مازال الموقف الأميركي على حاله ولم يتغير من الشأن السوري رغم مرور حوالي أربعة أعوام. ويكرره على مسامعنا الناطق باسم البيت الأبيض أو الناطق بلسان وزرارة الخارجية دورياً. والناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية جينيفر ساكي أكدت عليه, ولخصته بالتالي:
1. لن تسلم واشنطن أسلحة مضادة للطيران للمعارضة السورية المسلحة, خوفاً من أن تقع هذه الصواريخ في أيدي جماعات لا تثق بها واشنطن, أو لا تريد لها من دور.
2. واشنطن تحبذ الحل لديبلوماسي, وترى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة.
3. واشنطن تهدف من تعزيز القدرة العسكرية للمعارضة، ضمان جلوسها على طاولة المفاوضات بصورة أوضح, وبموقع أفضل لها خلال أية عملية تفاوضية قد تتم لاحقاً.
4. واشنطن تريد إسقاط الرئيس السوري فقط, مع ضرورة الحفاظ على الجيش السوري وكافة أجهزة الأمن ومؤسسات الدولة السورية, كي لا تتفكك سوريا أو تتفتت.
5. واشنطن تؤيد قوى المعارضة السورية في تصديها للنظام السوري, ولكنها لا تثق ولن تدعم سوى المعارضة المعتدلة التي هي من تختارها وتحددها من القاعدة لرأس الهرم.
6. واشنطن ترحب بأي جهد تركي لتعزيز قدرة المدافعين عن مدينة عين العرب. وتؤيد دعم عملية الدفاع عن عين العرب (كوباني) بقوات مقاتلة من البيشمركة.
7. واشنطن تسعى لتشكيل عدداً من الجبهات لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية. لذلك فهي تسعى لزج ما تطلق عليها المعارضة السورية المعتدلة في حربها الجديدة.
إلا أن الكثير من الساسة والدبلوماسيين محبطون من هذا الموقف الأميركي الذي ظاهره دعم المعارضة وباطنه العذاب لكل سوري كان من فصائل المعارضة أو كان موالياً للنظام, وحتى لو كان حيادياً لا هو مع المعارضة ولا مع الموالاة. وسبب الاحباط يتلخص بما يلي:
• فهذا الموقف الأميركي معناه أن واشنطن تسعى لإطالة أمد الازمة السورية طالما بعض أهدافها لم تتحقق. وطالما هذا الصراع يخدم مصالحها في أي جانب من جوانبه.
• والموقف الاميركي من الشأن السوري هو تسويق واستثمار لمخاطر الخوف والقلق.
• وواشنطن تسعى لرفع درجة ضغط الازمة كي يكون عامل ضغط على روسيا وإيران ودول الجوار. وأشبه بزيادة الضغط في مرجل القاطرة البخارية ليؤمن تحريك عجلاتها على السكة, بشرط أن لا يؤثر زيادة الضغط على سلامة المرجل وأسطوانة المكبس.
• وواشنطن ستعرقل أي حل أو جهد يسعى لحل الأزمة السورية. كي نحمل وزر تفاقم الازمة ونهر الدم للموقفين الروسي والصيني لاستخدامهما حق الفيتو بمجلس الأمن.
• وواشنطن تريد أن تكون لازمة السورية مصدر رعب وخوف وقلق لكل الأقليات في باقي الدول. لأن ذلك يؤمن لها تفكيك المجتمعات وإعادة صياغتها من جديد.
• وواشنطن لا تجرؤ على التدخل عسكرياً في سوريا لأن تدخلها سيضع قواتها تحت نيران أعدائها في سوريا والعراق, وكافة أعدائها في باقي أصقاع الأرض.
• وموقف واشنطن من الشأن السوري موقف تجاري بحت ومزايدة على مواقف أخرى.
• وواشنطن تعتبر أن إطالة أمد الأزمة السورية سيؤثر سلباً على النظام السوري وروسيا والصين وإيران وحزب الله, وكذلك العراق مما يسهل عملية تقسيم إلى دول ثلاث.
• وواشنطن لن تسمح بإقامة دولة خلافة إسلامية, ولا دول غير علمانية.
في شهر أيلول من عام 1970م, حدث صراع دامي بين المقاومة الفلسطينية وبين الجيش الأردني سميت بحوادث أيلول الأسود. حينها تناسى الزعماء العرب خلافاتهم وسارعوا لعقد قمة في القاهرة حضرها الجميع, لتجنب دخول دول أخرى في آتون هذا الصراع. ولم ينفرط عقدها إلا بحل المشكلة وإجراء المصالحة بين كل الملك حسين وياسر عرفات رحمها الله. إلا أننا ولأربع سنين لم نجد من تحرك لأحد القادة العرب أو المسلمين لعقد قمة لحل الأزمة ووقف نزيف دماء المسلمين و العرب. فمواقف الزعماء الحاليين خطب وتصريحات إعلامية تزيد من تأجيج الأزمة لهدر دماء المسلمون والعرب أكثر , وزيادة معاناتهم في كل النواحي, وتهجيرهم في شتى أصقاع الأرض. والمحزن أن بعض المسلمين والعرب يشيد بزعماء يتحفوننا بخطاباتهم الرنانة, دون تحركهم لوقف نزيف الدماء, وعلاقاتهم وطيدة بواشنطن وتل أبيب.
الاحد: 2/11/2014م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
burhansyria@gmail.com
burhan-km@hotmail.com
إضافة تعليق جديد