شهدت أسعار معدن النحاس في الآونة الأخيرة ارتفاعاً شديداً على المستوى المحلي و الاقليمي و العالمي .
وقد كان لارتفاع أسعار هذا المعدن المطلوب أكبر الأثر السلبي على المستوى الاجتماعي و المعيشي في سوريا .
لقد انعكس هذا الارتفاع العالمي لأسعار النحاس على ارتفاع أسعار المنتجات المصنعة محلياً و المستوردة والتي تعتمد جزئياً أو كلياً على معدن النحاس
لقد تداعى أصحاب الفعاليات الصناعية و التجارية إلى رفع أسعار المنتجات التي تعتمد على النحاس بما يتواءم مع الأسعار العالمية الرائجة . حيث ارتفعت أسعار كافة الأسلاك الكهربائية متعددة الأقطار وصولاً إلى الأسلاك من ذوات الأقطار الكبيرة التي يعتمد في تصنيعها على مادة النحاس بشكل كبير لما لهذا المعدن من خواص جيدة و مثالية في الناقلية الكهربائية .
كما و رافق ارتفاع أسعار النحاس الخام ارتفاع كامل الصناعات التي تعتمد على النحاس كمنتج نهائي مثل الملفات و المحركات الكهربائية ناهيكم عن ارتفاع أسعار التمديدات الصحية و الكمالية من صنابير مياه و أقفال و قبضات أبواب ومداخل ومصنوعات تراثية و تقليدية وغير ذلك الكثير من المواد التي يدخل النحاس في صناعتها جزئياً أو كلياً .
لكن ما واكب هذا التطور في ارتفاع أسعار النحاس هو ازدياد الطلب المحلي على هذا المعدن بسبب ازدياد الإقبال على شراء المنتجات التي يدخل النحاس في صناعتها .
هذا ما دفع بعض تجار المعادن للحصول عل النحاس من مخلفات النحاس المصنع ( الخرده) و بالتالي إعادة صهر النحاس من جديد لإعادة تصنيعه حسب احتياجات السوق المحليه..
وكان لهذا الأمر أكبر الأثر في الإقبال على شراء النحاس ( الخرده) من الأسواق المحلية بأسعار منخفضة نسبياً والاستفادة من هامش و فرق السعر بين سعر النحاس ( الخرده) وسعر المنتج النهائي المعتمد على النحاس .
لقد استغل البعض هذا النهم الشديد على معدن النحاس استغلالاً سيئاً انعكست نتائجه السلبية في كثير من المناطق السورية . حيث عمد بعض ممن تعرفوا مبكراً على أهمية هذا المعدن إلى قطع الأسلاك الكهربائية ( الكابلات) للحصول على معدن النحاس الموجود بداخلها .
حيث يصل قطر بعض هذه الكابلات إلى أكثر من 10-12سم .
إن قطع سلك كهربائي من قطر 10-12سم بطول 100متر يمكن أن يدر على صاحبه مئات الآلاف من الليرات السورية ..!!!
هذا ما جرى وما يجري في عموم المحافظات السورية و خصوصاً محافظتي طرطوس و اللاذقية وأريافها و مناطقها من اعتداء على الشبكات الكهربائية العامة مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي عن بلدات و قرى بكاملها . ففي كثير من الحالات , اعتقد سكان القرى النائية أن انقطاع التيار الكهربائي في مناطقهم ناجم عن انقطاع التيار من المصدر أو من المراكز ولكنهم اكتشفوا لاحقاً أن الانقطاع ناجم عن فقدان أطوال كبيرة من الكابلات بسبب سرقتها من قبل مجموعات منظمة لهذا العمل إذ يعمد هؤلاء فيما بعد إلى احراق هذه الكابلات لاستخراج النحاس من داخلها و من ثم بيعه في الأسواق المحلية ( نحاس خرده) ..!!!
ذكر لي أحد المعارف أن تماساً كهربائياً حصل في أحد أحياء مدينة اللاذقية مما أدى إلى انقطاع الأسلاك ووقوعها على الأرض هذا ما دفع أحد المواطنين إلى الاتصال الفوري بمصلحة الكهرباء داعياً إياها للحضور إلى المكان لإصلاح العطل تفادياً لوقوع خسائر جسدية و مادية من جراء هذا الأمر .
فعلاً , لبت المصلحة النداء بسرعة فوصلت ورشة الصيانة إلى المكان ولكنهم فوجئوا عند وصولهم إلى الموقع عندما لم يشاهدوا أي أثر للأسلاك الكهربائية !!! لقد تبخرت !!!
اليوم , إن سكان القرى و البلدات بل و المدن هم من يتجرعون كؤوس الظلام و العتمة و فقدان النور إضافة إلى تجرعهم كؤوس البرد و التهميش..
فالاعتداءات المتكررة على الشبكات الكهربائية العامة التي تمد هذه القرى وهذه البلدات بسيالة الطاقة و الإنارة في هذه الأيام الباردة تؤدي ما تؤدي إلى إلحاق الضرر الكبير بأهالي هذه المناطق بالدرجة الأولى هذا إن عرفنا أن المناطق النائية هي الأكثر عرضة لهذه الحوادث !!
لذلك , كان لا بد من إيجاد الحلول المناسبة للحؤول دون حصول هذه الانتهاكات التي لم تبرز بشكلها المنتشر إلا في أيامنا هذه ...