آخر الأخبار

جون بيركنز في "التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية"(4)

في هذه الحلقة الأخيرة من حوار قناة "الديمقراطية الآن" مع المخرب الاقتصادي "جون بيركنز"، يصل في النهاية إلى تحديد هوية الحاكم الفعلي لهذه الإمبراطورية التي نشأت بالوسائل التي وصفها، بالمخربين الاقتصاديين وأبناء آوى "القتلة المأجورين" قبل أن تنطلق جيوشها علنا لبسط سيطرتها على المزيد من ثروات الشعوب·

· آمي جودمان: كتبت كتاب "ابن آوى بالفطرة" عن "جاك كوربن"، من هذا الشخص؟

- جون بيركنز: آه·· جاك كوربن، وهذا ليس اسمه الحقيقي، إلا أنه شخص حقيقي، مازال على قيد الحياة وبصحة جيدة يعمل لحسابنا في العراق· ولكنه ابن آوى، إنه قاتل مأجور· ومن إحدى أكثر القصص تشويقا، كما أعتقد، قصة جزر سيشل، وهي مقاطعة صغيرة، جزيرة، قريبة من ساحل إفريقيا· وتصادف أنها تقع حيث تقع ديجو غارسيا، إحدى أكثر القواعد الجوية الاستراتيجية الأمريكية أهمية·

وراء ديجو غارسيا تاريخ طويل· ولكن في أواخر السبعينيات كان لسيشل رئيس مقرب منا يدعى "جيمس مانتشام" أطاح به بانقلاب أبيض الاشتراكي "فرانس - إلبرت رينيه"، وهدد "رينيه" بإخراجنا من ديجو غارسيا، ويفضح الوقائع الحقيقية التي حدثت ووضعتنا في ديجو غارسيا· هنالك تفاصيل عديدة لن أدخل فيها الآن· على أية حال، استدعوني إلى واشنطن للاجتماع بمجموعة من الجنرالات المتقاعدين وقادة بحريين كانوا يعدونني، وكلهم كانوا يعملون كمخربين اقتصاديين لمؤسسات استشارية، للذهاب وإفساد "رينيه" واستمالته إلى جانبنا· ولكن قبل هذا كانوا يريدون معرفة هل هو قابل للإفساد أم لا· وكان من الأشياء المثيرة أن لدى أحد هؤلاء الجنرالات شابا يرعاه، ولاحظ الجنرال أن هناك دبلوماسيا رفيع المستوى في واشنطن من "سيشل" متزوجا من امرأة شابة لم تكن سعيدة معه· وهكذا أرسل الشاب لإغراء الزوجة والحصول على معلومات، وهو ما يعد تكتيكا متبعا· الجنس أمر مهم في هذه اللعبة الدبلوماسية ومهمات المخربين الاقتصاديين·

وإحدى نقط الإثارة في هذه القصة هنا هي أن الجنرال عاد ذات مرة خلال الغداء وقال "أعتقد أنكم أنتم المخربون الاقتصاديون الرجال لديكم عمل أصعب من عمل نظيراتكم النساء، لأن الأمر الآن أن هذه المرأة، زوجة الدبلوماسي، قد ابتلعت الطعم، ولكنها تريد أن تقتنع أن الشاب يحبها، لست بحاجة إلى الاقتناع أنها تحبني، ولكن أعتقد أن هذا هو الفرق بين الرجال والنساء"· على أية حال، في النهاية حصل الشاب على المعلومات من الزوجة، وكانت ان "رينيه" غير قابل للإفساد· ولافائدة حتى من المحاولة·

· آمي جودمان: وديجو غارسيا مهمة أيضا كقاعدة عسكرية·

- جون بيركنز: في غاية الأهمية· وقد استخدمت، استخدمت في أفغانستان والعراق، وبعمليات طيران فيإفريقيا أو أي جزء من العالم· في كل الأحوال، أعفيت من العمل هناك، وبعد وقت قصير أرسل فريق من القتلة المأجورين من جنوب إفريقيا، 45 شخصا أو 46، لا أستطيع تذكر العدد بالضبط· كفريق رياضي يحمل هدايا عيد الميلاد إلى أطفال سيشل ظاهريا، ولكن مهمته الحقيقية، كانت الإطاحة بالحكومة واغتيال رينيه· خلال ذلك لم أكن أعرف أشخاص هذا الفريق، ولكنني أعرف الآن جاك كورين، أعرفه شخصيا معرفة وثيقة· ومنذ ذلك الوقت وأنا ألتقي به· كانت طرقنا تتقاطع قبل ذلك إلا أننا لم نعرف بعضنا البعض·

· آمي جودمان: ما الذي يفعله بالضبط؟

- جون بريكنز: حسنا··· ذهب الفريق، وهناك تم توقيفه في المطار، فقد اكتشف حارس من حرس المطار بندقية مخبأة في متاع أحد أفراد الفريق "الرياضي"· واندلعت معركة كبيرة بالرشاشات في مطار "ماهي"، وتم تطويق هؤلاء المرتزقة، ربما بألف جندي· وأخبرني جاك أن تلك كانت من الأوقات القليلة في حياته التي خيل له فيها أنه سيموت، وأن لديه الوقت ليفكر بالموت· مرات عديدة كان يمكن أن يموت، إلا أنه كان يتصرف بسرعة· وهنا في المطار لم يعرفوا ماذا يفعلون· ولكن لاحت أخيرا طائرة للخطوط الهندية قادمة وطلبت الإذن بالهبوط· فأعطوها إذنا بالهبوط· وما إن هبطت حتى قام باختطافها، وعاد الفريق جوا إلى دوربان في جنوب إفريقيا· وراقبت الأحداث عبر شبكات الأخبار، وبثت عبر الشبكات الأمريكية، لم أكن أعرف ماذا سيحدث حين أعفيت من مهمتي، ولكن ها أنا أشاهد الأمور تتكشف· وبالنسبة للعالم، ما شاهده هو هذه الطائرة الهندية 707، تطير إلى دوربان في جنوب إفريقيا، وتحيط بها قوات أمن جنوب إفريقيا، واستسلم الخاطفون وخرجوا· ثم أرسلوا إلى المحكمة وحكم عليهم بالسجن، ولكن كانت نهاية القصة كما عرفنا· الآن بمعرفتي بجاك، ما حدث فعلا حين تم تطويق الطائرة، اتصلت القوى الأمنية بالطائرة، واكتشفت أن هناك أصدقاءها· أو معلميها في الحقيقة، على متن الطائرة·

وعقدوا صفقة· استسلم رجال الفريق، وأمضوا ثلاثة أشهر في السجن في جناح خاص بهم مزود بكل وسائل الراحة، ثم أطلق سراحهم بصمت وهدوء بعد ثلاثة أشهر·

الكثير من رجال هذا الفريق، الكثيرون منهم اليوم موجودون في العراق يعملون لحسابنا هناك، يقومون بأعمال محظور على جنودنا القيام بها كما تعلمين، ويحصلون على أموال طائلة جراء أعمالهم·

· آمي جودمان: لمن يعمل هذا الشخص المدعو "جاك كوربن" اليوم في العراق؟

- جون بيركنز: يعمل لشركة خاصة في العراق لديها عقد، تعرفين العقود تأتي من البنتاغو، والسي اي· إيه، وهذه إحدى المؤسسات· وهكذا، مثلما أعمال مشابهة كثيرة من هذا النوع، هناك أعداد هائلة، كما قلت في هذا البرنامج، من هؤلاء المرتزقة هناك· ويأتي جاك كوربن ورجاله على رأس هذا العمل· إنهم ماهرون إلى حد بالغ يقومون بعمل في غاية الدقة· ولدينا أشخاص كثيرون يعملون لشركة "بلاك ووتر"، وهناك آخرون ليسوا ماهرين تماما، وهم هناك لمجرد القيام بعمل من النوع الذي يثير الضجيج· ولكن هناك على هذا الصعيد أشخاص من كل الأنواع·

· آمي جودمان: بكتل، وبوليفيا، وحرب المياه، أنت تقيم في المنطقة التي تعمل فيها شركة بكتل، والقارة التي تعرفها أفضل معرفة هي أمريكا الجنوبية·

- جون بيركنز: نعم، تعرفين أن بكتل أعطيت أمتياز امتلاك وإدارة نظام المياه في كوتشابامبا في بوليفيا، وهي ثالث أكبر مدينة في ذلك البلد، والبنك الدولي هو الذي فرض هذا الأمر بالإرغام· الأمر محزن جدا· حين حدث هذا، ارتفعت أسعار المياه أربعة أضعاف، وتصاعدت بأرقام عالية، ولم يعد الناس قادرين على شراء المياه· كوتشابامبا مدينة بائسة جدا، وفيها أحياء بالغة الفقر· ومن هنا خرج الناس إلى الشوارع، لقد تمردوا على هذا الوضع· وكان هناك شغب، وعاندت بكتل وتمسكت بمكاسبها، إلا أنهم طردوها في النهاية من بوليفيا، وذهبت بكتل بعد ذلك ورفعت دعوى على بوليفيا بقيمة 50 مليون دولار في محكمة أوروبية لأنها لا تستطيع تقديم دعوى قضائية في محاكم الولايات المتحدة، بسبب القوانين بين بوليفيا والولايات المتحدة، ثم جاء انتخاب "إيفو موراليس" كرئيس لبوليفيا· وبعد ذلك بوقت قصير أسقطت بكتل دعواها· ولكن كان من الطرافة بمكان أن الدعوى القضائية، كانت مطالبة بخسائر أرباح لم تكن بكتل قادرة على تحقيقها لأنها طردت بسبب ما سببته من آلام للناس هناك·

· آمي جودمان: جون بيركنز، ما الذي تراه كحلول الآن؟

- جون بيركنز: لهذه الإمبراطورية التي خلقناها إمبراطور بالفعل· وهو ليس الرئيس في هذا البلد· الرئيس يخدم، كما تعرفين، لفترة قصيرة· ولكن ليس مهما في حقيقة الأمر ما إذا كان لنا ديمقراطي أو جمهوري في البيت الأبيض أو يسيطر أحدهما على الكونغرس، الإمبراطورية ماضية في طريقها، لأنها تدار بالفعل من قبل ما ادعوها بيرقراطية شركات "الشركراطية" والتي هي مجموعة من الناس الذين يديرون شركاتنا الأكبر· هذه ليست نظرية مؤامرة· هم ليسوا بحاجة للتآمر· كلهم يعرفون مايفيد مصالحهم أفضل فائدة· ولكنهم في الحقيقة يكافئون في وظيفتهم وظيفة الإمبراطور، لأنهم لايقومون بعملهم على خدمة الشعب، هم ليسوا منتخبين ديمقراطيا، وهم لايقومون بعملهم لأجل محدد· هم من حيث الجوهر لا يجيبون على أحد، ماعدا مجالس إدارة شركاتهم، وغالبية المديرين التنفيذيين للشركات أو المديرون العامون هم الذين يديرون فعلا مجالس إدارات شركاتهم، بدلا من المداورة وهم السلطة التي تقف وراء هذا·

وهكذا، إذا أردنا تغيير هذا الوضع، فعلينا أن نؤثر عليهم بقوة، وهو ما يعني أن علينا تغيير الشركات، والتي هي قاعدة سلطتهم· وما أشعر به شعورا قويا هو أن الشركات اليوم موجودة من أجل الهدف الرئيس، هدف تحصيل أرباح كبيرة، وجعل قلة ضئيلة ثرية من الناس أكثر ثراء على أساس ربع سنوي أو يومي أو على أساس أقصر وقت· لا يجب أن يكون هذا، وليس هنالك سبب ليستمر هذا·

تعريف الشركات هو أنها أفراد، وعلى الأفراد أن يكونوا مواطنين صالحين· والشركات بحاجة إلى أن تكون مواطنين صالحين· هي بحاجة إلى أن تأخذ، بل ويجب أن تأخذ في اعتبارها العناية بمستخدميها وزبائنها وكل الناس في مختلف أنحاء العالم الذين يوفرون الموارد التي تدخل في جعل هذا العالم يدور، وعليها أن تعتني بالمجتمعات والبيئات التي يعيش فيها هؤلاء الناس·

علينا أن نجعل الشركات تعيد تعريف نفسها، وأعتقد أن من الواقعي تماما القول أننا نستطيع هذا· كل مدير تنفيذي يمتلك ذكاء كافيا ليدرك أنه يدير نظاما فاشلا، وكاقتصادي وشخص عقلاني أقول لا أحد يمكن أن يستنتج سوى هذا· إذا نظرت إلى واقعة أن أقل من %5 من سكان العالم يعيشون في الولايات المتحدة، وأننا نستهلك أكثر من %25 من موارد العالم، ونخلق %30 من حجم التلوث في هذا العالم، لايمكن إلا أن تستنتجي أننا خلقنا نظاما فاشلا متصدعا، بل وغارقا في الفشل والتصدع· هذا ليس نموذجا يمكن بيعه للصينيين أو الهنود أو الأفارقة أو الشرق أوسطيين أو سكان أمريكا اللاتينية· نحن لانستطيع حتى نحن الاستمرار فيه· يجب أن يتغير، ويعرف مديرو الشركات هذا الأمر، إنهم أفراد أذكياء· وأعتقد أنهم يريدون أن يروا تغييرا·

وحين ندفعهم فعلا نحو التغيير، فسنكون ناجحين، على سبيل المثال، لقد جعلناهم ينظفون الأنهار التي تلوثت في السبعينيات في هذا البلد· وجعلناهم يتخلصون من علب الأيرسول التي تدمر طبقة الأوزون· وجعلناهم يغيرون سياساتهم تجاه استئجار وتحفيز الأقليات والنساء· وجعلناهم يضعون أحزمة الأمان في السيارات وأكياس الهواء، على الرغم من مقاومتهم المبدئية· لقد جعلناهم يغيرون تغييرا في أي مجال محدد تقرر أن نتحرك فيه، والآن، يتعين علينا، ويجب أن نقنعهم أن شركاتهم بحاجة إلى أن تكون مؤسسات لجعل هذا العالم عالما أفضل، بدل أن تكون مؤسسات تخدم قلة ضئيلة من الأثرياء، هدفها جعل هؤلاء أكثر ثراء· علينا أن نقلب هذا، يجب علينا·

· آمي جودمان: أود أن أسأل سؤالا أخيرا بسرعة حول الإكوادور، وهو حول موت وزير الدفاع الإكوادوري "جواديلوب لاريفا"، الذي مات بتحطم طائرة مروحية في السنة الماضية بالقرب من القاعدة الجوية الأمريكية في مانتا· هل تعرف شيئا عن هذا؟

- جون بيركنز: نعم، عدت من الإكوادور منذ وقت قريب جدا، وكل الناس هناك يتحدثون عن هذا الحادث، لأن الأمر نفسه حدث لوزير دفاع جيمي رولدوس قبل اغتياله· وواقعة أن الحادثة وقعت بجوار قاعدة جوية أمريكية في مانتا، وكانت اصطداما بين مروحيتين، والتماثل مع ما حدث لرولدوس، جعل الناس في مختلف أنحاء الإكوادور يقولون إن هذا كان تحذيرا لرافائيل كوريا، رئيس الإكوادور الجديد·