سر فرن سومر العجيب
أكثر من 35 سنة والناس تعاني من مشكلة الخبز المرتبطة بمشكلة الكهرباء المرتبطة بمشكلة الطحين المرتبطة بمشكلة الوزن ولا العدد المرتبطة بمشكلة بيع الخبز ساخن ولا بارد المرتبطة بمشكلة موعد فتح الأفران المرتبطة بمشكلة أن الكمية محدودة المرتبطة بمنصب مدير التموين فتيحة الذي جلس في منصبه حتى مات(لا حدن يفهم الاسم بالغلط مش أبو فتحية إنما ف ت ي ح ة ) فلماذا ؟
يولد الإنسان حرا ويجب أن يعيش حرا وله حقوق وعليه واجبات يقدمها للمجتمع (هكذا يقول علماء الاجتماع وربما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ) وفي جبلة يولد الإنسان نمرا على ما قاله كاتبنا العظيم زكريا تامر لكنه لا يعرف ماذا خبأه له القدر كنمر في الأيام العشرة التالية ، ولو كان الله أعطاه علم الغيب لكان عليه أن يغير عنوان مجموعته القصصية إلى (النمور في جبلة بعد أربعين سنة من الترويض) بدلا من النمور في اليوم العاشر .
فالنمر الجبلاوي الذي تسمع السماء الأولى صوته(مثل صرخة بطل فيلم 300 سبارتس) ما أن تلده أمه لا يلبس أن يفاجئ وهو في اللفيفة أن الكهرباء لا تأتي بشكل منتظم وذلك بسبب التقنين الذي لم تستطع الجهات المختصة أن تجد له حلا جذريا مما جعل المواطنين يصرفون على الإنارة بالشمع والكاز والمازوت والموتورات الكهربائية المستوردة (المولدات) ما يكفي لبناء محطة نووية.
ولما كانت الكهرباء تأتي في أوقات ولا تأتي في أخرى أصبح على المواطن الجبلاوي أن يسهر حتى وقت متأخر ليذهب فيقف على الفرن كذا ساعة حتى يؤمن لأولاده على الأقل رغيف الخبز ( الكلام هنا عن أزمات الخبز سابقا) وكثيرا ما يتم التدافش والصياح والكفر والسباب والمشاكل على باب الفرن والفران يعطي هذا بسرعة لأنه يعرفه ويؤخر ذاك لأنه لا يعرفه وقد يذهب الإنسان بعد ساعات ليجد الفرن مغلقا ويسأل فيقال له أن الفرن قد أنهى ما لديه من عجين ويشمشم الأخبار فيقال له أن الفران باع للشباب ( الطحين ) دون أن يعجنه وهنا يسمع الجبلاوي وهو طفل كلمة الشباب لأول مرة فيسأل لكنهم لا يجيبوه بل يشيرون إلى الشرق وعندما يكبر يعرف وحده من هم الشباب ، ويعرف كيف يصبح بائع الخبز وصاحب الفرن من ذوي البيوت المتعددة ويملك سيارة أو أكثر ويكون مستوى دخله الشهري أعلى من مستوى الدكتور أو المهندس فيلعن كل الأيام التي قضاها وهو يدرس .
ولأن الذي يقف على الوزن (على الشباك أو الطاقة) التي يغف عليها المواطنون كالذباب الذي كان يغف على نمورة بائع ذو شارب كبيرة كشوارب (طوني حنا) كان كالقضاء والقدر الآمر الناهي يعد الخبز وهو ساخن وربما غير ناضج ( شميط على قول الجبالوة ) ويرمي لك به من الطاقة التي تضطر أن تحني رأسك ومعها كرامتك لتتناول هذا الخبز بأي مواصفة ممكنة ولا تفكر أن تشتكي لأحد إلا الله لأن نصيب رئيس التموين ودوريات التموين (وكلها من فئة واحدة ما عدا المورللي قدس الله سره) يصلهم إلى بيوتهم .
وعندما يكبر النمر الجبلاوي يكتشف أن المسألة أكبر بكثير وهي باختصار مشكلة إذلال شعب وتعويده على الرضا والسكوت وإلا ؟ وأن يفرح ويصفق كلما جاءت الكهرباء المقننة وأن يفكر كل يوم بالكهرباء والخبز والسكر والرز والشاي ويدبر ( راسو ) بسندويشة نقانق من عند محمود ولا شاورما من عند البلة(الطوقاتلي) أو من عند ابن جديد ولا من فلافل الشغري ولا أبو غياث بطلعة المسبح .
المهم أن لا يفكر بما هي حقوقه أو أن يفكر بما يجري في الوطن وكيف يسرق هذا الوطن ومن هم عصابة (علي) بابا والأربعمائة ألف حارس وحرامي حوله الذين سرقوا بترول الوطن وخيراته وركبوا السيارت من نوع بيجو 504 الى الرانج روفر الى الشبح والمارسيدس والتي تمتلئ جيوبهم بكوبونات البنزين التي كانت بإمكانها أن تحل مشكلة الكهرباء من بدايتها .
والدليل على أن كل هذه المشاكل مفتعلة فوجئ المواطنون في إحدى السنوات أن الخبز أصبح مرميا أمام الدكاكين وليس هناك من يشتريه .؟؟؟؟؟؟
وقد يعرج الجبلاوي وهو في طريق عودته من الفرن (مثل فرن سومر) عند الفجر على عربية قهوة عبد الله ..... الذي شد (صاروخا) وخرج الدخان من عيونه مع أنفه وأصبح لونهما كلون النمر الوردي بينما هو بلون الفهد ويسأله :
حدثني عن جبلة ! وبعد أن يجفل عبد الله من السؤال وتروح عليه نصف نشوة الصاروخ ويتأكد أنو المتحدث ليس (مخبرا) أو من لجنة مكافحة المخدرات يقول :
رغم أن جبلة قليلة الجمال إلا أن ذلك يعوض عن قبحها الكبير ، أنا بعرف كل الجبالوة ، ابن الضيعة وابن البلد ، ابن العزي وابن الرميلة، العلوي والسني كلهم بيشربوا قهوة من عندي في أوقات مختلفة ، هنة هنة ولا خا بيشربوا نفس السيجارة وبيولعوا بنفس القداحة ، كلهم بيشتروا خبز الساعة 3 بالليل وبيوقفوا على شباك فرن سومر لأنهم بيحبوا الخبز الساخن (شعب بدو يعيش) هذه هي جبلة شو هي مسألة رياضيات بدها حل عن طريق اللوغارتيم .
إضافة تعليق جديد