آخر الأخبار

هل من جديد تحت شمس لبنان؟ 1/2

الأول للثاني: هل لك أن تسلفني عشر ليرات؟ نفذت نقودي و أود أن أعود لقريتي...
الثاني: و لم لا؟ يسعدني أن أعين المحتاج حتى تنفك حاجته.

- طيب... هل يمكن أن تسلفني عشر ليرات أخرى؟ ابن عمي معي أيضا و يرغب أن يسافر معي للقرية...
- هممم... لم لا، في النهاية، عشر ليرات أو عشرين... كله عمل خير...

- بس، يعني إذا ممكن كمان تسلفني مائة ليرة... حيث أن ابن عمي يستحي أن يأتي لمنزلنا بيدين فارغتين، و يرغب أن يشتري بعض الهدايا للأطفال...
- لاك إي خريتها يا أبو الشباب!
***

قتل شهيد لبنان و العروبة و العالم و كوكب المريخ رفيق الحريري في جريمة العصر (و حياة ربك هذا ما تقوله الحثالة! جريمة العصر ليست احتلال فلسطين، لا و لا هي القنبلة النووية على هيروشيما، لا و لا هي مذبحة مسيحيي الجبل بيد الميليشيات الجنبلاطية، لا و لا هي مجازر صبرا و شاتيلا، لا و لا هي إلخ... جريمة العصر هي مقتل رفيق السعودي!)...

إذن مات رفيق فهرع شعب الحئيئة لمجلس الأمن يطالبه بطرد المحتل السوري الغاشم، و بالتحئيئ لمعرفة الحئيئة، و بالمساعدة على التحؤؤ من الإنسحاب السوري... و وافق مجلس الأمن و بكل رحابة صدر، و شكل لجنتين للتحقق، و وضع بتصرفهما الموارد البشرية و المادية اللازمة، و أصدر القرارات التي تؤطر عملهما و تلبسه لباس الشرعية الدولية...

و جاءت لجنة مليص... و حققت كما يرغب شعب الحئيئة... لا بل و قدمت لمجلس الأمن تقريرا يتضمن أكاذيب شعب الحئيئة و طلباته... و مجددا قبل مجلس الأمن بكل ذلك و قدم لشعب الحئيئة ما يطلبه: تمديد للجنة و قرار جديد لإلزام سوريا بالتعامل معها...

و تابعت لجنة مليص عملها كما يشتهيه شعب الحئيئة... و قدمت تقريرا ثانيا لمجلس الأمن... و استغل شعب الحئيئة ذلك كي يطالب مجلس الأمن:
- بتمديد عمل لجنة التحقيق إلى ما لانهاية إذ أمكن...
- بتوسيع عملها كي يشمل كل الجرائم التي ارتكبت في لبنان منذ تاريخ كذا، بما في ذلك جريمة جارة وليد جنبلاط حين تبولت في كلسونها الأحمر...
- و إذا أمكن بقصف دمشق، فإن لم يكن فعلى الأقل بإقرار عقوبات شديدة على سوريا تلتزم بها كل بلدان العالم...
- و طبعا إعفاء لبنان من الإلتزام بالعقوبات إياها، و إلا فهو خراب البيوت!

عندها قال مجلس الأمن: لاك إي خريتوها يا شباب!
***

ما سبب هذا الغباء؟ هل يعقل أن حكومة العبد المأمور لدى العبد المأمور هي من الغباء بحيث لم تر الفرق بين الطلبات المعقولة و ما بين الخرينة، يعني أكل الخرا؟
ليست القضية قضية غباء، بل هي قضية أسلوب و استراتيجية لهما هدف محدد، و لفهم ذلك لا حاجة للإنسان أن يكون من خريجي وادي عبقر: يكفي الإستماع و لو للحظة لتصريحات زعيمي لبنان الحاليين: المتحول الأميبي جنبلاط و العبد المأمور سعدان الحريري (و ما التحق بهما من حثالة مروان حمادية و سمير جعجعية و إلخ...).

منذ خروج سوريا من لبنان يتخذ هذان (إن هذان لسافلان، كما يقول القرآن الكريم مرتكبا أخطاء نحوية في سورة طه، آية 63)، اقول:
منذ خروج سوريا يتخذ هذان من سوريا و عملائها و أصابعها الخفية في لبنان فزاعة يهددون بها كل من يجرؤ أن يفتح فمه بالكلام، و مطية للوصول إلى السيطرة الكاملة و النهائية على لبنان:

فإن تظاهر لبنانيون احتجاجا على ارتفاع سعر المازوت... فهم عملاء لسوريا...
و إن كان هناك ضابط ما في مطار بيروت لا ينتمي لعصابتهما... فهو من عملاء سوريا...
و إلخ و إلخ...
المشروع واضح و صريح: هذا الثنائي النتن، و تحت الشعار المبتذل البحث عن الحئيئة ، يحاول تطويق لبنان في شبكة عنكبوت يمسكان بجميع خيوطها، بحيث يكون لبنان هيت لهما و بحيث، و حين يحين موعد الإنتخابات المقبلة في لبنان، يكون إمساكهما بالوضع اللبناني قد وصل لمرحلة أن يتركوا الشعب اللبناني ينتخب كما يشاء فالنتيجة ستكون دائما انتصار محورهما -الذي يعرفانه بأنه محور الخير ضد محور الشر- و لسان حالهما يقول للشعب اللبناني -كما قال أحد خلفاء المسلمين للغيمة العابرة:
صوت أيها اللبناني أينما أردت التصويت فسيأتينا خراجك!
***

طيب... فهل هذا جديد -سواء في لبنان أو في هذا الكوكب العربي المنبوذ من السماء والأرض - كما يقول حيدر حيدر في نشيد الموت-،
هل هذا جديد؟