آخر الأخبار

ملح الكذب : الانتحار العربي الجماعي الى اين؟!

منذ ان بزغ فجرنا وراينا النور على هذه الدنيا ونحن نسمع ونعيش على نظرية المؤامره الصهيونيه والامبرياليه الى حد ان المؤامره اصبحت ملح كذبنا على الذات التي تناقلته الاجيال العربيه منذ عقود من الزمن  لا بل انها صارت ملح كذب ودجل على كل مائده عربيه فلا تسمع في حديث العامه او رأيها حول ما جرى ويجري في  العالم العربي الا الحديث اما عن القضاء  والقدر او عن  المؤامره الصهيونيه والامبرياليه  وخيانة الحكام العرب لكن في الواقع ان العرب هم اكبر المتامرين على ذاتهم وتاريخهم واوطانهم حيث كانت العواصم العربيه قبل زمن ليس بعيد سرحا حضاريا متوهج ينضح منه الغرب والعالم اجمع معرفة وعلما الى ان جاء حكام ما بعد وقبل الاستكبار وفعلوا مالم يفعله الاستكبار والاستعمار وهو تخريب مبرمج وممنهج لكل مايرمز للعرب والعروبه الى حد اصبح فيه اليوم العرب وصمة عار وتخلف بعد ان كانوا في مقدمة الشعوب المستنيره بالمعرفه والعلم  وهاهم اليوم يمارسون عمليات الانتحار الجماعي داخل اوطانهم وفي عرض البحار اثناء رحلة هربهم من نار جحيم الاحتراب  والاقتتال العربي الداخلي في اكبر حرب اهليه وطائفيه عرفها العالم العربي منذ عقود من الزمن وبالتالي لم  تعد نظرية المؤامره تقنع احدا في حين نرى فيه ليست ملايين الهاربين واللاجئين من العرب فقط لابل نرى ان رائحة الموت الجماعي تملا ارض وسماء العرب....
الحقيقه ان ما من احد عاد ليهتم بعدد المجازر وعدد القتلى الذي اصبح امر روتيني.. مئه مئتين او الف او الفين او عشرات الالاف من القتلى والجرحى وهم الذين بلغ عددهم الملايين في العالم العربي وما زالت المعارك الطائفيه وغيرها مستعره وتحصد يوميا ارواح المئات والالاف من العرب ناهيك عن سخرية التاريخ وتسخير الاسباب الكامنه في سقوط رافعه داخل الحرم المكي على الناس ومقتل وجرح المئات والعله او السبب حسبما يزعم الزاعمون يعود الى حالة الطقس وشدة الرياح التي اسقطت الرافعه على رؤوس الناس... المؤامره في هذه الحاله استبعدت واستبدلت بالطقس والرياح الشديده اللتي اسقطت الرافعه؟... نحن نتحدث بمراره وسخريه عن سخرية التاريخ العربي وكيفية تعليل العلل والاسباب لتمرير هذا الحدث او ذاك في ظل تغييب الاسباب الحقيقيه  بالقول ان الصهيونيه والامبرياليه ليس وحدها مسؤوله عن مقتل وتشريد ملايين العرب  والحال نفسه ينطبق على ان الرياح لم تكن السبب الوحيد الذي اسقط الرافعه في مكه!!؟
كاتب هذه المقاله ومثله الملايين في العالم العربي ليست علماء دين لكن من حقهم ان يتساءلوا حول ظاهرة الانتحار الجماعي الذي يمارسه العرب يوميا بالرغم من ان " الانتحار" محرم في الاسلام  وفي الاديان الاخرى ومرفوض كظاهره عالميه ومن حقهم ايضا" اي العرب" ان يتساءلوا ما دخل وعلاقة  المؤامره في فتوات ونداءات تنادي بقتل الاخر يطلقها عرب مسلمون من اجل قتل  اخوتهم في الدين والوطن وما دخل المؤامره في سبي وقتل وإغتصاب النساء وما دخل المؤامره في هروب ملايين العرب من نيران الحرب  الطائفيه والدينيه والسياسيه الدائرة في كثير من الدول العربيه  وما دخل المؤامره في فتوات  دينيه تحلل القتل الطائفي الذي يحصد ارواح مئات العرب يوميا...السماء الذي يتذرع لها العرب بالدعاء لله تهطل  موتا وجثثا ورائحة الموت تملا كل مكان في ديار العرب والكل يتهم الكل بالكفر والزندقه والخروج عن تعاليم الاسلام وهذا يهدر دم ذاك باسم الجهاد وذاك يقتل جاره باسم جهاد الطائفه وفتوى المرجعيه والكل  يقرأ الفاتحه على روح قتلاه وينطق بشهادة " لا اله الا الله وان محمد رسول الله", وهذا يزعم ان ان قتلاه شهداء وقتلى المسلم الاخر " فطائس" لابل من بينهم من يعلم بالغيب وباحكام الله ويقرر ان قتلى معسكره في الجنه وقتلى المعسكر الاخر في جهنم وبؤس المصير واخر يحرق اخوه المسلم حيا بزعم انه "صيني" قبض عليه في ساحات جهاد المعسكر الاخر..الم يحرم الاسلام قتل النفس؟ وهل هذا الصيني ليست نفس وليست انسان  وقتله حرقا حلال وليس حرام؟؟
هل هذا جهاد في سبيل الله الذي يقتل الاف الناس ويشرد  مئات الالوف ويهدم قرى  ومدن كامله على راس قاطنيها؟ وهل هؤلاء الذين يُقتلون ليست مسلمون او عرب ناطقون بلغة القرأن؟...هل ورد في القرأن قول يحلل القتل الطائفي وحتى العرقي واعتبار الامر جهاد في سبيل الله؟ واذا كان الامر كذلك افتراضيا لماذا تحج كل الطوائف الاسلاميه الى بيت  الله الحرام؟..على حد علمنا  والعلم عند الله ان جميع المسلمون ومن بينهم العرب  يحجون الى مكه وبيت الله الحرام كمسلمون سواسيه ومتساوون في اداء مشاعر الحج وعليهم ما عليهم جميعا من فرائض الاسلام ومشاعر الحج..على حد علمي ايضا لم نرى في يوم من الايام علامات اولافتات تشير الى طائفة هذا الحاج المسلم او اذاك اثناء اداء الحج...أذا؟: كيف يحجون سويه ويصلون سويه في اطهر بقعه وفيما بعد او في اتجاه اخر يذبحون بعضهم البعض باسم الجهاد وبذرائع  التكفير على اساس طائفي او اسلامي ككل..القتال والذبح الجماعي مستمر حتى في شهر محرم واشهر تُحرم القتال مع علمنا انه حتى في عصر الجاهليه كان هناك حرمة واحترام لاشهر يحرم فيها القتال...ملح الكذب وكذب الملح!!
في الباديه العربيه هنالك قول او مثل يقول ان " الكذب ملح الرجال" وسواء شئنا ام لم نشاء فان الحرب الدائره في العالم العربي هي حرب عربيه عربيه في اساسها وجوهرها وتدور على اساس اسلامي ؤسياسي وبمشاركة بعض المسلمون من دول اخرى لكن جل حطب وضحايا هذه الحرب هم من العرب سواء كانوا من هذه الطائفه او تلك او من  هذا الدين او ذاك او من هذا البلد العربي او ذاك لكن اللافت للنظر هو ان ملح الكذب يكمن في تحليل قتل العرب عبر فتوات جهاديه طائفيه ادت وتؤدي الى قتل وانتحار جماعي وهروب ولجوء جماعي لابل انتحار جماعي في عرض البحر...في بلاد الله اكبر والبلاد العربيه اللتي تحتضن المقدسات الاسلاميه تدور اليوم حرب اهليه طائفيه وحروبات متعدد الاشكال ينتحر فيها العرب افرادا وجماعات تحت ذرائع ومسببات كثيره من بينها عواقب ثقافة " التكفير والتخوين" الذي انتجها الحكام الدكتاتوريون العرب على مدى عقود من الاستبداد واللافت للنظران المعارضات العربيه تنضح من صحن الثقافه ذاتها وتقتل معارضيها بنفس اساليب انظمة الطغاه ... القامع والمقموع والسيد والمسيود يمارسون الانتحار والقتل الجماعي والضحايا جُلهم من العرب...معاول الطغاه والتكفير تدمر كل شئ وكل مَعلم حضاري وعلمي في العالم العربي الى حد قتل العلماء والمفكرين العرب وهدم معالم حضاريه وتاريخيه عربيه..معاول الطغاه والتكفيريين والعدميين تًشرد الشعوب العربيه من اوطانها وتُفرغ الاوطان من سكانها واكثر نسبة لاجئين اليوم في العالم هم من العرب.. الحكام العرب الفاسدين والمتعفنين  والمُستقويين  على شعوبهم بالغرب وامريكا وجدوا حبل نجاتهم في ما يسمونهم ب"التكفيرين" ومحاربة " الارهاب" وهُم في الحقيقه  الماكنه الاساسيه التي صنعت الارهاب واسست لدول الخوف والارهاب  المسلط على رقاب الشعوب منذ عقود من الزمن... الانتحاريون والمنتحرون والناحرون لهم مرجعيه واحده وهي ثقافة القتل والقمع والاباده الجماعيه..مالفرق بين المالكي والعبادي ومعارضيه الذين يسمونهم ب " التكفيرييين"؟ وما الفرق بين الحوثييين و " السعوديين"؟ وما الفرق بين النظام السوري الذي يمارس الاباده الجماعيه وبين معارضيه...الرئيس الانقلابي في مصر ايضا يحارب  التكفيريين؟...محاربة الارهاب والجهاد صارا ملح الكذب العربي...فتوى مفتوحه للقتل؟؟
واخيرا وليس اخرا واذا كان الاقصى المبارك مسرى النبي محمد صلعم لا يستحق الاولويه في الجهاد؟فماهي اذا الاولويه في الجهاد؟.. هل مُنحت  الاولويه لابادة الشعوب العربيه وتهجيرها؟؟ والسؤال المُلح لا يكمن في ملح كذب " الجهاد" العربي فحسب لابل هو صلب هذا الكذب اللذي يؤجل الجهاد في فلسطين ويترك الاقصى  اسير تدنس باحاته يوميا بساطير جُند الاحتلال الصهيوني...ملح كذب الانظمه  العربيه وما يسمى بالجهاديين واحد والذين يصوغون ويسوقون لتفضيل الجهاد في اماكن اخرى غير فلسطين هم الوجه الاخر لانظمة الحكم العربيه اللتي تشدو التحالف  مع الكيان الاسرائيلي بحجة محاربة النفوذ الايراني ..!!
كل شي في العالم العربي صار مستباح و مفكك: الجيوش مفككه  والعواصم مدمره ومحاصره ومحتله.. المدن والقرى ركام...الشعوب نصفها قتيل وجريح والنصف الاخر مشردين ولاجئين... انتحار جماعي ودمار شامل وكامل...الارض المحروقه والمهجوره والناحرون والمُنتحرون لم يبقوا حجر على حجر ولا عربي بجانب عربي وهم ينتظرون الان فتح ابواب السماء...ام الجنة او النار.. نخشى ما نخشاه ان يشعلوا النار والحروبات في الجنه الموعوده!....ابواب جهنم وملح الكذب العربي.. الانتحار العربي الجماعي الى اين؟!

إضافة تعليق جديد