آخر الأخبار

قطار العصاة في محطـّة حماة

-------------------------------------

في مشهد تواصل احتدام الصراع على/ وفي سورية، بالتزامن مع جمعتيّ (إسقاط الشرعية 1/7/2011) و (لا للحوار 8/7/2011)، وموقع الدعوة إلى عقد " المؤتمر التشاوري للحوار الوطني في 10-11/7/2011) منهما، برز حدثان دلاليان شكـّلا مَعْلمَين إحداثيـّين على خريطة سكة قطار التغيير في سوريا انطلاقا ً من محطته الحموية الأخيرة.

الحدث الأول، كان انعقاد مؤتمر (دعم الحراك الشعبي في سوريا) يوم 3/7/2011 في باريس بدعوة مشتركة من منتدى (قواعد اللعبة) الذي يرأسه الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي، و(جمعية نجدة سورية) التي أسسها المذكور إياه، وترأسها السورية لمى الأتاسي، وحضور جمع ٍ متماهٍ من الشخصيات الفرنسية والإسرائيلية أصيلة التـّصهين، ورهط المتهوّدين ذوي الخبرة والكفاءة والثقافة والمعرفة والإدارة في أصول الاستبداد، المنخرطين في جماعات اللوبي اليهودي في فرنسا. وفي المقاعد الخلفية المخصصة للعبيد تزاحم بضعٌُ من الطفيليات المعربشة على قوام التغيير في سوريا، من أعضاء المكتب التنفيذي لمؤتمر انطاليا وممثلين من جماعة الساقط الخدام وإخوانهم المسلمين، والتي نمت وتطاولت بفعل إدمان البول اليهودي.

لم يكن لصرخة الصبية السوريّة (ثريا): "لا يوجد سوري واحد في هذه القاعة .. لا أرى سوى الصهاينة"، إلا صدى ً يتيما ً لزميلها (محمد عليوي): "إنّ من أيّد ودافع عن الحرب الإسرائيلية على غزة، ووقف إلى جانب الحرب على العراق، لا يمكن أن يكون صديقا ً لشعب سوريا". وكانت أكف وأذرع الأمن والشرطة أسرع إلى كمّ فيهيهما ورميهما إلى الشارع. ولتستمر، برعاية حاخام الكنائس والمساجد برنار هنري ليفي، مراسم الاحتفال بما خفي من تبادل الحب الحرام، وإشهاره زواجا ً كنسيا ً أبديا ً، والاعتراف بثمرته - الكسندر جولد فارب نائب الكنيست السابق ومستشار وزير الدفاع الإسرائيلي باراك - معارضا ً سوريا ً ينطق باسم رائدة الحريات الديموقراطية، جمعية "التغيير الديموقراطي في سوريا"، طليعة المعارضة السورية وموضع تحلـّق كل أطيافها.

تلا ذلك، وبسرعة البرق، الحدث الثاني في التدخل الامبريالي المحموم في الشأن السوري، حيث غافل سفير أمريكا في دمشق الجميع ومن بينهم شريكه ومنافسه ورفيق دربه الفرنسي، متسللا ً إلى حماة، ليعلن تولي بلاده وإشغالها غرفة القيادة في قطار التغيير الإمبريالي في سورية، ومن محطته الحموية، تاركا ً مقطورات الدرجة الأولى للمروجين والمهرجين والسحرة المتهوّدين، ولتبقَ الفركونات والمقطورات الخلفية المجرورة، والمكشوفة على الأعاصير مسرحا ً للكيديّين والثأريّين وللرّعاع والغوغاء من جامعي النقطة والمصفـّـقين والمطبّـلين والمزمّرين.

وبالقفز عن أكاذيب وأوهام فيض الحنان والسخاء في الرفق والوفاء للدم السوري المراق، فقد لحظ جواسيس الغرب من دبلوماسيين وخبراء استراتيجيين من كل الجنسيات، وبعد سحق النظام لحراك المسلحين في الشمال وإلحاقه بسابقيه في الجنوب والوسط، تأخر ظهور علامات لسقوط الحكم، فلا تآكل في مكوّناته، والصلابة بادية في النسيج الاجتماعي، ولا آثر لعدم تماسك الجيش وقواه الأمنية ، والاستقرار النسبي للاقتصاد ما زال تحت السيطرة. وهذا يعني في عرف مصممي الخطة قصورَ خطـّتهم، وأن القوة الموّكلة بالتنفيذ المباشر مضّطربة وغير قادرة على تلبية المطلوب، ومن الضروري حقنها مجدداً وإظهار قيادتها الفعليةً. وهذا ما يؤكده الحراك الفرنسي والأمريكي نحو مجلس الأمن لإدانة سورية بالإجماع على خلفية احتجاج السوريين أمام سفارتي أمريكا وفرنسا على مواقف دولتيهما، وليس آخرا ً إحالة تلفيقية الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن، ونحو إحالة ملف مسؤولي الحكم في سوريا بتهم ارتكاب مجازر حرب إلى محكمة لاهاي، والتي ستلتقي مع تهم مبيتة في جعبة محكمة اغتيال الحريري. ولا أحد يجهل معنى خروج (هيثم المالح) إلى تركيا للعمل على تشكيل حكومة مؤقتة تق
ود المعارضة وترث قيادة المجتمع السوري بعد إسقاط الحكم الحالي.

إن توغل الأعداء في تقرير مصيرنا في بلادنا بالغ التمظهر ومستمر منذ أمد بعيد ولن يتوقف. وهو توغل لا يمكن التغاضي عنه أو تحييده أو فصله - في أي لحظة - عن حجم الاستبداد والدمار القائم، ولا عن تكتيكات واستراتيجيات الخلاص منه. والتصدي له متزايد الكلفة على كل الصعد، والتقصير عن إيقافه على أي مستوى يزيد في الكلفة مثلما يفسح لمزيد من التوغل دون أن تتوقف هذه الدائرة الجهنمية المفرغة عن دورانها. ونقصد هنا وحدة وشمولية معركة الخلاص من شمولية وتوحد القهر والاستبداد، أي معركة .. للتحرر والتحرير.

وبالنظر في يوميات الصراع الدامي في سورية على مدار الأشهر الأربعة الماضية، تتكشـّف الخطة الامبريالية المتهوّدة المرسومة مسبقا ً- وعن موقع للمعارضة السورية فيها - للتعرّض لمرتكزات الوجود والقوة والبقاء للمجتمع السوري ودوره في المنطقة، لا حرمانا ً للنظام من الاستناد إليها، ولا دعوة ً للمعارضة للتشبث بها والبناء على أصالتها، بل باعتبار تفكيكها وتدميرها هدفا ً لترسخ الهيمنة الإمبريالية الغارقة في أزماتها، يتم الوصول إليه بتفجير التناقضات والصراعات الداخلية لإزاحة النظام المعيق لولوج الديموقراطية الغربية مشهودة الصيت والسمعة، وسوق الشعب إلى متاهات تحجب عن ناظريه سعيه الأكيد إلى مجتمع أقل مظلومية وأكثر عدالةً ومساواة ً لجميع المواطنين وبما يعزز صموده ومقاومته في مواجهة التطاولات والأطماع الخارجية.

وفي التفصيل، اعتبر الغرب المتهوّد ومعارضته معا ً، أن عودة الجيش إلى ثكناته في محيط حماة بعد تنفيذ مهمته في مناطق جسر الشغور منغصا ًً يهدد بزوال متع رذائل التحلل ولذائذ الإلحاق والالتحاق التي انتشرت طقوسها الاستعراضية القبيحة في ساحات وشوارع مدينة حماة بقطع طرقها وتقطيع أوصال الحياة فيها من قبل مجموعات من العراعير والملتحين بلا شوارب وطلاب الثأر وأحزاب معارِضة تُحسَب على الوطنية (تحقيقات متزامنة في جريدة السفير)، تتعايش فقط على الرفض القطعي للحوار لوضع أهل المدينة والنظام معا ً على سكة التسليم بالأمر الواقع توطئة لمزيد من التسليمات، أو تعريض المدينة لموجة من الموت المتبادل على مذبح استحقاقات الغرب المتهوّد المعدّة سلفا ً. في حين كان الحكم يمارس تكتيكا ً مختلفا ً نأمل أن يكون ناجعا ً في مصلحة الشعب السوري، تاركا ً للمعارضين الغرق في مستنقعات مرفوضاتهم، دون أن يقدموا بديلا ً سوى تسليم عنق الحكم للجزار الدولي المتهوّد.

وعلى درب الحوار الممنوع، تقاتل المعارضة المتهوّدة من أجل توحيد لون المعارضين تحت لوائها. وتعتبر أي محاولة للتمايز عنها هي من دسائس النظام، ورغبة منه في تأسيس معارضة مدجـّنة على مقاسه، أو جنوحا ً لرموز معارِضة نحو المصالح الشخصية. لترسيخ صورة أن النظام يحاور نفسه أو بعض الانتهازيين من المتسلقين والمنتفعين، تهربا ً وتطاولا ً وإبعادا ً لاستحقاق الإجماع الدولي حول سقوط شرعية الحكم ورموزه الأمنية والسياسية والمالية.

لم يكن شعار "لا للحوار" مشهرا ً في وجه الحكم فقط، بل في وجه المجتمع السوري برمته، وبالمقدمة منه وجه طيف المعارضة الذي تقدم خطوة نحو الحوار الوطني (التي قدرها المجتمع السوري إيجابيا ً) ثم تراجع عنها على أثر التدخل الأميركي الفرنسي، خشية الانسياق إلى مواقف فاضحة يراها ممالئة للحكم الذي يُجْهَد على الأقل لسحب البساط من تحت أقدام المعارضة المتهوّدة، وتفقده ظهيره وسنده المعارض المتهوّد وأسياده،الذي يطالبه بدوره بحسم خياره بالالتحاق به وببرنامجه، والأهم منع استدارته باتجاه ملامسة حقيقية للمطالب الشعبية. وقد تجلت ريشيّة وزن هذا الطيف من المعارضين في الداخل بالمقاطعة الكيفية للحوار، كل حسب لونه، ولكل تبريراته، لكن بالتوحد حول أسبقية إسقاط الحكم، وهو أول أهداف المعارضة المتهوّدة لإنفاذ سياسات الأعداء في المنطقة.

إن جذرية وشمولية الخطة واتساعها ومبلغ التصميم على الانسياق في إنفاذها يتجاوز بكثير قدرة المعارضة على التغطية عليها بشعار (مجتمع مدني ديموقراطي)، خاصة وأنها تطاولت لتمس وحدة وتناغم النسيج الاجتماعي، ودور الجيش وولاءه الوطني، والاقتصاد وتوجهاته، كما التحالفات العربية والإقليمية والدولية. دون أن يكون لهذه المعارضة موقفا ً واحداً واضحا ً متماسكا ً يشهد لها بتعارضها مع تفاصيل الخطة الغربية المتهوّدة التي تنكر صلتها بها أو تدعي أنها متهمة بها، ودون أن تكلف خاطرها عبء الرد على اتهامها.

فدعوات الجهاد من أجل إقامة إمارات إسلامية، أو دولة الخلافة، لم تكن تهمة تزول أو كذبة تنفضح بمجرد إنكار أصحابها. والتحشيد والتحريض على أساس من إيقاظ انتماءات وولاءات العشائر والقبائل الممتدة في كل المنطقة لم يكن مجرد حلم ليلي ينسى مع إطلالة الفجر. والتركيز على إطلاق التظاهرات والقلاقل من المساجد وليس من المدارس والجامعات والمعاهد والأسواق والحارات لا يغشي العيون عن طبيعتها وغاياتها (اللا ديموقراطية) كما لا يذهب بمخاوف المسيحيين أو يمنعهم من النظر في شأن مستقبلهم المنتظر. وممارسة القتل بحق العلويّين (لأن منهم متنفذين في الحكم الذي ينتمي إليه أضعاف عددهم من السنة والمسيحيين وغيرهم) لم يكن درءا ً لتفجر حروب مذهبية ودينية. والغـَزْل على مظالم السوريين الأكراد باعتبارهم أقلية قومية وليسوا جزءا ً أصيلاً من النسيج الاجتماعي السوري المتكـّون عبر التاريخ . وتناسي أن الأحبة الحلفاء الجيران الغيورون الترك يحتلون قسما ً من الأراضي السورية - لواء اسكندرون - ويطبقون على أصحابه السوريين أقسى أنواع المصادرة والقهر لهويتهم وحقوقهم القومية التي عجز كيان الاحتلال اليهودي بكل صلفه وعنصريته عن فرض
مثيلها في الجولان وفلسطين. وأنهم راع ٍ مباشر وأصحاب دور مبكر في التهيئة لقيام "إسرائيل" والوصول إلى إقامة علاقات إستراتيجية معها، لا تزال الآمال معقودة لتعزيزها وتطويرها وترسيخها.
تغاضت المعارضة (السلمية) بل وأنكرت وجود العصاة المسلحين وحجم ونوع ومصادر تسلحهم وتمويلهم، وعزت انتشار الدم والدمار والموت إلى دبابات وطائرات و صنوف مختلفة من الأسلحة تواجه تجمعات لشباب يلوحون بقبضاتهم ويصرخون بنداء الحرية.

ليس مطلبا ً ديموقراطيا ً إلغاء الآخرين ومصادرة وجودهم والتعبير عن وجودهم. والسمة الطاغية لصدقية أي حراك ديموقراطي هي تحييد الجيش والتضحية من أجل تحييده ومنع تفسخه وتفككه. إن التعرض للجيش بالنيل منه أو توريطه في صراعات داخلية لا يمكن أن يكون إلا مطلبا ً (ديموقراطيا ً) مخاتلا ًً. الحرب الأهلية هي فقط ما يدفع إلى انقسامه وتدميره، والاستهداف المباشر للجيش يعني شحذ الهمم لإعلان الحرب الأهلية.

فبالسرعة ذاتها التي تم فيها الزج بالجيش للتصدي لحراكات شعبية ومدنية سلمية، جرى اقتناص الفرصة من قبل العصاة المسلحين( وفيري المال والسلاح) لاستدراج الجيش إلى معارك ومطاردات على مساحة القطر، بتلويث سمعته ووصمه بأنه جيش طائفي للسلطة (العلوّية) الباغية، والطعن بعقيدته الوطنية وبكفاءته وانكفائه عن تحرير الأراضي المحتلة التي نسيها هؤلاء العصاة وأولي أمرهم منذ احتلالها، وقد عكس الكذب الكثير المتواصل عن تفكك الجيش وانقساماته وانشقاقاته واقتتال فرقه والإعدامات بالعشرات والمئات لجنوده وضباطه، مبلغ قلق الكاذبين من وحدة هذا الجيش وتماسكه ودوره وعقيدته القتالية الراسخة في حماية الوطن، وبالتالي ضرورة إرهاقه واستنزاف قدراته لتفكيكه وجعله لقمة سائغة أمام استحقاق التحطيم النهائي من قبل كيان الاغتصاب اليهودي الحالم بتوسعة حدوده إلى النيل والفرات. ولا يخفى على العين العادية المفارقة الشاذة لموقف هذه المعارضة من الجيش، عن موقف الجموع الشعبية المنتفضة في مصر وتونس، حول ضرورة تحييد الجيشين ، بل واستمالتهما بالرغم من ارتباطاتهما الخارجية على العكس من الجيش السوري، وعن المصير الماثل للعيان للجيش ال
ليبي وسابقه الجيش العراقي. وفوق هذا وذاك المراكمة المتعاظمة للسلاح كما ً ونوعاً التي تـُلزَمْ بحيازته (دون حق استخدامه) دول النفط المنهوب.

في المجال الاقتصادي .. لا تقدم المعارضة برنامجا ً لها، كما لا تنبس ببنت شفة حيال تدمير العديد من المنشآت المدنية والخدمية، وعن محاولات تدمير قدرة الليرة السورية والدعوات المحمومة لتهريب الأموال إلى الخارج ولسحب المواطنين مدخراتهم من البنوك لإعلان إفلاسها وتدمير المشاريع التي توظف بها هذه الأموال وكثير منها مشاريع إنتاجية أو خدمية شعبية. كما أن المعارضة السورية لم تخفِ تعلـّقها بالقرارات الدولية لتطبيق حصار اقتصادي خارجي (على بعض رموز النظام) يُحكِم الخناق على أعناق السوريين لإجبارهم على إقصاء الحكم.

كثيرا ً ما تعزف المعارضة ورموزها على نغمة أن أمريكا واليهود والغرب يعملون وفق مصالحهم .. (وكأننا لسنا معنيين بتلك المصالح - كون بلادنا هي موضوعها وغايتها) لتسوّغ في العقل مبررات زعرناتهم وتدخلاتهم واعتداءاتهم، ولترسّخ لفكرة عدم أحقية الاعتراض على التدخلات الدولية أو الرد عليها، حتى بتنا ننتظر أن نسمع منها علنا ً وصراحة ً تصنيف سوريا على لوائح الأشرار والشياطين والإرهابيين والمطلوبين الدوليين، ودعوة المجتمع الدولي الرؤوم لتطبيق عدالته وشرعيته على النظام العاصي والمتمرد.

إن تبادل القصف الإعلامي، بالتلفيق والكذب الرخيصين، والاصطفاف والبناء على أساسهما، هو إسهام مقصود ومتعمّد في نشر الكذب واستخدامه والبناء عليه .. وهذا لا يمكن أن يكون سلاحا ً في يد مطالبين بالحريات (إلا إذا كانت حرية الكذب). فمن يمارس التلفيق والكذب لن يسير خطوة واحدة (صادقة)، وأينما حل ووصل فهو مقيم غارق في الكذب. كما لا يمكن التعويل مطلقا ًعلى سقطات إعلامية للحكم - على محدودية قدراته قياسا ً لقدرات الإعلام الدولي المضاد له - لترجيح صدقية جيش الإعلام الدولي المشهود له بالبغي، والذي كانت له أيضا ً هناته وسقطاته المميتة. ولا يسوّغ للمعارضة أبدا ً الإصرار والإمعان في تبنيها على الرغم من الدلالات البالغة لانكشافها وافتضاحها.

تتمنع المعارضة عن إعلان مواقف واضحةً من الأحداث. ولا تقدم رموزها المقيمة على طاولات المقاهي أو عبر بعض وسائل الإعلام إلا تعليقات مبهمة للمتسائلين ، خلاصتها القبول بأي ضغط خارجي على (الحكم) حتى لو جاء من الشيطان. وفي أحسن تقدير يمكننا اعتبار ذلك تقديما ً لموقف تكتيكي ينقض وينسف موقف استراتيجي شمولي من الغرب المتهوّد كونه عدوا ً مباشرا ً ودائما ً حتى لحظة الخلاص منه على أقل تقدير.

الدولة تعبير عن الشعب، وحفظ أمن المعتدين ليس على عاتقها لأنها ليست محايدة. وموقف الشعب من السفارات المعادية ، هو عدم القبول بوجودها أصلا ً، لأنه في حالة عداء وحرب مع دولها. وأوكار الجاسوسية هذه لا حق لها للتدخل في بحث الشعوب عن مصائرها. ومن حق أي شعب إعلان موقفه من أي دولة خارجية أمام سفارتها وفي أي مكان آخر وأن تقابل العدوان بالرد على العدوان. فأين تقع مواقف الحكم والمعارضة من حق الشعب السوري في مقارعة أعدائه، خاصة أن كليهما يقرّان بأن غالبية الشعب السوري خارج إطارهما، ولماذا يغلقان الباب على دور الأكثرية، ويقتصران على التصادم في مظاهرات من نوع (منحبك) أو من ماركة (حرية) المسجّلة.

أخيرا ً، نؤكد على ضرورة يكون الحوار الوطني مشروعا ً لعبور الأزمة والخروج بسوريا من دوامة التأرجح والتأزم نحو التأسيس الحقيقي لوطن معافى ومتماسك داخليا ً قادر على صد الهجمات الخارجية. كما نؤكد على أن الحديث عن الحريات الديموقراطية ليس حديثا ً عن رغد الحياة. بل هو حديث لا يمكن التطرق إليه دون التداول في مواضيع حيازة مقدراتنا وخيراتنا المنهوبة من قبل شرائح داخلية أو من قبل الغرب الامبريالي المتهوّد وإسرائيله. وهو بالضرورة يتناول تعزيز أنماط اقتصادية وإنتاجية تدعم الصمود لطرد الاستعمار وتوغل مصالحه فينا. وإذا كانت المعارضة ، برؤيتها السياسية لمجمل التطورات في سورية العالم، ترى أن على رأس أولوياتها إسقاط النظام بعدم الالتفاف إلى المخاطر الخارجية التي توغلت ما يكفي في الجسد، فلها أن تكون حيث تريد وعليها أن تتحمل مسؤوليات ونتائج ذلك. وعلى أصحاب المشاعر المسترِقـّة والمسترَقـّة تجاه توصيفات (الخيانة) أن يبالغوا في الحذر عند تبيان مواقفهم كي لا يستحقوا الوصف وتبعاته.

15/7/2011