غاضبون، نعم غاضبون، وبعضهم يحق لهم، ولكن أغلبهم لا يرون أبعد من غضبهم على دولتهم، وهنا مكمن الخطر حيث استغل الثعالب غضب الأرانب الخارجين عن سلميتهم فارتدوا ثوب الأرانب السوداء وأعملوا فتكاً بالأرانب البيضاء متهمين صاحب المزرعة وحراسها وحماة أسوارها بقتلهم، وقد صدقت الغابة زعمهم نظراً لسوابق مربيهم في سلخ فروهم.. وهكذا فتحت الثعالب - عبر غضب الأرانب - الباب للذئاب وكل ذات ناب ومخلاب لتهديد الأسوار والمزرعة وقتل حراسها تمهيداً للإطاحة بالمربين تحت شعار إطلاق حرية الأرانب السورية في غابة الديمقراطية الأمريكية!؟
الأرانب تحب الحرية، وأوباما وساركوزي وحمد وأردوغان ووريث الفهد يحبون الأرانب بالملوخية، ولا يهمهم إن كانت عراقية أو ليبية أو سورية، وبعدما ينتهون من تمزيق لحوم الأرانب المناهضة لهم سيقبلون على لحوم الأرانب السوداء المتحالفة معهم ، ذلك أن طعم الأرانب يستوي تحت أسنان الذئاب والثعالب مهما كان لون جلدها المسلوخ عنها..
ومازال رعاة المزرعة يكعشون الأرانب الغاضبة بالعصا نحو بيوتها، والأرانب مازالت ترفض الحوار وتبادل الأفكار تحت ظل العصا الأمنية، بينما المشرفين على حسن سير نظام المزرعة وأمن الأرانب يقولون أنهم مضطرون لضرب الثعالب المتنكرة بجلود الأرانب السوداء وتدعيم الأسوار في وجه حيوانات الغابة التي تنشر القتل والدمار في المحميات والأمصار، وقد يطول الأمر ويستمر إلى أن يتعب أحد الطرفين المتنازعين، فإما يتمكن المشرفون من إعادة المتمردين إلى حظيرة الوطن، أو تتمكن سوداء الأرانب المتثعلبة من الخروج إلى حرية البرية الأطلسية ومجابهة تحدياتها المستقبلية، حيث ستضطر إلى حفر أوكار متباعدة لفصائلها المنفصلة عن بعضها، بحسب لونها وطوائفها، وهما أمران كلاهما مر، وأكثر مرارة منه عندما تكتشف الأرانب الغاضبة أنها وضعت رقبتها بنفسها بين براثن من اعتقدت أنه محررها، تماماً كما يعتقد الخروف أن اللص الذي فك رباطه وأخرجه من زريبته هو محرره الذي لن يسلخ جلده بعد خروجه جاعلاً منه مقعداً لمؤخرته..
وتمرد الأرانب السوداء ليس بثورة أو نهضة من رقدة، لأنه لا يحمل في خلفياته وطياته ملامح نظام جديد، فلا هي بثورة برجوازية ولا هي اشتراكية، ليست إسلامية صريحة ولا علمانية واضحة، وما يجمع بين أطرافها هو اتحاد تنسيقيات واشنطن التي توجه تنسيقية أنقرة وتنسيقية قطر وتنسيقية باريس وسائر تنسيقيات عرب روتانا في الجامعة العربية التي تسعى لخلق تنسيقية داخلية لأرانب المزرعة السورية دون جدوى..
من «تمرد الجماهير»بتصرف: وأما رئيس الملائكة وأقصد إبليس فقد كان أول الثائرين في التاريخ على السلطة بحسب رأي «الحلاج» في كتابه (الطواسين) والذي أخذه عنه وطوره صديقنا صادق جلال العظم في كتابه (نقد الفكر الديني)، غير أن المؤمنين بنظام السماء القديم مازالوا يعتبرونه مجرد تمرد وليس ثورة، لأنه لم يطرح نظاماً بديلاً لنظام الرب، وإنما كان تمرده وخروجه بسبب كراهيته لآدم وذريته.. لهذا، وعلى الرغم من ذكاء إبليس، ودهاء حلفائه، لم يتمكن بعد من تأسيس دولة عادلة على الأرض..
علامة: وقد بلغ العنف اليوم ذروة تطوره، وهذه علامة جيدة، لأنها تعني أنه سيأخذ بالانحدار بشكل آلي..
(الجمل)