بعد حين ستحل ذكرى يوم الارض ال39 في فلسطين وهي الذكرى اللتي يحييها الشعب الفلسطيني كل عام منذ هبة عام 1976 حين هب ابناء فلسطينيي الداخل في مظاهرات عارمه ضد المشاريع التهويديه الصهيونيه وضد مصادرة الاراضي الفلسطينيه ضمن مشروع "كينغ" التهويدي اللذي استهدف مناطق التواجد الفلسطيني في مناطق فلسطين الداخل المحتله منذ عام 1948 وعليه ترتب القول واجب تقديم التحيه الوطنيه للشعب الفلسطيني صانع المشاريع النضاليه الوطنيه المقاومه للإحتلال والاحلال والتهويد الصهيوني الجاري منذ عقود في فلسطين المحتله وهو الشعب الذي لم يكل ولم يمل من تقديم اروع اشكال التضحيات خلال مسيرته النضاليه الطويله من اجل استرداد حقوقه السليبه في وطنه السليب.. نعم انه شعب الجبارين وشعب ياجبل ما يهزك ريح وشعب المجاهدين والاستشهاديين يستاهل ويستحق قيادة افضل من تلك القياده الراهنه والمترهله والمهلهله الفاقده لمقومات ومعايير قيادة شعب يرزح تحت احتلال غاشم منذ زمن بعيد!!
لايدور الحديث هنا عن القياده الفلسطينيه المتمثله في سلطة اوسلو فقط لا بل ان الحديث يدور عن قيادات وقادة الشعب الفلسطيني اينما تواجد وطنا ومهجرا وخاصه القيادات التي تعتبر نفسها قياده في مناطق فلسطين التاريخيه سواء في الضفه والقطاع او فلسطين الداخل والاصل وبالتالي ما نلحظه ويلحظه الكثير من المراقبون هو ان الصراع الدائر في فلسطين ليس مع الاحتلال وحده لا بل مع مشتقاته من فلسطينيون منتفعون من وجود الاحتلال ويتعايشون مع هذا الوجود عبر طرق واساليب كثيره ابرزها واخطرها ظاهرة الفبركه الوطنيه التي تعتمدها النخبه الفلسطينيه في تبرير تعاملها وتعايشها مع الاحتلال ومؤسساته التي تؤطر وتشرعن احتلال وتهويد الارض الفلسطينيه ,مما يعني اننا نعيش حاله شبه روتينيه في احياء هذه الذكرى او تلك على اساس بقاء الامر مجرد تجديد عهد او قسَّم دون اي تحرُك جدي نحو بناء استراتيجيه ذات ديناميكيه مستمره ومتجدده تضمن استمرارية مقارعة الاحتلال وعدم الاعتراف بما خلقه وفرضه من واقع قسري مثل تثبيت الاستيطان والمستوطنات في مناطق تواجد الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخيه او خارجها بما يتعلق بوضعية اللاجئين والتأكيد المستمر على حق عودتهم الى ديارهم الاصليه رغم انف الاحتلال اجلا ام عاجلا !
نحن نرى ان قضية احياء هذه الذكرى او تلك مثل يوم الارض او غيرها قضيه وطنيه في غاية الاهميه لكن على ان لا يصبح الامر مجرد روتين احياء ذكرى وتنديد ومظاهرات لبعض الساعات ومن ثم نجلس وننتظر تاريخ الذكرى نفسها في العام القادم في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال في فرض التهويد والتوطين القسري ومصادرة اراضي وهدم بيوت الفلسطينيون على طول وعرض فلسطين التاريخيه.. بمعنى واضح وموضَّح على الشعب الفلسطيني ان يغير نهج ومسار نضاله وينتقل من مرحلة روتين احياء هذه الذكرى او تلك الى برنامج نضال استمراري ياخذ جميع اشكال النضال بالحسبان كإستراتيجيه بعيدة المدى يكون هدفها دحر الاحتلال ..الجاري حتى الان هو ان الاحتلال الاسرائيلي يحشد قواته وشرطته في ذكرى يوم الارض او ذكرى فلسطينيه اخرى ويسيطر على الوضع بهذه الاستراتيجيه او ذاك التكتيك ومن ثم تنتهي الذكرى وتتفرق الجموع وينتهي الامر عند هذا الحد...الاحتلال الاسرائيلي كَّيَّفَّ ذاته مع الاحتجاجات الفلسطينيه على اساس انها انيه وعابره ولا تؤثر على مجرى التهويد والاستيطان الحاصل والمستمر منذ عقود من الزمن؟!!
من يزعم ان الحال الفلسطيني بخير او ما يقارب ذلك في ظل وجود القيادات الفلسطينيه الحاليه فهو واهم ويجافي الحقيقه القائله ان هذه القيادات تعيش اسما وفعلا على الفبركات الوطنيه والانجازات المزعومه الذي حققها هذا الفصيل او تلك الحركه او الحزب للشعب الفلسطيني فيما الواقع على الارض اكثر من قاتم في ظل استمرار الاحتلال الاسرائيلي بقضم ارض وحقوق الشعب دون اي رادع والمستفيد في النهايه هم فقط ما يسمى بالقيادات وهذا ما اصبح واضحا في اعقاب توقيع اتفاقية " اوسلو" عام 1993 التي سُوقَّت انذاك وتسوق اليوم كإنجاز وطني للشعب الفلسطيني في حين ان الواقع على الارض يثبت العكس ويتجلى في زيادة وتيرة الاستيطان والتهويد من جهه وزيادة وتيره قمع واضطهاد الشعب الفلسطيني من جهه ثانيه وبالتالي واضح جليا ان جماعة اوسلو تفبرك الانجازات الوطنيه في وسائل الاعلام وغيرها من وسائل بهدف ضمان مصالح هذه الجماعه المرتبطه بالاحتلال ومؤسساته و واضح ايضا ان هذه الجماعه مثلا لن توقف التنسيق الامني مع الاحتلال رغم حديثها عن الامر اكثر من مره في اطار انجاز وطني مزعوم هدفه التضليل وليس الحقيقه بمعنى واضح يبدو ان هذه الفبركه الوطنيه قد انتجت شريحه او طبقه تناور وتساوم على واقع ومصير الشعب الفلسطيني عبر التلاعب بحقوق وواجبات حددتها هذه الطبقه عبر قوانين او معطيات تحول دون تخطي الشعب مطلب العيش والغذاء نحو مطلب الحريه والانعتاق الكامل من قيود الاحتلال الاسرائيلي..ثقافة الرعيه والراع المتوارثه منذ زمن طويل في العالم العربي من طال عمره وحتى سيادته وفخامته التي تمنحه شرعية التحكم بمصير الرعيه!؟
القضيه الفلسطينيه المتفرعه الى حالات فلسطينيه اصبحت اسيرة الفبركه الوطنيه التي افرزت نخبه كانت وصارت "زرعا أتى أكله في الارض التي نبت فيها" وهذه الارض والارضيه ليست سليلة المجتمع الفلسطيني فقط لابل سليلة عدة مجتمعات ترعرعت في داخلها الطبقه الفلسطينيه الحاكمه وهي زرعا ايضا نبت داخل منظمة التحرير الفلسطينيه ومن ثم انقلب عليها وعلى ميثاقها وصنع لذاته قوانين ومواثيق تؤمن بقاءه اطر سلطة اوسلو في اطار اكذوبة وفبركة بقايا وفتات منظمة التحرير...اليوم لا يوجد منظمة تحرير ولا ميثاق وطني فلسطيني وماهو موجود سلطه فلسطينيه تصرح بين الفينة والاخرى باسم المنظمه..فبركه وطنيه واضحة المعالم وتتجلى في توظيف رموز تاريخيه فلسطينيه لصالح مشروع شريحه فلسطينيه تنفرد بالقرار الوطني الفلسطيني وتوظفه لصالح مصالحها المرتبطه بالاحتلال الاسرائيلي؟...هنالك تناقض تناحري بين حركات التحرر وبين الاحتلال والاستكبار والعجيب في الامر ان الحاله الفلسطينيه اصبحت شاذه عن هذه القاعده التاريخيه؟!
من الواضح ان القوى الفلسطينيه المتنفذه تتضافر وتتحالف فيما بينها على قاعدة فرض استمرار الحال على ماهي عليه ضمن استراتيجية الفبركات الوطنيه والتبريرات السياسيه التي تبقي الاحتلال على حاله والسلطه الاوسلويه على حالها فيما تبقى او بالاحرى تزداد حال الشعب الفلسطيني سوءا الى حد يصبح فيه حصار قطاع غزه وحصار الضفه والقدس امرا شبه عادي متواصل منذ عقد او عقود من الزمن في كيانات هزيله تحكمها قوانين سلطة اوسلو بشقيها الغربي والشرقي قي غزه ورام الله الى حد ان هذه السلطه تضع يدها في يد الاحتلال وتنسق معه حتى تبرر وجودها عبر تبرير اهمية هذا التنسيق بزعم انه يخدم " المصلحه الوطنيه الفلسطينيه العليا".. الفبركه الوطنيه تخدم فقط مصالح المتنفذون ولا تقدم للشعب الفلسطيني اي مشروع كان, سوى استمرار الاحتلال من جهه واستمرار التنسيق الامني مع هذا الاحتلال لضمان هدوء الجبهات وعدم انفجار الوضع او انطلاقة انتفاضه فلسطينيه تهدد وجود الاحتلال وحلفاءه داخل السلطه من جهه ثانيه وبالتالي من الواضح ان تحالف النخبه الفلسطينيه مع الاحتلال قد قطع سيرورة النضال الفلسطيني وادى الى اختزال القضيه بكاملها في قضايا معيشيه محدوده بين لقمة العيش وتصريح عمل داخل الكيان الاسرائيلي؟!
الامر نفسه ينطبق على ما يسمى بالاحزاب العربيه داخل الكنيست الاسرائيلي حيث تُقام قوائم مشتركه جمهورها وعمادها جزء من الشعب الفلسطيني الذي يُضلل عبر الفبركه الوطنيه بإعتبار ان القائمه المشتركه انجاز وطني فلسطيني فيما الحقيقه الصادمه ان هذا الانجاز انجاز اسرائيلي صهيوني بحت نجحت من خلاله دولة الاحتلال شرعنة وجودها عبر تصويت جزء من الشعب الفلسطيني في انتخابات كنيست دوله صهيونيه اقيمت على جماجم الشعب الفلسطيني وقامت بانشاء برلمان لها في القدس المحتله على الارض الفلسطينيه وبالتالي نجاح الكيان في جر جزء من الشعب الفلسطيني للتصويت والترشيح لبرلمانه هو انجاز صهيوني لاعلاقه له لامن بعيد ولا من قريب بالوطنيه الفلسطينيه حيث عاد نتانياهو الى دفة الحكم وزيادة عدد اعضاء عرب اسرائيل في الكنيست لن تقدم ولا تؤخر ولن يكون لها اي اثر على سير السياسه الاسرائيليه...ببساطه هو انجاز لاشخاص تاجروا بالشعب الفلسطيني وصاروا اعضاء في الكنيست الاسرائيلي..هم في واد والوطنيه الفلسطينيه في واد اخر وما قام به هؤلاء هو فبركه وطنيه من اجل مصلحه حزبيه وشخصيه..يرقصون على جماجم شعبهم ويفبركون التبرير بهدف تمرير حاله خيانه وطنيه؟!!
الحديث ايضا يدور عن حق ملايين اللاجئين الفلسطينيون والاف الاسرى القابعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يتحدث احدا عن حقوقهم سوا في اطار الفبركه الوطنيه والسياسيه واظهار الاهتمام الشكلي بقضية اللاجئين والاسرى في اطار احداث ومناسبات او في ذكرى وطنيه تُحتم التطرق للاسرى واللاجئين لكن دون العمل بجديه على التاكيد على حق العوده وضرورة فك اسر اسرى الحريه الذين يعانون من التنكيل و المرض فيما المتنفذون يميلون من ثقل الاوزان..الفبركه الوطنيه بما يتعلق باسرى الحريه وصلت الى حد لايطاق وفي الوقت التي تتسكع فيه سلطة اوسلو في طيات فبركة انجازاتها الوطنيه تنسى هي ومنتسبيها انهم قدموا الى فلسطين الى اكتاف وتضحيات هؤلاء الابطال ..ابطال اهملت سلطة الراتب قضيتهم واختصرت الامر في هذا التصريح العرضي او تلك الفبركه الوطنيه... والسؤال المطروح : اما ان الاوان الاهتمام بقضية الاسرى والسعي لفك اسرهم خارج اطار الفبركات الوطنيه ؟؟...اما ان الاوان ان يخرج الشعب الفلسطيني من مربع احياءه لهذه الذكرى او تلك لمجرد تجديد عهد او قسَّم دون برنامج نضالي دائم وديناميكي يدافع فيه الشعب الفلسطيني عن الارض والديار الفلسطينيه؟...اما ان الاوان لتشكيل بديل سياسي وثقافي وطني فلسطيني لشرح وفضح مخاطر استمرار الفبركات الوطنيه على القضيه الفلسطينيه ؟.....ان الاوان ان نحيي ذكرى يوم الارض في تاريخ 30.3.2015 بروح جديده غير هذه التي تحدد الفعاليات لهذه الذكرى ومن ثم ينتهي اليوم وينطوي السجل...نقول ونعيد ونكرر ان الاحتلال الصهيوني خطر محدد وواضح لكن الاخطر على القضيه الفلسطينيه هو ظاهرة الفبركه الوطنيه وخداع الشعب الفلسطيني....عاش يوم الارض الخالد لكنه بحاجه الى روح دوم وليس يوم...حجر مقاوم في اليد افضل بكثير من الخطابات والفبركات الوطنيه..!!
إضافة تعليق جديد