آخر الأخبار

اجا يكحلها عماها

فسأل احد مرافقيه عما حدث فاجابه بأن الرجل قد شبت فيه النار اثناء العمل ولما سأله الطبيب عن سبب الكسور والرضوض اجاب لاننا اطفأناه بضربه بالعصي .

وعلى الرغم من أن ما ذكرته اعلاه هو اقرب للنكتة الخيالية الا ان طريقة معالجة الكثير من المسائل الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية في العالم العربي اقرب ماتكون لهذا المثال , فالمنطق يقتضي انه عندما تبرز اي مشكلة يكون التصرف المنطقي هو التعقل والتفكير بحلول مناسبة تكون عملية وقابلة للتطبيق اولا ولاينجم عنها اي اذى لاي طرف ثانيا وتضمن عدم تكرار المشكلة نفسها اخيرا .

ان الحلول العشوائية للمشكلات في المجتمع قد تؤدي بدورها الى بروز مشكلات جديدة ربما تفوق في حدتها المشكلة الاولى فعلى الصعيد الاقتصادي لانرى اي حلول واقعية في العالم العربي لمشكلات مثل البطالة والفقر والركود الاقتصادي وكل مايسمى حلولا هي في الواقع مجرد مسكنات لايقاف الالم مؤقتا ولكنها تسبب الادمان عليها لاحقا .

فلطالما عالج العرب مشاكلهم الاقتصادية اما عن طريق الاقتراض او طلب المعونات الاجنبية وكلاهما يؤدي الى تبعية تلك الدول الى سياسيات الدول المانحة وعدم قدرتها على الاعتراض على اي شيئ تفعله تلك الدول خوفا من قطع المعونات او تقليلها وقد كانت تلك المعونات دوما بمثابة العصا التي هددت بها امريكا عدة دول عربية واجبرتها على قبول اجندتها بواسطتها .

اما الدول الثرية التي تمتعت بايرادات مرتفعة بسبب ارتفاع مداخيل النفط فقد واجهت مشكلة السيولة الفائضة وكيفية التصرف بها وبدلا من سوقها نحو التنمية الاقتصادية والصناعية في بلدانهم تم استثمار معظمهما في البورصات والبنوك والاسهم الامريكية والاوروبية التي تترنح الان بفعل الازمات المتلاحقة والجزء الثاني في مشاريع عقارية لاتتناسب مع تركيبتها السكانية والجغرافية وضاعت مئات المليارات من الدولارات في هذه المشاريع ادراج الرياح .

واجتماعيا فأن المشكلات التي تواجه المجتمع من فساد وادمان ودعارة وشذوذ لايتم ايجاد حلول واقعية لها بل تكون الحلول دوما قمعية ومقطعية حيث السجن والضرب وغيرها دون التفكير بجذور هذه المشكلات والسعي لايجاد حلول جذرية لها عبر سن القوانين المناسبة وتوفير فرص الزواج والمساعدة المالية للشباب المقبل على الزواج وبرامج التوعية الاجتماعية التي تؤدي الى حصر المشاكل ومن ثم القضاء عليها تدريجيا والا فأن التخويف والتهويل لم يستطع القضاء على الظواهر الاجتماعية في اي بلد وغاية مايفعله هو نقلها من السطح الى العمق بحيث تصبح ظواهر خفية لايراها الناظر ولكنها تنخر المجتمع من العمق

وثقافيا فأننا نعتب على العرب عدم القراءة مقارنة يالشعوب الاخرى ونستهزأ بمجتمعاتنا التي لاتقرأ ولا كتاب واحد في السنة مقارنة بشعوب اخرى يكون متوسط القراءة لديها سنويا لايقل عن 7 كتب ولكننا ننسى ان لدينا في الدول العربية نسبة أمية مرتفعة جدا اولا وعدم تشجيع المدارس للطلاب على القراءة الغير مدرسية ثانيا وارتفاع ثمن الكتب مقارنة بدخل المواطن العربي ثالثا وعدم تشجيع الكتاب والادباء وتحفيزهم للانتاج الابداعي مقارنة بما يحصل في الدول الاخرى رابعا ويمكن ان نعدد عشرات المشكلات التي تعيق الثقافة العربية ولكن ماهي الحلول ؟ عندما نرى دولا تقيم مهرجانات ثقافية يفترض ان تشجع الثقافة وتدفعها للامام ويكون الرقص والغناء هو القسم الاعظم منها ولايتم التطرق للكتاب والقراءة الا بالنزر اليسير نعرف ان هناك مشكلة عويصة حلت بمشكلة اكبر منها فمهرجانات الثقافة تشجع كل شيئ الا الثقافة ويكون المستفيد منها فرق الرقص والغناء وممثلي السينما الاجانب طبعا اما الكتاب والادباء والشعراء والرسامين والخطاطين المحليين فيخرجون من المولد بلا حمص كما يقول المثل المصري .

ماذكرته هنا هو غيض من فيض من مشكلاتنا التي يبلغ حجمها كما هائلا لايتصوره عقل وجزء من الحلول العبقرية التي نحاول حلها بها وغاية امنيتي هي اننا اذا لم نجد طريقة نطفا بها النار عن شخص ما فلا نكسر عظامه على الاقل بالعصي