برد الطقس والتينات كعبوا عأمون هو مقطع من أغنية لفيروز كتبها منصور ذات خريف وكلمة كعبوا تعني الكثير لأبناء القرى ,
فثمار التين الناضجة جداً هي الكعيبات , وكم كنا نبحث عن هذه الثمار في الخريف وراء أوراق التين الصفراء كما كنا نبحث عن عناقيد العنب الصغيرة التي لم يلحظها القاطفون, حيث تدلنا عليها الزنابير الحمراء الغاضبة أبداً, والتي كنا نتحاشاها فلسعاتها مؤلمة , وأنا آسف ياأخي القارىء لأنني احدثك عن الزنانير في هذا الصباح الخريفي الجميل , وصدقوني أنا أغبط , اولئك البشر الذين يعيشون في القرى البعيدة الضائعة في أقصى الجرد , فمنذ أيام كنت في قرية بيت جاش وهي عدة بيوت بسيطة , في مدخل القرية كان هناك عدة نساء يخبزن على التنور وقفت وسلمت, قالت لي واحدة: ألا تأكل خبز تنور...?
قلت : أحب ذلك ...!! جمعت المرأة عدة أرغفة ثم قامت وقالت : تفضل على البيت ...!! وذهبت معها والبيت غرفتان بسيطتان مفروشتان بحصيرين وهناك عدة كراسي قش صغيرة , جلست , وبعد قليل جاءت المرأة بطبق من قش وعليه الارغفة وكان هناك صحن زيت وبصلتان , وضعت المرأة الطبق على الكرسي ثم تطلعت اليّ بعينين ضاحكتين وقالت :
ياميت أهلا وسهلاً فيك واستاذ ....!!
قلت : أين أبو الأولاد ...?
قالت : والله مات منذ فترة ...!!
قلت : كم ولد لديك ...? قالت : اثنان ...
قلت وهل يتابعون دراستهم ...?
قالت : الحمد لله انهم يدرسون في قرية (الشندخة)
قلت وكيف يذهبون الى المدرسة ...?
قالت : والله .. بروحوا مشي ..!!
كانت الشمس تميل نحو الغرب , قمت وحملت نفسي باتجاه اللاذقية , قبل قرية » الشندخة « كان هناك شاب يرعى قطيعاً من الماعز , سلمت عليه , وسألته أن يبيعني جدياً .. قال ضاحكاً: خذه مجاناً ..!
وتابعت سيري .. على جوانب الطريق كان هناك شجيرات تين مليئة بالثمار , وكان هناك صبايا سعيدات ضاحكات , وكان الخريف الجميل بأوراقه الصفراء والحمراء يزين الوجود , في قرية
الشندخة لفت نظري بيت جميل مبني بحجارة بيضاء , وكان أمام البيت مجموعة من الرجال والنساء دعوني , فلبيت الدعوة , كان أمام المجموعة جمام مملوء بثمار التين , وكان هناك دست فيه قمحية على وشك النضج , كانت الشمس تكاد تلامس البحر .. قمت .. وحاول الحاضرون أن أبقى معهم على العشاء .. ولكن .. مات نهار آخر ..!!