آخر الأخبار

حقيقة المعركة ونواة الوعى

عشنا دهرا نؤكد على أن الغرب سبق العرب بسنين تكاد تكون سنين ضوئية وتعزى بعضنا بأن الله أمرنا أن نعد من القوة ما نستطيع ولم يشترط ما نكافئ به عدونا ( وأدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) وتفوق الغرب علميا وتكنولوجيا وحضاريا وغير ذلك مما هو واقع نعايشه كل يوم. ورغم أن هذه المسلمة ليست على إطلاقها وليست قرآنا له القداسة ورغم سباق بعض الدول وتقدمها ولحاقها إلا أن هذا كله ليس حقيقة المعركة...فلو أتيتنا بمثال على سبيل التبسيط والتوضيح لقلنا إن الملاكم حين صرع خصمه ويطرحه أرضا ينفض من حوله إذ اعترف المشاهدون بقوته وانتهى الأمر لكنه فى صراع لا أقول الحضارات بل الأديان بين الشرق المسلم والغرب الصليبى والنصرانى لم يكتف خصمنا بإعلان فوزه وانتصاره الساحق تكنولوجيا وعلميا وحضاريا و و و بل ظل حريصا حين طرحك أرضا أن يحرمك من أى فرصة للنهوض فقتل الإنسان واكتفى بهذا:  قتله بأن جعله يحيا ليستهلك لكن فى ديننا نحن نحيا لنعبد الله ونُعبّد الناس لله ونعمر الكون، قتله بأن جعله ترسا فى آلة الرأسمالية المتوحشة، قتله بأن حرمه عبر حكام فشلة أو قتلة أو خونة أو أغبياء أو ضعفاء من أن ينهض النابغون بما معهم من علم فى أوطانهم، قتله بأن جعل قبلة العالم هناك فى الغرب، قتله باليوجينيا ودعمها، قتله بأن شجع وصنع وحرض على الحروب والأوبئة ( حرب بيولوجية فى ورق سوليفان) والتغذية الفاسدة الملوثة ( حرب كيماوية فى ورق سوليفان) فصار الإنسان العربى والمسلم ( العربى ترادف مسلما فى الغرب وهم لا يفرقون بينهما إلا قليلا كما الصهيونى ترادف يهوديا فى العرب ولا نكاد نفرق بينهما إلا قليلا) أقول فصار العربى والمسلم كائنا مشوها إن أراد أن ينهض بما معه من علم طرته أوطانه ورحبت به أوطان الغرب وإن أراد أن يحيا بدينه اتهم فى عقله وعرضه بأنه إرهابى، وإن أراد أن يحيا إنسانا يعلم العلم ويورث الأخلاق هدم الإعلام ما يبنيه إذ جففت منابع التعليم (الجيد) و(الحقيقى) و(الفاعل) فى بلادنا وما يبز فيها إلا طفرات إنسانية بجهدها لا بجهد مؤسسات ترعى الإنسان والعلم. كانت هذه مقدمة لازمة لتقرير حقيقة قلما نلتفت إليها بمجموعنا هذه الحقيقة هى ( نجح الغرب فى هدم الإنسان ودخلنا جحور ضبابهم فاستهلكتنا أنماط حياتهم life styles   وفى هذا الصدد نتفهم حديث النبى صلى الله عليه وسلم (" لتتبعن سَنن من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ ، حتى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن !؟ " ، رواه البخاري أو ذلك الحديث المروى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ ، فقيل : يا رسول الله كفارس والروم ؟ فقال : ومن الناس إلا أولئك ؟ "رواه البخاري. إن كثير من الأمم أريد لها أن تسير فى الأرض سير البلهاء الذين لا يحسنون التمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم حيث تأخذهم مدنية الغرب فتسحرهم ببريقها ومن ثم يصيرون صرعى أفكارها دون تمييز بين غث وسمين...يقول تعالى ( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين، هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (آل عمران:137-138، ويبدو أن أحد أهم مشاكل المسلمين والعرب لا سيما فى مراحل الضعف الحضارى تأتى من شيوع التقليد، وغياب الوعي الجماعي، وانطفاء الفاعلية، في محاولة بعضهم التفكير بدخول جحور الضباب - حتى إنهم لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه- التي تعيشها الحضارات الأخرى، واختزال التاريخ الحضاري، بعصر واحد، والانبهار بالطفرات الحضارية، أو الخداع الحضاري، واستبدال الذي هو أدني ، بالذي هو خير، والعجز عن إدراك الإمكان الحضاري، الذي تمتلكه الأمة المسلمة، لو تمثلت إسلامها، واستشرفت ماضيها، وأبصرت مستقبلها حقيقة... الخلاصة: * معركتنا الرئيسة هى فى جعل الإنسان إنسانا كما يريده الله. * فلنحذر أن نحيا بطريقة الاستهلاك الغربى فنصير سلعة للرأسمالية المتوحشة أو أن نفكر بطريقة دخول جحور الضباب...فنكون كأعجاز النخل الخاوية.* فلنعٍ أن أساس الوعى هو بناء الإنسان المقاوم ولنفهم حقيقة الصراع وأدواته فما هو أداة لا تستهلكنا لنحسبها رأس الأفعى.* إذا هزمنا الغرب فى جولة و جولتين أو فى عدد سنين فلا نيأس أو نستسلم يكفينا الثبات وتوريث الوعى وحقيقة المعركة لأجيالنا القادمة عساها تفعل ما عجزنا عنه لكن لا نسلمهم الراية ونحن عجزة مستسلمون فإن فاتنا النصر فلا يفوتنا الثبات والتوريث الحقيقى للمعركة.

إضافة تعليق جديد