.. أزمة السكن مرة أخرى..!
نعم أزمة السكن مرة أخرى.. كتبنا عن هذا الموضوع الكثير وها نحن نعيد الكرة لعل في التكرار فائدة، فكما يبدو من استقراء الواقع ودراسة مؤشرات سوق العقارات في مدينتي اللاذقية وجبلة ـ وأظن ان الوضع ينطبق على أغلب المحافظات ـ أن أسعار الشقق السكنية تتناسب طرداً مع حدة وعود المسؤولين بحل مشكلة السكن وكثرة أحاديثهم حول حق كل مواطن ان «ينعم» بسكن لائق وصحي ومريح، هذا الحق صادره وهج نار الاسعار الشديد الذي بات يكوي الجميع طبعاً إلا الأغنياء.
فكلما تعشم المواطنون خيراً بأنها «قربت تنحل» جراء جرعات الوعود الكثيرة التي يتلقونها، يصدمون بأن جنون الأسعار لايسير بل يركض بخط بياني متصاعد ودون تعرجات، فالوعود ان لم تترجم بالأفعال على أرض الواقع فإنها تحدث صدمة في السوق وخير شاهد على ذلك الأسعار في سوق السيارات، ففي ظل الظروف الحالية أصبح امتلاك مسكن متواضع حلماً طوباوياً غير قابل للتطبيق بالنسبة للكثيرين ولاينفع معه شتى أنواع القروض المتاحة وخاصة بعد زيادة أسعار الاسمنت المفاجئة وغير المتوقعة والتي ألقت بظلالها الثقيلة على أسعار العقارات الكاوية أصلاً، فمثلاً أي موظف أو عامل ومن بحكمهما يحتاج الى ثلاثة أضعاف سقف القرض الذي يعطيه البنك العقاري لشراء شقة متواضعة وأصر على كلمة متواضعة. وعلى افتراض ان هذا الشخص فتحت له أبواب السماء واخترق جبل التعقيدات والروتين للحصول على القروض التي يريدها فمن أين يستطيع التسديد ومن أين يأكل ويشرب و.. فالراتب «المعتر» لايكاد يكفي لمتطلبات المعيشة اليومية؟!
ويبقى الحلم قائماً في حدوث زلزال في الاسعار او قرار مفاجئ تنتقل بموجبه الوعود من حيز القول الى الفعل. والغريب في الامر ان الحلول موجودة وليست بالمستحيلة، ولكن تحتاج الى جدية في الارادة من قبل الجهات المسؤولة لحل المشكلة والتي تتلخص ببساطة في تأمين مطارح للبناء في المخططات التنظيمية، السماح بالتوسع الشاقولي، واقامة ابراج سكنية ضخمة كما في أغلب بلدان العالم، فمن مصلحة من استمرار الوضع على ماهو عليه، هل من مصلحة المواطن أم الحكومة أم تجار العقارات.. أم..؟! فالجهات المسؤولة في محافظة اللاذقية مازالت متمسكة بعدم الموافقة على زيادة عدد الطوابق في العديد من مناطق التوسع.. في جبلة على سبيل المثال لا يسمح بتلك المناطق ببناء سوى ثلاثة طوابق.. لماذا؟ الله أعلم!! وما الضير ان اصبحت خمسة طوابق او عشرة او حتى عشرين اذا كانت التربة تتحمل وتسمح بذلك. وبالتالي يزداد العرض مقابل الطلب ما يفرض التوازن سلطته على السوق فيهبط معها الخط البياني للأسعار.
وفي نهاية المطاف سمعنا من خلال اجتماعات المحافظين عن مناقشات للسماح ببناء أبراج سكنية وتأكيدات لتسهيل الاجراءات والمعاملات لحل مشاكل المواطنين.. وها هي أزمة السكن من أهم المشاكل التي تتفاقم يوماً بعد يوم.. فماذا قدمت تلك النقاشات حتى الآن في هذا المجال إلا الوعود، ومازلنا على الوعد ياكمون.