ولا أبريء الغرب من المسؤولية .فله في كل عرس لنا,قرص..لكنه في الحساب الأخير (آخر). من غير المعقول أن يفتح لنا تكية سليمانية..المسؤولية الأكبر تقع على عاتقنا..نحن أم الولد..وليس هو..نحن من عليه أن يخرج من شرطه الراهن ويشق طريقه نحو العصر..ولكن كيف للمسلم أن يفعل ذلك والماضي يحتل عقله
وضميره ويجعل مما بينه وبين شركائه في الوطن ما يبدوا حياله ثأر كليب مزحة خفيفة دم ..
أخذنا من الغرب المطبعة والمدرسة والصحافة والراديو والتلفزيون,وأخيرا الفضائيات والإنترنيت..فاستخدمنا كل ذلك لنبش كل ما ارتكبناه في الماضي بحق بعضنا البعض مما يندى له الجبين ويغص به الضمير..
وغلّفنا كل ارتكاباتنا بالمقدس كما يغلف الحمص المسَوس بالسكاكر ,بدلا من أن نخضع توظيفاتنا في المقدس لنقد العقل..فإذا حرب الجمل وصفين وكربلاء...الخ..قادرة في كل لحظة أن تجرنا- بعد أربعة عشر قرنا- الى وطيسها..فلا غبارها تبدد , ولا دماء قتلاها جفت..وكيف تجف ونحن لانعدم وسيلة تقدمها لنا منتجات الحداثة إلا ونستخدمها للنفخ في كير الإحن!!؟..
لم يفلح المسلم في التملص من ارتباطاته العاطفية برموزه الدينية..هي تحاصره من الولادة الى الموت..
يقابلها في نومه ويقظته, في طعامه وشرابه, في علاقاته الاجتماعية..تحدد له المأكل والملبس ومساحة علاقاته , ونوعية الأصدقاء ,وأعدائه الواضحين والمحتملين..
يرزح المسلم تحت حزازات الماضي..لايملك حرية إعادة ترتيب حياته على تنوع ملفاتها..الماضي شرطي يتربع في عقله. أين منه شرطة أنظمة الاستبداد الحديثة لجهة مساحة تدخلها في حياة المسلم أوالجماعة الإسلامية؟!..لن أستعرض ما ينبشه التكفيريون :شيعة وسنة من هذا التراث - فأكون كمن أراد أن يكحلها فعماها - بل أشير الى الوسائل التي تؤمن لهم الهيمنة على الرأي العام:كتب بأسعار تشجيعية. فضائيات يحتلها شيوخ لايملون من ترديد هذه اللازمة الغنائية (لا كهانة في الإسلام ) . مع انه أصبح لكل مهندس أو طبيب أو راعي غنم, رجل دين يفقهه بالإسلام,ويرشده الى من يجوز عليه السلام ومن يجب أن يضّيق عليه الطريق..من حلل الله دمه و ماله وعرضه.ومن حرّمه ..من ..ومن ..ومن؟؟؟...فتاوى يحتطب بها التكفيريون لنيران الفتن الدينية والطائفية من غابة تراثنا الإسلامي..يشحنون بها النفوس .ويفتحون في الذاكرة الجمعية صفحات طوتها سيرورة الحداثة التي انخرطت فيها مجتمعاتنا منذ قرنين..