" هاد عدّانك" هكذا حيّاني , ذلك الصياد الأسمر القابع فوق صخره ناتئه . وكان اليوم هو أول يوم انزل الى البحر لأسبح .تذكرت هذا الرجل كنت أراه يوميا السنة الماضيه اما في المياه " يصلي" أقفاصه أو على الشط يفرز صيده ويضعه في السلال.
لم يتغير فيه شيء, طاقيته البيضاء.. سيجارته المتدليه بنفس الطريقه.. قفصه .
لكنني تفاجأت بتذكره لموعد أول نزول لي للبحر السنه الماضيه ..لكنني سرعان ما طويت دهشتي , عندما بدا لي وأنا أنظر الى الشط من داخل المياه وكأنه أصبح جزءا من الصخره القابع فوقها ..اذ بدا كأنه يعرف هذا الشط صخرة صخرة ..
أسبح عادة في منطقة تدعى " مينة العزّي" وهي مقطع مستطيل الشكل منحوت في الصخر .. وله امتداد الى داخل البحر .. وهو بعمق من المترين الى الثلاثة أمتار ..ككل شاطىء جبله الصخري المرتفع والناتىء والمليء بالصخر المدبب الذي يحتاج لمهاره في السير عليه..
وكنت تصادف عليه أحيانا بقايا قطران وزفت أسود , وهي من بقايا السفن الناقله للنفط من مصب بانياس ..
ويقول البعض أن بعض مسؤولي الشركه السوريه للنفط كانوا يسمحون لهذه السفن بغسيل أحواضها في المياه الاقليميه السوريه لقاء بضع دولارات .. وربما كان قباطنة هذه السفن يغسلون أحواضهم بدون علم أحد.
مينة العزّي هذه هي المكان الوحيد تقريبا في جبله الصالح للسباحه_ بعد هدم مسبح زيتون ..أو تهدمه بفعل الأمواج ويتم الآن اعادة تشييده بواسطة متعهد خاص..-
وذلك بعد أن امتلأ الشاطىء بنهايات مجارير المدينه , لكأن الناظر لها ولكثرتها ينتابه احساس بأن أهل المدينه لا عمل لهم ولا شغل الا الدخول والخروج الى المراحيض.!!!
فمن شط الشقيفات الرائع والذي استباحه فيما مضى مجموعه من الشبيحه الذين حاولوا الاستيلاء عليه واقامة منشآت وفيلات عليه الا أنهم منعوا ..
والناس أخذت تهجره بسبب سمعة هؤلاء وكذلك بسبب الدوامات التي أصبحت تبلع كل عام أحد السابحين..
الى شط العسيله الذي أصبح خاصا !!!
الى شط الروس الذي أصبح شاطئا للكلية البحريه ,الى الرميله التي أصبحت مصبا لمجرور للمشفى.
الى الرملة التي أصبحت بدورها مجرورا للفيلات وللضاحيه
..وهكذا حتى سوكاس تم منع السباحه بها بحجة أنها نقطه عسكريه..
-2-
بللت جسدي بالماء , لاتقاء صدمة برودة المياه ..وقذفت بنفسي الى المياه دفعة واحدة..
عندما كنا صغارا كان لدينا عادة فتح أعيننا تحت الماء وكنا نرى بشكل واضح تقريبا, منذ مده طويله لم يخطر ببالي أن أحاول فتح عيني ..
اليوم فتحتهما ..كان البحر صافيا ويبدو قاعه بشكل جيد مثلما كان يحدث عندما كنا صغارا..
وعندما أخرجت رأسي من الماء ونظرت الى السماء..
كانت الشمس تغادر منهكة.. وفي الجهة المقابله كان القمر ابن العشرة أيام يحبو في السماء ..
مثلما كان يحدث منذ آلاف السنين.
إضافة تعليق جديد