آخر الأخبار

قصة انسحاب قائد الجبهة السورية بحرب الـ67 على ظهر حمار

في كل عام مع ذكرى حرب حزيران بين اسرائيل ودول عربية محطية في 5 حزيران/يونيو 1967، يتناقل السوريون حكاية شعبية تقول إن قائد الجبهة السورية في تلك الحرب، العميد أحمد المير ملحم، هرب من الجبهة على ظهر حمار.

وبينما يعتبر جنرال سوري متقاعد شارك في حرب عام 1967 هذه القصة "إشاعة سخيفة" كان هدفها النيل من إرادة الجيش آنذاك، يؤكدها ضابط أمن سابق في فترة الحرب ويقول إنها حصلت في إطار انسحاب كيفي، لذلك هذا تصرف شخصي لا يتحمل الجيش مسؤوليته.

حقيقة الهروب على حمار

وفيما يتعلق بموضوع قائد الجبهة السورية، قال منذر موصلي، الذي كان ضابطا برتبة مقدم في قوى الأمن الداخلي خلال حرب الـ67، إن قرارا صدر قرار من القيادة آنذاك بانسحاب الجيش من الجبهة انسحابا كيفيا، حيث يوجد انسحاب كيفي وانسحاب وفق خطة، ولم تتوفر الشروط لانسحاب منظم فصدر هذا القرار من الجبهة للوحدات بالانسحاب الكيفي فتركوا الأسلحة الثقيلة وانسحبوا بسبب ضغط الهجوم المعادي والغارات.

وأضاف: انسحب قائد الجبهة العميد أحمد المير ملحم مع المنسحبين وكان بعض أعوانه في انسحاب، فأشيع أنه هرب على دابة.

وأوضح "هذا الأمر لا يسيء للرجل لأنه تصرف تصرفا فرديا لأنه كان بمكان منعزل وهو مضطر لاستخدام الوسيلة المتاحة. وأصلا عندما انسحب لم يعد قائد جبهة، وكان بلا صفة، لأنه انسحابه ليس نظاميا ولا توجد وحدات تحت يده، وبالتالي أي عمل يقوم به يخصه هو وليس الجيش أو الضباط.

وتابع "في بلدنا تكلم الناس وكتبوا عن هذا الأمر، ولكن أؤكد أن أي تصرف قام به أحمد المير كان محسوبا عليه وليس على الجيش، والرجل نفذ أمر القيادة بالانسحاب الكيفي.

شائعة سخيفة

من جهته، قال اللواء المتقاعد عز الدين إدريس، الذي كان قائد وحدة صواريخ أرض أرض (كاتيوشا) برتبة نقيب خلال حرب الـ67 ، إن الكلام عن هروب قائد الجبهة أحمد المير على حمار هو "كلام سخيف كان الهدف منه ضرب الروح المعنوية وإرادة القتال.. وهذا سؤال مشبوه لا أجاوب عليه".

ولدى الإشارة من "العربية.نت" إلى أن هذا الكلام ورد في كتب تاريخية وتحدث عنها باتريك سيل الذي ألف كتابا عن سيرة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أيضا، قال اللواء المتقاعد إدريس: قد يكون أي جندي حاقد مثلا نقل هذا الكلام لمؤلفين .. ويوجد مفكرون وكتّاب يتبنون أي إشاعة من هذا النوع لأنها إساءة لخصومهم.

وأضاف : باترتيك سيل ليس مرجعا. إذا كان يجمع معلوماته من السوق فهو ليس مرجعية ليحكي عن حرب حزيران. نصف كتابه من إشاعات في الشارع السوري والعربي فيما يتعلق بعدوان حزيران، وسيل هو بريطاني لن نطلب منه أن يكون موضوعيا فهو يسمع إشاعات لأن ولاءه لبريطانيا وليس لسوريا والعرب، وليس كل من يقوله صحيحا.

وتقاعد اللواء إدريس منذ سنتين عندما كان نائب مدير الإدارة السياسية في الجيش السوري.

ماذا قال المير نفسه ؟

وكانت كتب تاريخية وثقت حرب حزيران 1967 ذكرت أن قائد الجبهة السورية العميد أحمد المير ملحم، غادر الجبهة عائدا على ظهر حمار لأنه لم يتمكن من العودة بواسطة آلية عسكرية، فالطيران المعادي كان يستهدف الآليات التي يراها. وهناك كتب أشارت إلى أنه تنكر بزي فلاح بعد أن خلع لباسه العسكرية في منزل مزارع ثم امتطى حمارا حتى وصل إلى بلدة نوى في حوران.

وتوفي أحمد المير العام الماضي في سوريا. وكتب عنه الصحافي غسان الإمام في صحيفة "الشرق الأوسط": "دخل العميد ملحم التاريخ محمولا على ظهر حمار هاربا من الجولان، كما تقول الرواية الشعبية السورية. في المرة الوحيدة التي التقيت فيها القائد المهزوم سألته مداعبا عن صحة الرواية. تضايق الرجل. أطرق أرضا. ثم اكتفى بشبح ابتسامة مريرة، ولاذ بصمته الأدبي".

هل تتكرر النكسة ؟

وفي موضوع ذي صلة، قال الجنرال المتقاعد عز الدين ادريس إنه في حال حصل هجوم آخر اسرائيلي على سوريا فإن "اسرائيل غير قادرة أن تحقق نصرا عسكريا علينا، والنصر العسكري مستحيل، واسرائيل تدرك ذلك .. وستعود الجولان بدون شروط ولن يدفع الثمن الذي يتصوره الآخرون".

وعن الجبهة السورية في حرب الـ67، قال إن "عدوان حزيران فشل في تحقيق أهدافه السياسية ولم يكن أكثر من خسارة معركة عسكرية كان فيها ميزان القوة العسكرية لصالح اسرائيل. وأشار إلى أن "اسرائيل وحلفاءها دخلوا المعركة بأكثر من 350 ألف جندي اسرائيلي ومتطوع من أوروبا وأمريكا. كما كان لديها من 350 إلى 400 طائرة غربية، وأكثر من ألفي دبابة. فيما العرب لم يكونوا قد حشدوا في هذه الحرب سوى أقل من 250 ألف جندي. فقد كان أكثر من ثلث الجيش المصري في اليمن، بينما كان الجيش السوري حديث العهد.

وأضاف: من إيجابيات عدوان حزيران أنه شكل صدمة للوعي العربي شعبيا ورسميا. بحيث أن مصر وسوريا استطاعتا خلال 6 سنوات أن تضاعفا قوتيهما أكثر من أربع مرات واستعدتا لحرب أكتوبر التي كانت ردة فعل على عدوان 1967.

وقال "ما حصل في عام 1967 ليس هزيمة ساحقة كما صورته وسائل اعلام عربية لأن الهزيمة الساحقة هي التي تهزم فيها أمة كما حصل في ألمانيا بالحرب العالمية وليس خسارة معركة كما في ميدان الجولان أو سيناء".

وتابع "إن ما لفتني هو إحياء وسائل الاعلام العربية موضوع نكسة حزيران أكثر من أي عام مضى فتساءلت لماذا اليقظة المفاجئة والتركيز عليها ولماذا لم يهتموا بها بسنوات ماضية. وهذا مرتبط بأحداث سياسية في المنطقة. هذا هادف وموجّه يؤدي إلى إحباط الروح المعنوية للعرب بعد استعادتها عقب بعد انتصار حزب الله في لبنان بيوليو تموز 2006 "، على حد تعبير اللواء ادريس.

يذكر أن حرب 1967 أو حرب الأيام الستة اندلعت في الـ5 من يونيو (حزيران) 1967 بين إسرائيل من جهة وكل من مصر، الأردن، وسوريا من جهة أخرى بتعاون مع قوات عراقية كانت مرابطة في الأردن. وكانت الحرب ذروة للأزمة التي بدأت في 15 مايو (أيار) 1967. ولعل من أسوإ نتائجها، من وجهة نظر الأطراف العربية هي خسارة الضفة الغربية وقطاع غزة و شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان.

وكان الاعلام العربي الرسمي أطلق علي "هزيمة حزيران" اسم "النكسة" فيما أطلق عليها المفكر القومي قسطنطين زريق وصف "النكبة".