نظرة على الوثيقة السياسية التي تحمل عنوان: التغيير الجذري: استراتيجية جديدة لتأمين المنطقة, وهي الوثيقة التي تم اعدادها آنذاك تحت اشراف ديك تشيني الذي يشغل حالياً منصب نائب الرئيس الأميركي، بالتعاون مع فريق عمل ضم منظرين مهمين أمثال «ريتشارد بيرل» ودوغ فيث وديفيد وورمسر, تلك الوثيقة رسمت معالم سيناريو مدروس ينص على أن يتم أولا القضاء في شكل كامل على كل ما أفرزه اتفاق أوسلو المبرم بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، ثم يتم بعد ذلك استهداف العراق أولا ثم سورية ثم لبنان فحزب الله وايران بهجمات عسكرية في موازاة عمليات زعزعة سياسية». و الوثيقة «نصت بوضوح على انه ينبغي على اسرائيل أن تشتبك مع حزب الله وسورية وايران باعتبارها العوامل الأساسية التي تقف وراء العنف ضدها,,, وهو الاشتباك الذي يجب - وفقاً للوثيقة - أن يتضمن السعي إلى ترسيخ سابقة مفادها أن الأراضي السورية لا تتمتع بالمناعة أو الحصانة ضد إمكان تعرضها لهجمات انطلاقا من لبنان بواسطة قوات تعمل بالوكالة لحساب إسرائيل»، وكذلك «القيام بضرب أهداف عسكرية سورية في لبنان»، وفي حال ثبوت عدم كفاية كل هذا، فإن الوثيقة توصي بـ «توجيه ضربات عسكرية إلى أهداف منتقاة في داخل الأراضي السورية». كما تنص الوثيقة على أنه «يجب على إسرائيل ايضا ان تسعى الى تشتيت انتباه سورية عن طريق استخدام عناصر المعارضة اللبنانية بهدف زعزعة وتقويض السيطرة السورية على لبنان». وعلاوة على ذلك فإن تلك الوثيقة دعت الى «التركيز على ازالة واقصاء صدام حسين عن السلطة في العراق,,,». ويمكن القول ان المحصلة النهائية التي سعت عقيدة «التغيير الجذري» الى تحقيقها عن طريق تلك السلسلة من الاحداث التفاعلية هي عبارة عن «شرق اوسط جديد» تكون إسرائيل هي المهيمنة عليه من خلال اشرافها على مجموعة من الدول المبلقنة حديثا والتي تديرها انظمة حاكمة عميلة, ولقد اعادت الادارة الاميركية اخيرا تأكيد عزمها على التخلص من حكومات تلك الدول الواحدة تلو الاخرى، وهي الحكومات التي اطلق عليها مسؤولو الادارة لقب «مواقع متقدمة للطغيان». اما بالنسبة الى الترتيب الذي كان من المقرر ان يتم ضرب تلك الحكومات وفقا له، فإنه كان من المفترض له اساسا ان يبدأ بايران، الا انه تم بعد ذلك نقل سورية الى المركز الاول في القائمة. ولكن احد الخبراء الأمريكيين في شؤون المنطقة صرح «ان السبب الذي يقف وراء هذا التبديل (اي سورية اولا بدلا من ايران) يكمن في انه اذا تعرضت ايران لهجوم عسكري من جانب الولايات المتحدة او إسرائيل، فإن ايران ستبادر الى الرد بشكل قد يؤدي الى خروج الامور عن نطاق السيطرة، حيث انها ستطلق العنان للقوات الحليفة والقوات الشيعية المتعاطفة معها في منطقة الخليج وفي لبنان. ----------- مصدر الوثيقة : مجلة انتيليجنس ريفيو الأمريكية
وكانت صحفية جورازليم بوست قد نشرت في تشرين الأول 2001 بعيد اعتداءات الحادي عشر من أيلول، في خضم الإعداد الأمريكي لاحتلال أفغانستان، معطيات منقولة عن الوثيقة الأمريكية تحت عنوان" خطة اختفاء أعداء الديمقراطية والسلام من الشرق الأوسط" وهم بالتدرج: صدام حسين، ياسر عرفات، معمر القذافي، عمر البشير،بشار الأسد.وقالت الصحيفة حينها إن الوثيقة أعدت بناء على طلب الرئيس الأميركي جورج بوش بعيد توليه السلطة، ليبدأ تنفيذها عملياً منذ الهجوم على العراق عام 2003.الوثيقة التي انطلقت من عدم استبعاد القيام بعمليات عسكرية لتحقيق الأهداف حين تسنح الظروف، اشترطت أن تكون في أكثرها منسقة مع دول حلف شمال الأطلسي، واستهلت بإيراد خطة مفصلة للغاية من غزو العراق فاعتماده قاعدة لتحقيق المشروع الأكبر للمنطقة بأسرها.وعلى هامش اتهامها عرفات بدعم المجموعات الإرهابية وعدم الإنصات إلى النصائح بضرورة مواجهتها، دعت الوثيقة إلى محاصرته لإفقاده أي تأثير، وهو ما حصل في ما بعد، خصوصاً في المرحلة التي سبقت وفاته.وأشارت الوثيقة إلى ضرورة التوصل إلى فهم واحد لحل النزاع العربي- الإسرائيلي بين الجانبين الأميركي والأوروبي، لتقول حرفياً في هذا الصدد: "لقد عانى الشرق الأوسط كثيراً بسبب أحداث هذا النزاع الذي ألقى غيوماً سوداء على المصالح المستقرة في هذه المنطقة، لكن في العامين الأخيرين، أصبح مؤكداً أن "الإرهابيين" بدأوا يلعبون الدور الأكبر في تحويل دفة هذا الصراع، وصارت لهم الغلبة الأساسية، والذي يتحمل المسؤولية هو ياسر عرفات".وبعد الحديث عن صدام حسين وياسر عرفات وسبل الإجهاز عليهما، تابعت الوثيقة: "بعد الانتهاء من هذه المرحلة التي سنتركها تتواصل سنتجه إلى ليبيا، حيث يرابض هناك واحد من أكثر الأنظمة ديكتاتورية في العالم، وسنجد الدوافع والاعتبارات الكافية للتدخل".وتابعت الوثيقة: "إن نظام القذافي دعم المنظمات الإرهابية في الكثير من دول العالم، وهو قدم للعراق عام 1998 مئتي مليون دولار لشراء المواد اللازمة لصناعة أسلحة الدمار الشامل، وكان ينفق كثيراً على العلماء العراقيين".
وبعدما زعمت الوثيقة أن هناك أدلة إلى أن القذافي سعى شخصياً إلى حيازة أسلحة الدمار الشامل، وأن هناك 100 عالم ذري عربي تقريباً يعملون في تصنيع بعض المواد النووية في ليبيا، وأن البرنامج مستمر لكنه يحمل طابع السرية التامة... خلصت إلى ضرورة إسقاط النظام الليبي وفق النمط العراقي.وأضافت: "لكن ما يجب أن نفعله هو ألا ندع فرصاً كثيرة للقذافي مثل صدام، وأن يتم الانتهاء منه عسكرياً في أقل الخيارات الزمنية المتاحة".