النار عليه!!!
إن هذه الأحداث الفاقعة الرؤية والواضحة الدلائل والتي لا تحتاج لأي عقل تحليلي أو تركيبي لفهم مآلها ومغزاها
ولا تحتاج لأي فبركات من إعلام السلطة البائس ,
قد انعطفت بالأمور انعطافا حاسما, وبيّنت العناصر والقطب التي كانت مستترة.
لقد توفر عنصرا واحدا على الاقل من عناصر المؤامرة,وهو السلاح , بغض النظر عن العنصر الآخر وهو المال وهذا يكفي .
ولقد وقع التغيير الديموقراطي السلمي في العنف وفي الطائفية.
ووقوعه في أي منهما سيؤدي لمقتله,كيف إذا وقع بالإثنين؟!
لقد سقط الحراك السلمي من أعلى جسر القوز , متسربلا في الأكفان ,منحطما في العنف .
جسر "القوز"منعطف, فتذكّروا هذا الاسم جيدا ...