الاربعاء 19 تشرين الأول 2005
عقدت منذ ايام لجنة البيئة في المديرية العامة لحوض الساحل في اللاذقية ندوة تحت عنوان «البحار والتنمية المستدامة» وكانت هذه الندوة على درجة عالية من الاهمية والحساسية نظرا للمواضيع التي تناولتها حيث ركزت على مسألة التلوث ومدى خطورته على صحة الانسان وآثاره السلبية على تنمية الموارد الطبيعية واستدامتها.
وللأسف مازلنا نطرح جميع انواع المخلفات والنفايات الناتجة عن النشاط الانساني بشكل عشوائي ودون اجراء اي معالجة فالصرف الصحي في جميع قرى ومناطق محافظة اللاذقية ينتهي إما الى مجاري الانهار وإما الى مياه البحر ليساهم في ارتفاع الملوثات والقضاء على الكائنات والاحياء المائية، اما النفايات المنزلية فتتكدس في العراء وتتراكم فوق بعضها البعض لتخرج منها سوائل وعصارات على درجة عالية من السمية تلوث المياه الجوفية وخير مثال على ذلك مكب البصة في اللاذقية الواقع في أجمل مناطق الشاطئ والذي اصبح بؤرة للتلوث وانتشار الامراض والانكى من ذلك يستخدم لرعي الاغنام التي تنتج الحليب ومشتقاته وتباع في اللاذقية. اضافة لما سبق هناك مياه الجفت التي تنتج عن معاصر الزيتون ونفايات المناطق الصناعية والتي تحمل عناصر كيميائية شديدة الخطورة على الحياة الحيوية بشكل عام.
ونسمع كلاما كثيرا عن التلوث وآثاره على الانسان والحيوان والنبات ان كان من المسؤولين واصحاب القرار او من الاكاديميين، وبالتالي يعني بأننا نعي المشكلة ومدى خطورتها ولكن الغريب أننا لا نقدم على خطوات سريعة للحل توازي الخطورة ولانتخذ اجراءات عملية تترجم بشكل جدي على ارض الواقع. فما نسمعه مازال جعجعة لاتنتج طحينا، فمنذ سنوات والكلام يتداول حول اقامة مشاريع لمحطات لمعالجة الصرف الصحي في اللاذقية وجبلة وبعض تجمعات القرى وعن اقامة مطمر صحي مركزي للنفايات على مستوى المحافظة.. وكل ذلك لم يخرج من اطار الكلام.. وكلام.. وكلام.. فتلك المشاريع مازالت متعثرة او تمشي ببطء شديد تنافس السلحفاة ببطئها وعندما تسأل عن هذه المشاريع الجواب جاهز إما سنعرضها للدراسة وإما قيد الدراسة او قيد الاعلان.. وإما.. وإما..
ان الوقت لايرحم ولاينتظرنا فكل يوم تأخير في معالجة النفايات بكافة انواعها قبل طرحها الى الطبيعة يعني زيادة في تعقيد المشكلة وتفاقم وازدياد رقعة الكارثة البيئية واذا ما استمر الحال على ما هو عليه سنصل الى وقت ـ ليس بالبعيد ـ يكون فيه قد سبق السيف العذل ونصبح في بؤرة تلوث من الصعب ان لم يكن من المستحيل التخلص منها اذا لم نتخذ من الآن الاجراءات المناسبة.
ففي كل يوم تتكدس في مكب البصة مئات الاطنان من النفايات المنزلية والطبية وكل يوم تنتج اللاذقية 200 الف م3 من المياه الملوثة الصناعية استنادا لما جاء في احد المداخلات في الندوة.. وهذا يعني مزيدا من التلوث والاستنزاف للموارد الطبيعية فأين نحن من التنمية المستدامة في ظل هذا الوضع ؟؟..
صحيفة تشرين