قبل الف عام صرخ بهم شاعرهم نادبا لاذعا!
اذروة الدين ان تحفوا شواربكم
يا امة ضحكت من جهلها الأمم
وبعده بألف عام صرخ بهم شاعرهم منبها، موقظا، نازفا:
تنبهوا واستفيقوا ايها العرب
فقد طغي السيل حتي غاصت الركب
وبعده بقرن من الزمان يصرخ بهم شاعر غاضبا، مضرجا بعارهم، مبرحا، منذرا:
تنبهوا، واستفيقوا ايها البهم
فقد طغي السيل حتي غاصت اللمم
اذروة المجد ان تحشوا بطونكمو
وتنكحوا اربعا، يابئس مجدكم
ام ذروة الدعم ان تبكوا علي رمم
وتحمدوا لله ان ظلت لكم رمم
ََأأمة انتمو، ام انتمو امة
لكل من شاء تعنو وهي تبتسم ؟
لم اسماها كاتب ليس منهم امة من الفئران ، وكان من صلافته انه لم يعتذر للفئران، فالفئران تسعي، وتخطط طويلا للحظة ظهورها من مخابئها كي تقضم لقمة عيش. والفئران حريصة، ذكية، ماهرة، والفئران تري وتبصر وتشم وتسمع حتي رسيس النسيم في فضاء بعيد، فتعد لكل شيء عدته، بل هي امة تزاوج فيها النعام بوحش من سباع البراري، فهي نعام يدفن رأسه في الرمال ـ رمال الصحراء ورمال الشطآن، لا تري ما ينبغي ان تراه، نعام يفرش نعومة ريشه لاصابع الغزاة الاقوياء المفترعين، ووحش برار كاسر مفترس علي اهله، والمستضعفين من حوله، والضاربين في اغنامه.
ولقد دفنتم رأسكم في الرمال، وايم الحق، استسلمتم امام الغزاة ظنا منكم ان في استسلامكم نجاة لرؤوسكم، رأيتم رأس العراق العريق يجتز فهللتم وحملتم النعش والرفوش والفؤوس لتدفنوه بشعائر الخالق ورحمته، قال لكم الغزاة، نجتز رأس العراق لنبني لكم مجدا وعزة وكرامة، وضحكتم وصفقتم فرحا بمجد ما هو غير سراب بقبعة امريكية، لكنكم اسدلتم واقع الوهم علي انصاركم فلم تعد تري ما يري. وايم الحق، ان رؤوسكم انتم هي التي ستتهاوي علي مفاصل الغزاة في آت من الأيام. وسيبتكرون اسبابا ودوافع وتهما من اجل احتزاز لحاكم، ومقصلة اعضائكم كما ابتكروا من اجل العراق، ولقد حفرتم لانفسكم قبورا حين حللتم لامريكا اجتياح العراق لتحريره علي طريقتها، واحد منكم ستدمر عروشه لأنه يعمل تبعا لشريعة تتلاءم مع الدستور الامريكي ومتطلبات الحرية في القرن الواحد والعشرين.
وواحد منكم ستقتلع اظفاره بالكلابات لأنه يتزوج صبايا لم يبلغن السن القانوني للنكاح في نيويورك، وواحد منم ستنسف دعائم حكمه لأنه يحلل ما لا يحلله جورج واشنطن ويحرم ما لا يحرمه، مدعيا ان هذا هو ما يحلله ويحرمه خالق الاكوان، وآخر بينكم ستجتاح بلده لأنه لا يسمح للمعارضة بحرية العمل لاسقاط حكمه، وآخر مثله سيتطاير رأسه شظايا لأنه يحكم باسم حزب واحد، او طائفة لا تشكل اغلبية، ولم يصل الي الحكم بانتخاب ينفق فيه ملايين الدولارات علي الحملات الانتخابية، ويشتري وسائل الاعلام لدعمه اما اكثركم امانا فسيفصم رأسه عن جسده لأنه ما يزال يكره اسرائيل حبيبة امريكا ووصيفتها وسيدتها وعميلتها.
بلي، ايها البهم البهاليل
كلكم علي الطريق ، واحدا واحدا، عبدا عبدا، وتابعا تابعا، وجبانا جبانا، في المصهر ذاته ستشوي اجسادكم قبل ان يتاح لكم ان ترفوا رؤوسكم من تحت الرمال الدافئة.
ذلك ان ربكم انعم علي ارضكم بألف شيء وشيء، لم يكن من العدالة في شيء ان تجد طريقها الي ارضكم انتم لا الي الصحاري الامريكية وغابات جبالها وسهولها الشاسعة.
ثمة خطأ في تصميم الكون تراه امريكا، وهي بصلف قوتها، وغطرسة اسلحتها، مصممة علي ان تصحح الخطأ وتعيد الكون الي ما كان ينبغي ان يكون عليه، كنوزا من الخير والثراء محصورة قطعا في الفضاء الامريكي والاراضي الامريكية.
وانتم بما انعم ربكم به عليكم غير جديرين: امريكا ستثبت انكم لا تعرفون كيف تستغلون اموالكم، وان ملوككم ورؤساءكم الملكيين ينهبون ثروات البلاد ويهربونها الي البنوك الامريكية (علي اية حال)، فالحق يقضي بأن ترفع ايديكم قسرا عن هذه الثروات لتستغلها امريكا لمستقبل شعوبكم كوديعة في البنوك الامريكية.
(*) استاذ الأدب العربي بجامعة لندن