آخر الأخبار

نظرية الأوتار الفائقة

كان هذا شكل الارض وشكل النسيج الكوني المنحني الذي جاء به أينشتاين مفسراً بذلك الجاذبيه.
ورغم ذلك الإنجاز الضخم فإن أينشتين لم يكن راضيا عن عمله بعد. فقد حاول جاهدا توحيد الشكل الجديد الذي أتى به عن الجاذبية مع القوة الأخرى الوحيدة المعروفة في ذلك الوقت وهي القوة الكهرمغنطيسية

القوة الكهرمغنطيسية :-

من عدة عقود قبل أينشتاين. لاحظ العالم الأسكتلندي جيمس ماكسويل أن التدفق الكهربائي يؤدي إلى نشوء قوة مغنطيسية تؤثر في المعادن. ومن خلال معادلات رياضية أربع وصل ماكسويل إلى صيغة واحدة تصف تلك القوتان كقوة واحدة هي القوة الكهرمغنطيسية فكان كإسحاق نيوتن قد نقل العلم خطوة أقرب على طريق توحيد المعادلات التي تصف الكون.
أينشتاين أعجب كثيرا بالاثنين واعتبر أن ما قدمه هؤلاء العلماء خطوات مهمة جدا على طريق توحيد نظريات القوى التي تحكم الكون. وبعد خمسين عاما من نظرية ماكسويل فإن أينشتين اعتقد أنه إن استطاع أن يوحد فكرته عن الجاذبية مع فكرة ماكسويل عن الطاقة الكهرمغنطيسية فإنه سيصل إلى المعادلة الأم التي تصف كل شيء بذاتها وحدها.

وعندما بدأ أينشتاين بمحاولاته لتوحيد الفكرتين واجه مشكلة الفرق العظيم في شدتهما.. فالقوة الكهرمغنطيسية أكبر بكثير من قوة الجاذبية الضعيفة.. نحن نستطيع تحطيم قوة الجاذبية كل يوم في حياتنا اليومية وبواسطة عضلات جسمنا مثلا (إن رفعنا أي شيء عن الأرض مثلا). لكن القوة الكهرمغنطيسية الكبيرة لا نستطيع تحديها بتلك السهولة.. فهي التي تمنعنا مثلا من إختراق الأرض إن سقطنا من ارتفاع ما... هي التي تعطي مقاومة المادة الكبيرة...مثال آخر... مهما حاولت أن تمشي داخل حائط فلن تستطيع أن تدخل فيه لأن القوة التي تمنعك بكل بساطة هي القوة الكهرمغنطيسية الموجودة في الشحنة السالبة على محيط الذرات التي تجمع جزيئات وذرات المادة وتربطها ببعضها بشكل متماسك. نحن نعتقد أن الجاذبية قوة كبيرة رغم أنها أضعف قوى الطبيعة. لكن الكرة الأرضية بكل جاذبيتها عندما تجذب كرة فإن الكرة ترتد بكل بساطة بسبب القوى الكهرطيسية التي تؤثر في بنية المادة بدلا من أن تغوص في الأرض.

في الواقع فإن القوة الكهرمغنطيسية أقوى بمليارات المرات من قوة الجاذبية، لكننا لا نشعر بذلك لأنها تعمل على مستوى الذرات والجزيئات. وكانت تلك أصعب مهام أينشتاين بسبب الاختلاف العظيم في شدة تلك القوتين. ساءت الأمور أكثر بالنسبة لأينشتاين عندما ظهرت تغييرات واكتشافات كبيرة في الفيزياء.

النظرية الكمومية (الكوانتية) :-

في العشرينات من القرن الماضي قام مجموعة من العلماء بقيادة العالم (نيلز بور) بسرقة الشهرة من أينشتاين ليأتوا بنظرة جديدة وغريبة للفيزياء. نظرة تجعل من الخيال العلمي في تلك الأوقات شيئا سخيفاً. نظرة قلبت رؤية أينشتاين لنظرية التوحيد رأسا على عقب، وجد هؤلاء العلماء أن الذرات ليست هي أصغر جزء في المادة... بل إنها تتكون من جزيئات صغيرة كالبروتونات والنيترونات.. محاطة بالإلكترونات... وفي ذلك العالم الصغير من الذرة، فإن نظريتا أينشتاين وماكسويل كانتا عديمتا الفائدة في شرح الطرق الغريبة التي تتصرف فيها تلك الجزيئات الصغيرة جداً. فالجاذبية لا قيمة لها في تلك المستويات الدقيقة من الذرة والكهرمغنطيسية لم تنفع إطلاقا لشرح تلك القوى الجديدة وتأثيرها في تلك الجزيئات. وبلا أي نظرية تصف ما يجري في ذلك المكان الصغير في داخل الذرة فقد ضاع العلماء وهم يبحثون هن شيء يستطيع وصف ما يجري داخل الذرة حتى آخر العشرينيات حين وصل العلماء إلى نظرية ميكانيك الكم أو (النظرية الكوانتية) والتي تستطيع وصف ذلك العالم الدقيق من الجزيئات في الذرة.. كانت تلك النظرية مختلفة عن سابقاتها لدرجة غيرت نظرة العالم للكون تماماً.

كانت نظرية أينشتاين النسبية توضح أن الكون منظم ويمكن توقع أحداثه لكن نيلز بور اختلف معه في ذلك. فعلى المستوى الدقيق للذرات والجزيئات فإن ذلك العالم الصغير هو عالم من الاحتمالات تماماً وفي ذلك العالم فإن (اللا تأكيد) هو ما يحكمه، والنظرية الكوانتية (الكمومية) تستطيع أن تتوقع فقط احتمالا لنتيجة أو أخرى. هذه الفكرة الغريبة فتحت الباب أمام صورة جديدة غير مستقرة للعالم والواقع.
كان عدم الاستقرار في ذلك العالم الصغير لدرجة كبيرة لو أننا استطعنا ملاحظته في عالما المألوف الذي نعيش فيه لاعتقدنا أننا فقدنا عقلنا. إن القوانين في العالم الكوانتي مختلفة تماما عن خبراتنا والقوانين الفيزيائية التي نلمسها يومياً فالعالم الكوتني عالم مجنون بكل بساطة.. لا يوجد فيه شيء مؤكد، تسود فيه الإحتمالية عوضا عن الحتمية لأنه عالم تحكمه الإحتمالات وظهور أي حدث محكوم باحتمال معين غير أكيد. والأهم من ذلك أن عدم التقاط حدث معين محتمل لا يعني أنه لم يحصل فعلاً بل يعني أنه ربما قد حصل في عالم مختلف عن الذي نراقبه في تلك اللحظة.
باختصار فإن كل شيء محتمل في ميكانيك الكم ولا شيء أكيد... سأقدم نتيجة غريبة لكنها حقيقية لتلك النظرية...مثلا إن حسابات ميكانيكا الكم تظهر فعلا أن لدي فرصة في أن أسير عبر جدار اذا دفعته، لكن احتمال ذلك صغير لدرجة أنه علي أن أحاول لمدة زمنية تعادل اللانهاية لتحقيق ذلك. وفي العالم الصغير الذري فإن تلك الإحتمالات تحدث بشكل مستمر.

أينشتاين قاوم فكرة أن ذلك العالم هو عالم أفضل ما نستطيع القيام به هو حساب الإحتمالات، وقال قوله الشهير (الله لا يرمي النرد)، لكن التجارب اللاحقة كلها أظهرت أن أينشتاين كان مخطئا وأن النظرية الكمومية استطاعت بدقة مذهلة وصف العالم على المستوى الذري. فلفهم أي حدث وكل ما يحدث على المستوى الذري أو الجزيئي فإنك تحتاج حتما لميكانيك الكم. ولم تظهر أي ملاحظة أو مراقبة علمية على ذلك المستوى تعارض أي توقع تقدمه حسابات ميكانيكا الكم.

قوى أخرى جديدة :-

في الثلاثينات وبينما كان أينشتاين في مهمته الصعبة في محاولة الوصول لنظرية توحيدية فإن ميكانيك الكم كانت تكشف المزيد والمزيد من أسرار الذرات وجزيئاتها. اكتشف العلماء أن الجاذبية والكهرمغنطيسية ليستا القوتان الوحيدتان اللتان تحكمان عالما الفيزيائي.
وبمراقبتهم لبنية الذرة اكتشف العلماء قوتان إضافيتان. واحدة هي (القوة النووية الكبيرة) التي تعمل كالغراء القوي الذي يجمع أجزاء النواة (البروتونات والنيترونات) بشكل محكم. والثانية هي (القوة النووية الضعيفة) التي تسمح بتحول النيوترونات إلى بروتونات مسببة الإشعاعات الذرية. وعلى المستوى الذري فإن قوة الجاذبية لا قيمة لها على الإطلاق مقارنة بالقوى الأخرى. أوضح مثال وتطبيق على (القوة النووية الكبيرة) التي تربط جزيئات النواة وشدتها العظيمة هو القنبلة الذرية التي تحرر عمليا تلك القوى الكامنة في نواة الذرة.
وبين تلك القوى الثلاث القوية على مستوى الذرات فإن قوة أينشتاين الجاذبية لا تجد مكاناً لهم بينها. وكما أن أينشتاين لم يستطع تفسير الأحداث على المستوى الذري فإن النظرية الكمومية أيضا لا تقترب من قوة الجاذبية على المستوى الذري. كان لا بد من نظرية تجمع الطرفين لأن الأجسام الكبيرة مكونة من المادة ذاتها المكونة منها الذرات. والكون بأكمله مبني من الجزيئات نفسها.
فلا بد من قانون وحيد يجمعهما. ببساطة لم يستطع أحد أن يجمع النسبية العامة وميكانيكا الكم في نظرية واحدة في تلك الأوقات. وفشلت كل المحاولات لوصف الجاذبية بلغة ميكانيك الكم لعقود وعقود وأصيب معظم العلماء بالإحباط الشديد بسبب ذلك. فالقاعدة الذهبية للعلماء أن قوانين الطبيعة الصحيحة يجب أن تطبق في كل مكان وعلى كل ما هو موجود في الطبيعة. وهذا ما كان مستحيلاً بين النسبية والكمومية. بقي الطرفان (النسبية) و(الكمومية) يعملان بشكل منفصل بعد موت أينشتاين.. وحققا نتائج مذهلة في فهم الكون... لكن المشكلة أن هناك ظواهر كونية لا يمكن دراستها بإحدى النظريتان بل هي بحاجة لنظرية تجمعهما كأعماق الثقوب السوداء مثلاً.

الثقوب السوداء بشكل مختصر :-

في عام 1916 قدم فكرة الثقوب السوداء عالم فلك ألماني يدعى كارل شوارتزشيلد. وبينما كان على الجبهة في الحرب العالمية الأولى قام بحل معادلات أينشتين بطريقة جديدة وغامضة.
اقترح شوارتزشيلد أن كتلة كبيرة ككتلة النجوم إذا اجتمعت وتكثفت في مكان صغير جدا بحجم ذري فإنها ستشوه النسيج الكوني وتحنيه لدرجة لا تسمح لشيء بالهروب من جذبه ولا حتى الضوء. وبقي العلماء يعتقدون أنها مجرد نظرية إلى أن رصدت الأقمار والتلسكوبات الثقوب السوداء فعلاً وتحقق توقع شوارتزشيلد فعلاً. وهنا تكمن المشكلة، فإذا أردنا دراسة الثقب الأسود، هل نستخدم النسبية العامة لأن الثقب الأسود ذو كتلة هائلة (وزن كبير) أم نستخدم النظرية الكمومية (لأن الثقب الأسود صغير جدا بالحجم)؟
كان على العلماء أن يستعينوا بكلتا النظريتين بنفس الوقت. لكن عندما نحاول وضع النظريتين في تطبيق واحد فإنهما تنهاران وتعطيان نتائج منافية للواقع وهذا مستحيل لأن الكون يجب أن يتبع قوانين فيزيائية واضحة ومحددة. هنا أيضا تبرز أهمية وجود نظرية توحد قوانين الكون الفيزيائية..

لماذا لا يتفق قانون الكم مع النظرية النسبية؟

الجاذبية على مستوى الأجسام الكبيرة تقوم بلف وحني الكون وتغيير شكل الفضاء تبعا لكتلة الجرم (الأرض أو الشمس أو غيرهم). لكن الشكل المنحني الواضح والحتمي والمحدد للكون على مقياس الأجرام الكبيرة ليس هو الشكل الوحيد
للكون، فالكون يختلف تماما في المقاييس الصغيرة على مستوى الذرات والجزيئات ولفهم هذا الكون علينا أن نستخدم ميكانيك الكم. المشكلة أن ميكانيك الكم عندما تقوم بوصف الكون على تلك المقاييس الدقيقة جدا فإنها تعطي صورة مختلفة تماما للكون.
وكأننا نتحدث عن كونين مختلفين تماما. عند تلك المقاييس الصغيرة في الكون فإن النظرية الكمومية تقول أن الكون يصبح فوضوي بشكل كبير على عكس النظام الهادئ الواضح للمجرات والأجرام. هو عالم مضطرب بشكل كبير لدرجة أن لا معنى للمفاهيم التي نعرفها عن الزمان والمكان. فالمكان والزمان مشوهان بشكل كبير، لا يمكن معرفة إن كان هناك حدث قد حصل قبل آخر أو بعده.. فلا معنى للزمن فيه.. لا يمكن معرفة الإتجاهات لأنه لا معنى للمكان أيضاً. والزمان والمكان لأي حدث غير محدد بل محتمل فقط.

لمئات السنين اعتقد كل الفيزيائيون أن المادة في النهاية تتكون من أجزاء كروية صغيرة الحجم جدا.. ورغم الاكتشافات الحديثة نسبيا في علم الفيزياء (الذرات) و(الجزيئات) فإن الاعتقاد بقي أن تلك الجزيئات هي كرات صغيرة جدا من المادة تكون البروتونات والنيترونات (الكواركات) والضوء (الفوتونات... الخ) .
وقد توصل العلماء فعلا الى نظرية بديله لكنها مازالت وليدة الفرضيات هي الأوتار الفائقة.

لقد عرفنا المشكله التي واجهت العلماء في محاولة توحيد قوى الكون (الفكرة التي جاء بها آينشتاين) وكيف أن العلماء مابعد آينشتاين قد بان عجزهم بحل لغز الكون والقوى الفيزيائيه ومما زاد الطين بله هو حيرة العلماء فيما يتعلق بالثقوب السوداء التي لم تجد مايفسرها فيزياءياً في الفتره التي رفض العلماء فكرة ستيفن هوكنج بوجود جسم ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء كان كان لابد لهم من إيجاد حلول جديده .. وبالفعل فقد توصل العلماء لنظرية حديثه تسمى (نظرية الاوتار الفائقه -الكون الأنيق-) وللأسف فأننا مضطرون لأن نقول للنسبيه الوداع ..

تاريخ نظرية الأوتار الفائقة :-

في أواخر الثمانينات وبينما كان فيزيائي شاب إيطالي يدعى (غابرييل فينيتسيانو) يبحث عن بعض المعادلات الرياضية التي تصف قوى النواة الكبيرة في الذرة... وفي كتب الرياضيات القديمة التي يملكها وجد معادلة رياضية قديمة عمرها مئتا عام كتبها عالم سويسري يدعى ليونار أويل فينيتسيانو .ذهل باكتشافه أن تلك المعادلات التي اعتبرت لسنين عديدة مجرد فضول رياضي كانت تصف القوى الكبيرة في النواة فعلاً وقام باكتشافه الذي اشتهر به فيما بعد في وصف القوى الكبيرة التي تعمل في نواة الذرة.

كان ذلك حدث ولادة نظرية الأوتار وبسبب شهرة هذا الاكتشاف فقد وقعت تلك المعادلات في يد فيزيائي أمريكي يدعى (ليونارد سسكيند) اكتشف أن وراء الرموز الرياضية وصف لشيء أكثر من مجرد جزيئات. فالمعادلة تقدم متحولات تصف اهتزازات ووصف لخيوط. قام بدراستها أكثر ووجد أنها عمليا تصف خيوطا مهتزة مثل الخيوط المطاطية الحرة الطرفين، هذه الخيوط بالإضافة لصفاتها في التمدد والتقلص فهي تهتز بشكل دوراني أيضا حسب تلك المعادلة، المضحك أن سسكند عندما قدم بحثه للنشر تم رفضه لعدم أهميته واعتقد أن اكتشافه سيموت.

في تلك الأوقات فإن العلماء كانوا مشغولين في اكتشاف الجزيئات وأنواعها الجديدة الدقيقة بالقيام بتعريضها لسرعات كبيرة و اصطدامها ببعضها لشطرها إلى جزيئات أصغر ودراسة نواتج تلك الإنشطارات. كانت الاكتشافات كبيرة جدا وأنواع الجزيئات المكتشفة كبير. أدى ذلك إلى استنتاجات كبيرة على مستوى الفيزياء أهمها أن قوى الطبيعة يمكن وصفها كجزيئات أيضاً. مثلاً القوة التي تنشأ بين جسمين هي عبارة عن جزيء (رسول) بينهما، وكلما انتقل بين الطرفين بمعدل أكثر كلما اقترب الجسمان من بعضهما أو بعبارة أخرى – زادت القوة بينهما. أي أن تبادل الجزيئات هو ما يخلق ما نشعر أنه طاقة. وتم فعلاً تأكيد تلك النظريات باكتشاف الجزيئات المسؤولة عن القوة الكهرطيسية والقوى النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة (المسؤولة عن النشاط الإشعاعي الذري). وشعر العلماء أنهم اقتربوا من تحقيق حلم توحيد القوى الذي بدأه أينشتاين. لأن تلك الجزيئات المسؤولة عن القوى الثلاث القوة الكهرومغناطيسية والقوى النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة (المسؤولة عن النشاط الإشعاعي الذري) تبدأ بالتشابه في الخصائص في حال تطبيق حالة الإنفجار الكبير أي أنها تنصهر في حرارة وكثافة الكون الشديد عند الإنفجار لتصبح نوعا واحدا من القوى ودعى ذلك الشكل من الفهم بـالـ (الشكل القياسي للقوى standard module )، لكن خلف ذلك النجاح برزت مشكلة كبيرة... فذلك الشكل القياسي لجزيئات القوى استطاع أن يصف ثلاث فقط من القوى الرئيسية في الفيزياء مهملا القوة الرابعة (الجاذبية) لأنها كانت تعمل على مستوى مختلف عن العالم الكوانتي الدقيق !!.

في أواخر السبعينات كان العلماء المتبنون لنظرية الأوتار قليلون ومهملون ويعانون من مشاكل كبيرة في النظرية.. فتلك النظرية مثلا تنبأت بوجود جزيئات عديمة الكتلة تستطيع أن تنطلق بسرعة أكبر من سرعة الضوء (وهذا غير ممكن حسب أينشتاين). كانت أيضا تتنبأ بجزيئات بلا كتلة تماماً (غير مرئية وغير ممكن التحقق من وجودها). كانت تحتاج لعشر أبعاد !! بدلا من الأبعاد الأربعة (ثلاث أبعاد للمكان وبعد زمني). كانت أيضا متضاربة النتائج الرياضية تعطي أرقاما تدل على خطأ معادلاتها. إلى أن جاء العالم جون شوارتز الذي بدأ بوضع تعديلات للنظرية وربط النظرية مع الجاذبية وافتراض أن حجم تلك الأوتار أصغر بمئة مليار مليار مرة من الذرة وبدأت النظرية تأخذ شكلا صحيحا، والجزيء الذي لم يكن يملك كتلة كان بنظر جون شوارتز جزيء (الجرافيتون) أو الجزيء المسؤول عن نقل القوة الجاذبية على المستوى الكوانتي.

وهو بذلك حل الجزء المفقود الذي قدمه ستيفن وينبيرغ في الشكل القياسي للقوى الذي كان يفتقد لوصف الجاذبية على المستوى الكوانتي. رغم ذلك لم يحظ البحث مرة أخرى بالإهتمام وبقيت النظرية في الظلام وبقي يعمل فيها ويؤمن بها عالمان اثنان من مجتمع العلماء الفيزيائيين هما جون شوارتز ومايكل غرين. وصل هذان العالمان في أوائل الثمانينات إلى حل المشاكل الرياضية في النظرية وبدأت النظرية تصف القوى الثلاثة الأخرى إلى جانب الجاذبية وهي القوة الكهرطيسية والقوى النووية القوية (المسؤولة عن تماسك النواة في الذرة) والضعيفة (المسؤولة عن النشاط الإشعاعي الذري). وقاد هذا الإكتشاف المذهل العلماء إلى التهافت على النظرية بالمئات وحظيت النظرية أخيرا على الإهتمام وتم تسميتها نظرية الكل (The Theory Of Everything).

استطاعت النظرية وصف كل مكونات الطبيعة بشكل واحد مذهل فالبروتونات والاكترونات والنيوترونات التي تتكون منها الذرات تتكون من أجزاء أصغر هي الكواركات تلك الكواركات التي كان يعتقد أنها مادة هي وبحسب نظرية الأوتار عبارة عن أوتار أو خيوط صغيرة جدا من الطاقة مهتزة بعدة اتجاهات وطرق. كل وتر من هذه الأوتار حجمه صغير جدا مقارنة بالذرة. فهو كحجم شجرة من حجم كوكب الأرض.

وكل اهتزاز معين لتلك الأوتار يعطي الجزيء خصائص مختلفة.. فقد يشكل الإهتزاز جزيئا مكونا لذرات المادة أو الطاقة أو الجاذبية، إلكترونات أو جزيئات ألفا أو بيتا..الخ... أي أن كل ما في هذا الكون من مادة أو طاقة أو شحنات هي في الواقع أوتار لكنها مهتزة بطرق مختلفة. والفرق الوحيد بين الجزيئات التي تعطي مادة الخشب والجزيئات التي تعطي طاقة الجاذبية هو طريقة اهتزاز تلك الأوتار فقط.كانت نظرية الأوتار الفائقة حلقة الوصل بين ميكانيك الكم والنظرية النسبية لأنها تفسر وتلغي الفروقات بينهما بناء على طبيعة الأوتار وخصائصها، والكون الفوضوي على المستوى الذري يصبح أقل فوضوية وأقرب إلى الكون الكبير على مستوى الأجسام الكبيرة (الكون الأنيق). وهو نصر كبير على مستوى الفيزياء والرياضيات والكون للعلماء بآن واحد.

نظرة إلى عالم الأوتار الفائقة :-

حتى تصح نظرية الأوتار الفائقة، وتحقق الخواص التي تقدمها لنا لفهمنا للمادة والجزيئات فإن هذه النظرية احتاجت إلى تطبيق فكرة أشبه بالخيال العلمي لكنها ممكنة... فهي بحاجة لأبعاد إضافية في الكون ولا تكفيها الأبعاد الأربع المعروفة (ثلاثة أبعاد للمكان وبعد للزمان). وهذه أغرب وأهم تنائج تلك النظرية.
دعونا نتذكر أن الأبعاد الثلاث المكانية هي ما يمكننا رؤيته وما يحتاج إليه عقلنا للفهم والإستيعاب خلال حياتنا اليومية، لكن لا يوجد مانع علمي أو رياضي من وجود أبعاد أخرى لا ندركها بحواسنا المجردة. المذهل أكثر أن تلك الأبعاد أقرب إلينا مما نتصور، لكننا لا ندركها لصغر حجمها. سنذكر مثالا يوضح ذلك. إن نظرنا لعمود من الكهرباء من مسافة بعيدة نسبيا فسيبدو لنا كخط مستقيم (له بعدين اثنين فقط) لكن كلما اقتربنا من العمود فإن بعدا ثالثا سيظهر له (سمك العمود). وحتى تشكل الأوتار الفائقة تلك التشكيلة الكبيرة من الجزيئات والخصائص المختلفة لها فإن عليها أن تهتز في فضاء يملك أكثر من ثلاثة أبعاد، في الواقع فإنها تحتاج لتسع أبعاد مكانية إضافة إلى البعد الزمني والنتيجة عشر أبعاد.