خبرنا أحد أساتذة التاريخ يوما عن عيب كبير في تدريسنا لأولادنا هو أننا نلقنهم أننا محور الكون وأن الحضارات السابقة التي تفتحت على أرضنا كانت منارة لكل الحضارات وكأننا بذلك نريد أن نخفي عجزنا وقصورنا عن إبداع حالي مشابه لما أبدعوه هم في زمانهم فنكتفي بالجلوس على الأطلال وننسب أنفسنا بكل فخر لما صنعوه هم ونكون بذلك كمن يضع العربة قبل الحصان لا بعده وضرب لنا مثلا على ذلك المقولة العربية المشهورة عن الحرية وهي القول المعروف: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).
قال تصوروا يا أبنائي أن الحضارة الرومانية في ايطاليا من آلاف السنين قد أدارت نقاشا في البرلمان آنذاك عن الأطفال اللقطاء غير معروفي النسب هل هم أحرار أم عبيد وقد دارت مساجلات بين أعضاء البرلمان لدرجة الضرب بالكراسي من أجل تثبيت حق وشرعية المولود اللقيط كابن حر للمجتمع الروماني فكيف يحمل مثل هذا الطفل جريمة غيره ، أما نحن وبعد آلاف السنين نظن أننا اخترعنا مفهوم الحرية ونحن أول من اكتشفه كاكتشافنا للأبجدية في رأس شمرا أوغاريت .
عندها وقف أحد الطلاب ليسأل الأستاذ : سيدي هل كان الأعضاء وقتهافي البرلمان الروماني تقتصر مهمتهم على المبايعة فقط والتصفيق الحاد ومقاطعة القيصر وهو يلقي خطابه بقصائد الشعر والهتافات بحياته ومعاهدته على المضي خلفه حتى الموت وفدائه بالروح والدم ؟
ضحك الأستاذ وقتها وقال للتلميذ يبدو أنك لم تزر يوما مملكة زنوبيا في تدمر لكنكمع ذلك ستصبح يا بني في المستقبل واحدا من أشهر الكتاب السياسيين أو الأدباءفي حضارتنا الحاليةوسيحفر اسمك في سجل الخالدين كبطل مالوكسي .
=====================================================
مجرد مداعبة لابني الكاتب محمد عبد الرحمن مع التحية وقبلة اعتذار منه ، وترحم مني على روح المدرس لمادة التاريخ الأستاذ والمربي الفاضل ابراهيم سعود ( أبو عبد اللطيف)
إضافة تعليق جديد