وفي محيطها الإقليمي الذي يتحطم تحت فعل المتغيرات الطارئة التي تحدث في المنطقة، فإسرائيل خلال عام فقدت حليفًا وصديقًا لم تتوقع أجهزتها الاستخبارية سقوطه ألاّ وهو الرئيس المصري حسني مبارك، كما أن وضع الملك عبدالله ملك الأردن لم يعد بالقوة التي كان عليها سابقًا حيث أصبح المزاج الشعبي يطالبه بالتغيير والإصلاح، ويُصعد حملته ومظاهراته ضد الفساد والإفساد، كذلك ليس الأحوال بأحسن أمام أمير قطر الذي ارتدى عباءة الثورية فجأة وأصبح راعي الحركات الشعبية وهو ما يضطره للعب في الظل لصالح إسرائيل وليس بالعلن، كما أن الرأي العام الدولي والعربي أصبح داعمًا وحافزًا للفلسطينيين أقوى من كل المراحل السابقة، وهو ما دفع الدبلوماسية الفلسطينية للحركة للأمام من خلال مباغتة إسرائيل في المؤسسات الدولية وتقديم فلسطين الدولة، وهو ما أربك حسابات إسرائيل ومن خلفها الداعم الحصري لها الولايات المتحدة التي أصبحت بين المطرق
ة والسنديان، مطرقة سياساتها الشرق أوسطية ودعمها المسمم للثورات العربية، والظهور بمظهر الحمل الوديع المناصر للثورات الشعبية والديمقراطية، وهو حق يراد به باطل، تصبو من خلاله لإعادة المشاهد في بغداد الرشيد، ومعتقل غوانتينامو الأسود في تاريخ رعاة البقر، وآكلة لحوم البشر أصحاب يارقات الحرية والديمقراطية الأمريكية. ومن ناحية أخرى موقفها من القضية الفلسطينية أمام الرأي العام الدولي، ولذلك قامت بممارسة دورها المعتاد في الضغط على طرف عربي ليمارس ضغوطه على السلطة الوطنية الفلسطينية، والرئيس محمود عباس ليذهب كما خلقتني يا مولاي لاجتماعات اللجنة الرباعية التي لم تقدم أي جديد، بل تعيد الحديث بما يتم الحديث به منذ ثمانية عشر عامًا من انطلاق المفاوضات التي يقودها الرجل الوحيد الذي فيما يبدو يفهم في فلسطين(د. صائب عريقات) الذي لم يحقق شيء سوى تبادل الابتسامات والضحكات مع الوفد الإسرائيلي الذي غير مفاوضيه عشرات المرات، إلاّ إننا فيما يبدو نسجد الملكية حتى بوفودنا المفاوضه، فإن كان الدكتور صائب لم يحقق شيء منذ ثمانية عشر عامًا فلماذا يبقى على رأس الوفد حتى الآن؟!!
تم ممارسة الضغوط على الرئيس الفلسطيني والسلطة الفلسطينية لتعود هذه المرة إلى الأردن تقدم ما قدمته منذ انطلاق المفاوضات، وتتسامر مع الوفد الإسرائيلي الذي لم يقدم شيء حتى راهن اللحظة سوى الإستماع لمطالبنا ورؤيتنا، في الوقت الذي يمارس تهويد مدينة القدس، وابتلاع مزيدًا من الأراضي بالاستيطان، وحجز عشرات الآلاف من أبنائنا الأسرى، بل واعتقال المزيد من أبناء شعبنا، وفرض حصاره على غزة... إلخ.
وفي الوقت الذي تعيش فيه إسرائيل بأزمة فعلية داخلية وخارجية جاءت اللجنة الرباعية بوفدي الأردن والسلطة الفلسطينية كمنقذ لإسرائيل من الضغوط التي تواجهها في جبهتها الداخلية وأزمات نتنياهو المتلاحقة، وكذلك في الضغوطات الخارجية والجدر التي بدأت ترسمها لحماية وجودها الهش من جميع اتجاهات الضغط الجغرافية، دون أن تقدم شيء يذكر أو يلمس سوى البهرجة وتبادل النكت السياسية مع الوفد الفلسطيني الذي بات لا يدرك لماذا هو هناك؟ ولماذا الذهاب لمفاوضات لا ضرع لها، ولا تدر لبن ولا ماء حتى؟ بل كل ما يقدمه هو إنقاذ لإسرائيل من ضغوطها وأزمتها.
علينا أن نعيد حساباتنا بما يتوافق مع المزاج الجماهيري والشعبي العربي والفلسطيني، وكذلك مع كادرنا الداخلي وخاصة في حركتي فتح وحماس والرفض لمعظم كادر وقيادة هاتين الحركتين لما يجري حاليًا من مفاوضات لا معنى لها، وتشير كل المؤشرات أن هناك رفض غير مسبوق داخل عناصر حركة فتح وحماس لهذه التحركات وأن الأغلبية تفضل إصلاح البيت داخليًا لكي نستطيع مواجهة هذا العدو الذي لا يميز بين فلسطيني وفلسطيني.
الخامس من (كانون ثان) يناير 2012م