الجميع بانتظار ما تسفر عنه الايام القادمة من وزارة جديدة بناء على اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لماذا المصالحة الأن وليست قبل المفاوضات؟ ومن الذي يتحمل مسؤولية تعطيل المصالحة؟ لقد اجاب عزام الاحمد المفوض من قبل محمود عباس بأن فشل المصالحة سابقا كان نتيجة الضغوط التي مارستها "اسرائيل" والادارة الامريكية على الرئيس ابو مازن، وبهذا التصريح يبرأ حماس من مسؤوليتها بعدم انجازها، وأن من افشل المصالحة سابقا بامكانه ان يفشلها من جديد، فقط من خلال منع وفد الضفة من التوجه الى قطاع غزة، حيث الظروف اليوم مناسبة اكثر للكيان الصهيوني للتصعيد ضد القيادة المفاوضة، والتضييق على حركتها ومعاقبتها على مواقفها.
لم تكن المواقف التي اتخذتها الحكومة المصرية اتجاه القطاع من خلال حصاره واعتبار حركة حماس منظمة "ارهابية" وملاحقتها وتوجيه الاتهامات لها، الا ضمن تبادل ادوار بين اطرافا فلسطينية وعربية لجعل التسوية امرا واقعيا، وان تصريحات محمود عباس حول حق العودة ورفضه لعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها، الا تأكيدا على تقدم بالمفاوضات من اجل تسوية الصراع، التي لم تعرف حتى الان تفاصيلها، فالتصريحات التي تصدر من هنا او هناك هي بواقعها غير مقنعة اطلاقا بفشل المفاوضات، فكل المؤشرات تؤكد عكس ذلك.
من اجل تمرير الاتفاق، الجانب الفلسطيني مطالب بتذليل كافة العقبات التي تعترض ذلك، واولها جر حركة حماس الى مربع التسوية حيث تتمتع الحركة بقاعدة جماهيرية كبيرة ومؤثرة، وأن دعوة المجلس المركزي للانعقاد، جاء من اجل ان تنتزع هذه القيادة بطرقها المعروفة قرارا بتجديد الثقة بسياسة هذه القيادة وللوفد الفلسطيني المفاوض، ولم يقم المجلس بمراجعة المرحلة الماضية وما افرزته المفاوضات ونتائجها التي وصلت اليها، وان قراراته جاءت لتؤكد على الاستمرار بالمفاوضات، وهذا القرار ما كان ليحصل لولا التشكيلة الحالية للمجلس المركزي وكافة الخروقات التي حصلت بالطريقة التي تمت بها دعوة الاعضاء، فاذا المفاوضات كانت فاشلة وفشلت، فكيف ستعود وعلى اي قاعدة؟ وما هي الشروط الجديدة للمفاوضات القادمة؟ فاذا الكيان الصهيوني رفض تجميد الاستيطان خلال 9 اشهر من المفاوضات فهل سيجمدها مستقبلا؟ وعلى ماذا ستعتمد هذه القيادة من اجل اجبار الكيان على تجميد البناء بالمستوطنات؟ وها هو الرئيس اليوم يؤكد بانه لن يستمر بالانضمام الى المؤسسات الدولية ويكتفي بانضمامه الى ال 15 مؤسسة دولية.
هناك خيوط تسوية وملامح لإتفاق بين المفاوض الفلسطيني والكيان الصهيوني، غير معروفة تفاصيلها حتى اللحظة، ولكن بمحصلتها لا تلبي الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية، وكانت تصريحات القيادة التي سبقت اعلان فشل المفاوضات لتؤكد على حجم التنازلات التي قدمتها، وهي بطبيعتها مقدمة للتوصل الى تسوية حيث تعيدنا الى طريقة واسلوب التنازلات التي عودتنا القيادة الفلسطينية على تقديمها بالسابق قبل الوصول الى اوسلو، وهي بجوهرها لا تصب بالمصلحة الوطنية الفلسطينية وانما تبديد للحقوق والثوابت فتصريحاتها التي اكدت بها بتنازلها عن حق العودة وتبادل الارض وتراجعها عن الكثير من الشروط كتجميد الاستيطان او ترسيم الحدود هي بجوهرها مقدمة لابرام اتفاق جوهره هذه التنازلات او اكثر.
يبحث ابو مازن من خلال المصالحة الى اعطاء شرعية لخطواته المرفوضة، وتذليل العقبات التي قد تعترض الموافقة على اي اتفاق، وذلك من خلال تجديد المؤسسات الفلسطينية التي تتحكم بالقرار ومصير الشعب الفلسطيني وهذا الاحتمال وارد لتمكين التخلص من القوى والافراد التي تعترض مسيرة التسوية المتبعة من هذه القيادة، سواء من خلال انعقاد مؤتمر حركة فتح اوتجديد عضوية المجلس التشريعي، التي تعتبر مؤسسات اساسية لتمرير اي اتفاق لتسوية الصراع دون ان يلبي الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية، اما مؤسسات منظمة التحرير فلا اعتقد انها ستمر بعملية ديمقراطية تضمن لشعبنا بممارسة حقه الديمقراطي، وان اي تجديد او تعديل سيكون بمقاييس هذه القيادة المتنفذة والمتحكمة بكل تفاصيل القرار.
حركة المقاومة الاسلامية حماس مطالبة بوعي مخطط هذه القيادة، فهو لا يسعى الى جرها للتسوية فقط وانما الى تحجيمها واحتوائها ومعاقبتها على مواقفها وخطواتها السابقة، لان اي عودة لتاريخ العلاقات الداخلية الفلسطينية السابقة يجد القاريء ان هذه العلاقات لم تكن اطلاقا علاقات مبنية على الشفافية والاحترام المتبادل، وانما علاقات سادتها العديد من السلبيات نتيجة التفرد بالموسسة وقراراتها.
كما ان القوى الاخرى كحركة الجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحير فلسطين مطالبين ايضا برفع درجة التنسيق والاستعداد للمرحلة القادمة التي ستكون قاسية ومؤلمة وذلك من اجل حماية الحقوق والثوابت الشرعية والتاريخية للشعب الفلسطيني من الضياع، والعمل على مواجهة هذه القيادة وخلق البديل الذي يعتبر الضمانة الوحيدة لحماية الانجازات الفلسطينية التي جاءت كثمرة للتضحيات التي قدمها شعبنا على مدار ما يزيد على ستة عقود من النضال بمواجهة المغتصب الصهيوني.
جادالله صفا – البرازيل
22 ايار 2014
إضافة تعليق جديد