آخر الأخبار

استمرار السلطة واستمرار الاحتلال، تبادل ادوار ام وظيفة؟

، وقد نسمع ببعض الاحيان القليل من الكلام الذي يحمل الاحتلال مسؤولية تردي الاوضاع الحياتية والمعيشية بفلسطين، وان الانظار الفلسطينية الشعبية اليوم هو كيف يمكن للفلسطيني ان يحصل على لقمة عيشه اولا، من اجل ان يتمكن من تربية ابنائه، تاركا الامور السياسية والحقوق الوطنية الى الخطوة الثانية التي لم تأتي بعد وقد لا تأتي.

فمنذ انشاءها تحملت السلطة الفلسطينية مسؤولية معالجة القضايا الحياتية للانسان الفلسطيني، ووافقت القيادة الفلسطينية على استبدال الدعم المالي الغير مشروط، بالمساعدات المالية من الدول الغربية والمراقبة الاسرائيلية على الاموال المحولة والمنقولة للشعب الفلسطيني بالداخل والاشراف على ميزانية السلطة، فبدلا ان تكون الاموال المحولة لدعم صمود الشعب الفلسطيني استرضت السلطة والقيادة ان تكون هذه الاموال لتوفير لقمة العيش، وافراغ مصطلح الصمود من مضمونه الوطني، الى ان اصبح المواطن الفلسطيني يقلق بلقمة عيشه قبل ان يقلق بالاحتلال واجراءاته القمعيه، الذي هو سببا بمعاناته، وتحول الاحتلال الصهيوني لفلسطين بالمرتبة الثانية باهتمام المواطن الفلسطيني، وهذا بالاساس نابع عن دور السلطة التي يرى قادة الاحتلال بالدور المنوط لها.

التنسيق الامني مع الكيان الصهيوني الذي اوكل للسلطة للقيام به، جاء نتيجة اتفاق سياسي، وتنفيذا وتطبيقا لموقف سياسي، وظيفة ودورا لسلطة يوكل لها تنفيذ ما اتفق عليه سياسيا بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية فدور السلطة الفلسطينية كان واضحا عندما تحملت مسؤولية تصفية المقاومة وتفكيك الخلايا العسكرية وشراء بعض الضمائر من خلال الوظيفة وراتب اخر الشهر، ونجحت بتصفية المقاومة بكل ما تحمله من معاني نضالية، وقد نجحت السلطة من خلال وظيفتها بهذه المهمة بعد ان استطاعت وتمكنت من خلال التعاون والتنسيق مع الاحتلال الصهيوني من ملاحقة المئات بل الالاف من المناضلين والفدائيين وزجهم بالسجون الفلسطينية سواء قبل او خلال او بعد الانتفاضة الفلسطينية اي منذ اوسلو.

رغم ان البعض كان يحاول ايهامنا بوطنية السلطة الا ان اي مراجعة لمسيرة هذه السلطة لا يجد لها الا مهمة تنفيذ مخطط، كانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية قد وقعت به نتيجة حسابات وتقديرات خاطئة مبنية على رهانات ومواقف غير سليمة، فالسلطة الفلسطينية خلقت واقع اجتماعي جديد يختلف كليا عن الواقع الاجتماعي قبل مجيء اوسلو، فما فشل به الاحتلال قبل اوسلو حققه من خلال السلطة الفلسطينية بعد اوسلو، والتفكك الاجتماعي الذي يحصل بالمجتمع الفلسطيني، والفروقات الكبيرة بين طبقات المجتمع الفلسطيني، كانت لها اثرها السلبي على طبيعة الصراع الدائر مع الكيان الصهيوني، وهنا اتساءل: هل هذه الفروقات تحافظ على وطنية كل الطبقات واصطفافها بمواجهة الكيان الصهيوني؟

المجتمع الفلسطيني يفرز طبقة راسمالية وكمبرادورية تترك بصمات لها على طبيعة الصراع، تعمل هذه الطبقة على استغلال المواطن الفلسطيني العادي والفقير، وهذه الطبقة تعيش تحت ظروف احتلال وبمراقبته ومعرفة اهدافها او تسييرها بما تخدم اهداف الاحتلال، وهذه الطبقة بطبيعتها لا يمكن ان تكون قادر على توفير ارضية مقاومة ورفض لسياسة الاحتلال او استمراره، وهي بطبيعتها ستكون ضمن الخطوط التي يرسمها ويحددها الاحتلال لاحكام سيطرته على الارض الفلسطينية وتضييق الحياة وتعكيرها على الشعب الفلسطيني، وهذا ما كان ليحصل لو ان السلطة الفلسطينية غير موجودة، ولو ان اتفاق اوسلو لم يوقع قد يكون الواقع يختلف، فالسلطة الفلسطينية تتحمل هي مسؤولية الفقر التي يمر بها المواطن الفلسطيني، والسلطة نفسها غير قادرة على حل الاشكاليات او المشاكل الاجتماعية التي تظهر وتتراكم بالمجتمع الفلسطيني، وهي نفسها تتحمل هذه المسؤولية لان الاحتلال يلعب دورا اساسيا بفكفكة المجتمع الفلسطيني لتعمل على انهياره، فهذه هي الوظيفة التي جاءت بها السلطة لخدمة الاحتلال وانجاز ما غجز عنه منذ اليوم الاول لاحتلال فلسطين، وهناك من يسأل لنتخلص من السلط
ة اذن؟ وكيف سنتخلص من سلطة تتحكم اليوم بمئات الالاف من العائلات الفلسطينية والتي لا يهما اليوم الا ان تحصل على لقمة عيشها؟

زوال السلطة اليوم هو تفكيك للمجتمع الفلسطيني وقد يؤدي الى انهياره بظل غياب البديل، وبظل استمرار حالة الانقسام التي تساهم بانهيار ما تبقى من مقومات الصمود، وواضح حتى اللحظة بان القيادة الفلسطينية غير قادرة على حل السلطة وغير قادرة على اجراء تعديل بمفاهيمها الوظيفية وتحويلها الى سلطة وطنية حقيقية، الكيان الصهيوني يرى بالسلطة الفلسطينية انها بالحلقة الاخيرة من المسلسل لالغائها والذي يعني بها انهيار القضية امام استعصاء الحل لاعادة بناء المؤسسة الفلسطينية الوطنية للشعب الفلسطيني، وهذا يفرض على القوى الفلسطينية ذات التاثير العمل وبكل جدية على حشد وتعبئة الجماهير وتنبيهها للمخاطر الكبيرة التي تحدق بالقضية وتهدد مستقبل الانسان الفلسطيني بوطنه وارضه، حيث اننا نقترب من ربيع فلسطيني له نتائج اسوء من ما نعيشه اليوم، فنحن نشاهد بأم اعيننا ما يحصل بسوريا ومصر وما حصل بليبيا وغيرها من الدول العربية، وما اريد التأكيد عليه بان السلطة الفلسطينية لم تكن منذ مجيئها بخدمة الانسان الفلسطيني وقضيته الوطنية، وانما جاءت لخدمة الكيان الصهيوني وتوفير الحماية له، فلا ننسى ابدا الاطروحات وتبريرات الحكوما
ت العربية عندما لاحقت الفدائيين سواء بالاردن او مصر او سوريا، فكان المناضل والمقاوم الفلسطيني يدفع ثمن وطنيته بالسجون العربية وبعضهم استشهد، وهذا ايضا ما حصل ابان السلطة الفلسطينية حيث المواطن الفلسطيني يدفع ثمن وطنيته ليكون بسجون السلطة، فها هي الحكومات العربية بعد ان قدمت خدمة جليلة للعدو الصعيوني بتصفية المقاومة بدلا من تعزيزها، فها هي تسقط حكومة تلو حكومة، واذا كانت السلطة الفلسطينية ترى عكس هذا المصير فها هي اليوم اضعف بكثير من الامس لانها جردت نفسها من كل اوراق القوة التي كانت متوفرة وبالامكان الاستفادة منها، والسلطة الفلسطينية باعتبارها انجزت خدمتها لن يكون امامها الا السقوط باتجاه الخيار الاردني.

فالبديل هو عند القوى الفلسطينية الاخرى بمنظمة التحرير الفلسطينية لتعلن تمردها على هذا الواقع وتدعو الى مقاطعة السلطة وكل من يتمسك باوسلو لحماية ما يمكن حمايته لان الساعة الاخيرة غير كافية لحماية الهرم من السقوط.

- البرازيل
05/02/2012