آخر الأخبار

الربيع العربي : كلما جاءت امة لعنت اختهــــــــــا

يحكمه ابناؤه ولا تملى عليهم شروطا من خارجه .. وربما .. وربما .. ولكننا نقرر حقيقة باتت تقض مضاجع الشهداء في قبورهم .. والثكالى في بيوتهن .. والمتحمسين كي نصدمهم .. والجائعين الذين آملوا ملء بطونهم ان يفقدوا الامل في العيش الكريم .. والذين يسكنون العشوائيات والمقابر والخيام في وطن غني تذهب خيراته للصفوة من المتشدقين والاغنياء والاحزاب واللصوص ، من أن يجدوا مسكنا مناسبا يأويهم من لفحات الحر وبرد الشتاء ..

والكثيرون منا يقولون : لماذا لا نعطي فرصة مناسبة لتلك الثورات والمهيمنين عليها والمتسلقين على اكتافها لنرى عملهم المستقبلي .. فالشعوب او الحكومات سواء كانت دكتاتورية او (ديمقراطية) لا تبني وطنها في لحظة عين .. ,انما في سنوات طويلة تتحمل فيها وزر ما قامت به الانظمة البائدة من تجذر وتمكن .. ولكننا نتخذ المثل الشعبي الصحيح الذي يقول بان (المكتوب يقرأ من عنوانه) .. ونتساءل .. هل هناك تقدم في تطبيق شعارات الثورات الشعبية التي قامت وضحت بالكثير في سبيلها .. واين هم المنفذون الحقيقيون لصانعي تلك الثورات .. وهل تهميشهم بالشكل الذي نرى ونسمع ونقرأ .. يمكن ان يأتينا باناس لهم اقنعة تحمل وجوها جديده .. ولكنها بالفعل هي نفس الوجوه القديمة التي تسلقت وقفزت على تلك الثورات لكي تهيمن عليها وتقتنصها فتعود الشعوب مثلما بدأت .. وان تلك الشعوب سوف تحضر نفسها لجولة اخرى وربما ثالثة من الدم والعذاب والشهداء والجوع والعطش في مسيرات شعبية (سلمية ) كما يقال لتحقيق الامر الذي لم تستطع تحقيقه بعد تلك الثورات .

ونتساءل ايضا مرة اخرى : اين هم الذين قاموا بتلك الثورات ؟

الكثير ممن يتأبطون ذراع الحكم بعد تلك الثورات يقولون بان الشباب الذين قاموا بتلك الثورات شباب ليس لهم من خبرة الحكم والسياسة ما يؤهلهم لاستلام زمام الامور لتسيير النظام الجديد .. وان الدولة بحاجة الى ( انياب زرقاء) تمرست في انظمة الحكم القديمة البائدة من اجل ان تسير الامور بطيئا نحو الديمقراطية والحريه . ولكننا نرى دولة مغتصبة مثل اسرائيل في اجهزتها الامنية وفي عسكرها المدجج حتى اذنيه بالسلاح والتكنولوجيا تختار الشباب لقيادة تلك القوات .. ويتقاعد المسئول عن تلك الاجهزة عندما يبلغ الاربعين او فوق ذلك بقليل ..ونرى رجال السياسة فيها من الشباب في سنه الوسطي اعتمادا على ان العقل يتقدم مع تقدم التكنولوجيا الحديثه والعلوم السياسية المبتكره .. وان الشباب هم اكثر استيعابا من الشيوخ في كل مناحي الحياة سواء كانت اقتصادية او سياسية او عسكرية او غير ذلك .. أما نحن فما تزال فكرة الشيوخ تكبلنا ولا يتقاعد المسئول فينا الا عندما يبلل سرواله عندما يصحو من النوم .. ونحن نسمي تلك ( المأثرة ) خبرة سياسية وعسكرية واقتصادية وعلميه .. ويبلغ فينا الضابط في عسكريته حد المشي على اربع ومع هذا نعطيه صفة الخبرة العسكرية التي تؤهله لان يحكم العسكر على هواه .. وهم في كل ذلك يحملون افكارا ربما كانت من القرن الماضي في ادارة وسياسة القوات التي ( يحكمونها ) ..

ولنأخذ مثلا تطبيقا لما نقول : المجلس العسكري المصري .. الذي يبلغ اصغر ضابط فيه قد فات سن التقاعد بسنوات طويلة .. وحنطه المجلس او الحكم البائد كما هو فرعون ( استفادا ) من خبرته العسكريه .. مع ان خبرته في الادارة والعسكريتاريا مثلما هي خبرة البندقيه ( انفلند ) الانجليزيه ام خمس طلقات في اصابة الهدف .. واذا كان هنالك من تطوير في وحدته العسكريه فهو تطوير فرضته الظروف لاستيعاب الاسلحة الجديدة التي وردت ولا نسميها الا اسلحة من الحرب العالمية الثانية نيشانها يعمل بالرؤية المباشره دون اشعة حمراء او خضراء او زرقاء توجهها ..

ولنأخذ مثلا آخر في العراق : حيث حل الجيش العراقي الذي سطر ملامح عظيمة في حروبه المتكرره .. وجىء بالشيوخ الذين تقاعدوا او طردوا من خدمتهم العسكرية لكي يستوعبوا سلاحا حديثا بهدف مطاردة ( الارهابيين ) كما قيل .. ثم يتبين لنا بعد عشر سنوات من الاحتلال تقريبا ان اولئك الشيوخ ما زالوا يحكمون وحداتهم العسكرية بتنظيم الخطوة و ( معتدل مارش) وتفكيك السلاح الفردي وتركيبه ثانية في مدة قصيرة .. وطابور الصباح الذي يعتبر من لزوم ما لا يلزم وتلميع البساطير العسكرية حتى ترى وجه العسكري فيها مثل المرآة .. أما الصواريخ التي تعمل بالتكنولوجيا الحديثة والمدرعات والطائرات الحديثة التي تعتمد الرؤية عبر شاشات الكمبيوتر التي تلمع الى جانب الطيار فان ذلك غير مسموح لكي يتعلمه الشيخ الذي تتعلم الكتبية او السرية او الفرقة منه ومن (خبرته ) الجهنمية الشىء الكثير .. وقس على ذلك في ليبيا وتونس واليمن وربما غدا انشاء الله في سوريا .. وبحجة تلك الخبرة العسكرية ( العظيمة ) ينهزم الجيش عندما يخوض معركة واحدة ضد العدو ونسمي تلك (نكسه ) فاي نكسة اكبر من ان يتحكم الشيوخ ذوي العقول المتحجرة بالاجهزة العسكرية والامنية في دولنا العربية سواء كانت ثورية او على طريق الثورة او من لم يزل ينتظر دوره في الطرد من جهاز الحكم بعد !! .

وحتى لا نضيع في خضم التفصيلات .. فاننا نعود الى المربع الاول في انظمة الحكم التي نجحت ثوراتها الشعبية في ازاحة الانظمة الدكتاتورية عن كراسيها ..

لقد استغلت الاحزاب التي كانت زمن الحكام الذين طردوا الموجة فركبتها على احسن صورة ( واجمل ) وجه .. وكلها او في معظمها احزاب هزيلة ليس لها شعبية ما عدا بعض الاحزاب الاسلامية مثل ( الاخوان المسلمون ) الذين لهم شعبية لا تنكر .. ولكنها شعبية بنيت على المصلحه .. واستخدمت تلك المصلحة في الانتخابات الاخيرة في مصر .. حيث كان الصوت يستقدم لها بعبوة من زيت القلي او ببعض كيلوات من السكر مع غداء فخم للمنتخب ( بكسر الخاء) او بالوعد بوظيفة (محترمة) عندما يمسكون بزمام الحكم .. واغلب الظن ان تلك الوعود تذهب ادراج الرياح .. أو بخمسين جنيها ارتفعت الى خمسمائة جنيه مقابل الصوت الواحد .. وقس على ذلك ( السلفيون ) الذين كانوا زمن الحكم البائد يعمل جلهم مع مباحث امن الدولة والادوات القمعية للنظام القديم .. واستفادوا من تجربة الاخوان المسلمين في الانتخابات واخذت الفتاوي تنهال منهم على رؤوس الشعب المصري كالمطر .. ثم اخذت فتاواهم بالتكفير والتخوين والعنترية واستعراض العضلات تدفعنا لان نقوم بثورة اخرى لتصحيح مسار الثورات التي كانت اعظم واجمل ظاهرة انجبها العرب في العصر الحديث .. !!

والسؤال الذي نطرحه للمرة الثالثه : اين هم من فجروا الثورات من الشباب ؟ اننا لا نكاد نسمع بهم .. واغلب الظن اننا سوف نسمع عنهم قريبا بانهم في السجون والمعتقلات تدوس القوات الامنية على رؤوسهم جزاء وفاقا لما قاموا به من تغيير كانوا يظنون انهم سيشاركون فيه .. ولكنهم ابعدوا عنه قسرا ..

ونحن نتساءل اخيرا : هل نحن امة عقيمة لا تنجب الجديد مع ان فينا من العقول ما يكفي لان نكون شيئا في هذا العالم .. ام اننا ارتهنا مصائرنا في ايدي اناس يقول عنهم من قال : كلما جاءت امة لعنت اختها .. وتصبحون على خير .

* رئيس تحرير ( صوت العروبة ) امريكا