عندما أقول أنا منفتح ولا أعرف شيئاً عن موسـيقى إيران، الهند، الصين، تركيا...هذه مشـكلة
عابد عازرية استفاد طول وجوده في فرنسا...و لديه أسطوانات على صعيد الموروث لم أجدها هنا
تنطح وليـد غلـمية لمنـير بشـير, واتهمه انه لم يؤسس مدرســة, بينما هو من أهم المدارس.. فـ غلمية يفهم المدرسة أنها الـ (method) والنوتة والكونسرفتوار
العرب كلما التقوا سـيرج شكروه على عمله مع موسيقي عـربـي, فأخذ المشروع بعداً سياسياً... وأدين المثقفين العرب بنفس درجة إدانة العنصريين
ما دفعه مهرجان المـحبـة لنـانـسي عـجرم يكفي لاستضافة أفضل من اشتغل بالفن في سـوريا...والفرقة السيمفونية لا تأخذ رواتب بل مكافآت يستطيع الوزيـر قطعها في أي لحـظة
المراكز الثقافية الأجنبية تأخذ دور المراكز الثقافية العربية...ولدينا شكلياً مؤسسات ثـقافيـة كـ وزارة الثقافة و دار الأسد للثقافة و الفنون
يشكل خالد جرماني مع الموسيقي الفرنسي سيرج تيسو مساحة تقاطع , تنطلق من فهم متبادل و خصوصية مختلفة، يتابع دراسته الأكاديمية في جامعة باريس الثامنة بعد تخرجه من المعهد العالي للموسيقى, يوبخ طلابه على عدم وقوعهم في الحب, و يعتبر نفسه مطالبا ًبتغيير الصورة الذهنية المرسومة عن العربي, يتحدث كموسيقي سوري عمل ضمن مؤسسات ثقافية أكاديمية, معيدا ًالظلم الذي يلحق بالموسيقيين إلى الإعلام والمؤسسات الثقافية, مطالبا ًبضمانات للموسيقي.
غربة, أم وسيط
بعد مشاركتي مع مؤسسة ( رويامونت ) الثقافية الفرنسية في ورشة عمل عن المقام الموسيقي الشرقي, لاحظت شدة انبهارنا بالغرب, و شدة بعدنا عن الثقافات القريبة التي لم نطلع عليها, فسمعت هناك عازفين إيرانيين مثل: بيجان شاميراني , داريوش طلاي, و سمعت موسيقيين من طاجيكستان مثل مغني اسمه أكنزار, مؤلفة اسمها فرانكيز, إضافة لموسيقيين أتراك, عندما أسمع أشخاصا ًمن الجوار أتفاجأ بهم, لأني بحكم دراستي في المعهد العالي أعرف الكثير عن الموسيقى الغربية بينما لا أعرف شيئا ًعن الموسيقى الإيرانية و الهندية, و لا الصينية والتركية, و لا أذربيجان و أرمينيا, و عندما أقول أنا منفتح و لا أعرف هؤلاء فهناك مشكلة .
فروقات موسيقية
اكتشفت أن الفرق بين الموسيقى الشرقية في سوريا و الموسيقى الشرقية في الجزائر هو نفسه الفرق بين الموسيقى الشرقية في إيران و الموسيقى الشرقية في الجزائر, و عمليا ً هناك موسيقى شرقية واحدة و فيها عدة ألوان, أنا أستغرب الاختلاف الموجود و خصوصا بالمقارنة بين موسيقى إيران و الموسيقى العربية, فكيف يتم هذا الفرق طالما الفرق بين موسيقى إيران و سوريا من جهة و المغرب العربي من جهة أخرى واحد , فما الذي يجمع الموسيقى العربية ؟ .
هناك موسيقى شرقية شرق عربي, و موسيقى شرقية مغرب عربي, و موسيقى شرقية إيرانية , إضافة لموسيقى شرقية تركية, احد لقاءاتي كانت مع عازف كمنشة أرمني , عرفني على كثير من الموسيقى الأرمينية التي كنت أجهلها , إذا ذهبت بالانفتاح مع هؤلاء سنقترب أكثر إلى أصل الموسيقى الشرقية, لكن هذا لا يعني أني ضد الانفتاح على الموسيقى الغربية , أنا مع الانفتاح على الجميع .
في أي نهضة هناك تجاوز للماضي القريب السيئ للوصول إلى الماضي الأجمل, ثقافة شعوب الشرق هي الماضي الأجمل بالنسبة لنا, لا يوجد خط فاصل لأني بتعاملي مع هؤلاء وجدت هوية مشتركة, الموسيقى العربية متأثرة بفترة الاحتلال العثماني, فمعظم ما نقول عنه موسيقى أصيلة جاء من قصور السلاطين و نتيجة الاحتلال الطويل أصبحت سائدة, أنا لا اعرف كم من الممكن أن نقول عنها عربية, أما الطاجيكستانيون الذين تعاملت معهم و هم من جبال البامير, أحسست أن موسيقاهم أقرب للحس الشرقي الأقرب إلى الميثولوجيا, الأقرب إلى الخيال والحس العميق بالتصوف, أكثر من موسيقانا الشرقية الأصيلة .
غرب, شرق
فرنسا وسيط جمعني بهؤلاء الموسيقيين, و لها دور إيجابي كبير, حيث التقيت أيضا ً بعابد عازرية المقيم فيها منذ زمن طويل, و وجدت أنه مستفيد من وجوده في فرنسا أكثر بكثير مما لو كان هنا, الأسطوانات التي سمعتها عنده على صعيد الموروث الموسيقى السورية لم أجدها في أية مكتبة هنا في سوريا , عابد له أكثر من ربع قرن في فرنسا, و عنده موروث خطير, الموضوع ليس أين أنت إنما على ماذا تعمل ؟؟, هناك أناس في الشرق يعملون, و القصة ليست أن الغرب يستقطب, و هو ليس هاجسي, إنما هذا كان المتاح لي, فأنا مشهور نوعا ً في فرنسا, لكن أتمنى أن أكون معروفا ًفي سوريا أكثر بكثير من شهرتي بفرنسا, أنا لست مخيرا ًبالعلاقة مع الغرب .
الأكاديمية و الاختيار
كنت أتمنى فرصا ًعربية لمتابعة الدراسة, لكني لم أختر وكثيرون غيري لم يختاروا, فعندما يتحدث أحد قمم العود منير بشير, صاحب مدرسة السرد و الارتجال السردي, و أحد قمم التأمل و التصوف الموسيقي, المجال غير المطروق من قبل في الموسيقى العربية قبل منير بشير, الذي عزف في بيت باخ و بيت بارتوخ, و في أشهر مسارح العالم, و عنده أكثر من دكتوراه فخرية, منير بشير لم يختار, إنما هرب من لبنان, و في إحدى الفترات باع مصوغات زوجته, و هذا كلام سمعته منه شخصياً, و ليس مجرد كلام جرائد كما يقال, فإذا كان مثل هكذا شخص قد عانى لهذه الدرجة, فماذا يقول أي موسيقي ؟؟, و بعد عودته و عمره 74 عام, و هو في قمة مجده كانت غصة كبيرة في حلقه, وصوله إلى درجة كبيرة من الشهرة و المجد و الاحترام و أهمها الاحترام الفني في الغرب, و التصدي له في الشرق, منذ البداية كانت الصحافة اللبنانية تعرضت له من قبل نقاد موسيقيين مهمين, ترى كيف لم يفهموه ؟, حتى في لقاءه ببرنامج حوار العمر, تنطح له وليد غلمية و اتهمه انه لم يؤسس مدرسة, بينما هو من أهم المدارس, لأن وليد غلمية يفهم المدرسة أنها ال (method) و النوتة و الكونسرفتوار, مهملا دور أثر الفنان في تركه لمدرسة, أنا لا أفهم كيف يستطيع عازف جاز كبير أن يؤسس مدرسة, هذا الكلام ينطبق فقط على الكلاسيك, فكيف يستطيع الموسيقي الاختيار ؟؟.
بين الصوفية و الروك
بين خالد و سيرج, نحن نقول لبعض ( هيللو براذر ), أنا أرى أن القرب من الآخر مهم , خصوصا في الفنون الجماعية, و عدم وجود طرف مسيطر, أو علاقة أقوى و أضعف, مهمة, فسيرج كإنسان ذو أفكار جميلة, غير عنصري, دائما يبحث عن الحقيقي, و على صعيد الموسيقى استفدنا من بعض, أنا شخصيا ًذهبت إلى مكان لم أكن قد تعرفت عليه أو لم اعتد سماعه, كبعض فرق الروك, أو الجاز, هذه الأنواع الموسيقية فيها مجال كبير للحرية الفردية, فعندما تسمع جاز أو روك هناك مجال واسع للارتجال, و هذا يفتح نوافذ في الموسيقى التي اعتدت التعامل معه و هو نموذج القالب البطولة فيه للمؤلف و العازف مجرد مؤدي فقط , هنا أصبح العازف المؤلف, المؤلف العازف, و كلما ازداد عدد المؤلفين تطورت الحالة, و هو استفاد كونه يتعامل للمرة الأولى مع مقام موسيقي شرقي و إحساس شرقي و إيقاع شرقي, وإحساس الصوفية الشرقية, هذا التفاعل كمّل الآخر .
موسيقى و سياسة
بالغت وسائل الإعلام جدا في تصوير ثورة الضواحي, أنا اتصلت بسيرج عدة مرات للاطمئنان عليه لأنهم في نفس منطقة الأحداث , لكن لم يكن تعاطي سيرج كطريقتي في التعاطي مع الأحداث, حيث اتصل سيرج ليسأل لماذا بالك مشغول ؟؟, ويقول: نحن مسرورون بالذي حصل حتى يزاح ساركوزي, سيرج معروف أنه يعمل مع سوري , هناك تشجيع من قبل كل المعارف, و التلفاز يغطي الموضوع و الصحف, رد فعل العرب أنهم كلما التقوا سيرج شكروه على عمله مع موسيقي عربي, فتحول المشروع إلى بعد سياسي, مع انه لم يكن سياسيا ً, من يحب أن يأخذ بعدا ًسياسيا ًللموضوع فهذا حقه, نحن بدأنا مشروعا ًموسيقياً, صحيح أن الإنسانية سياسة لكنها ليست بالمعنى اليومي المتداول .
حوار بين ضفتي المتوسط
حوار بين ضفتي المتوسط, حوار له علاقة بالتوازن و التعامل بين طرفي المتوسط, و تأثير هذا إيجابي, في هذه الجولة نسبة العرب كانت كبيرة, على غير العادة, الطرف المناهض للعنصرية كان موجودا في حفلاتنا, في مرسيليا المليئة بالعنصرية و العرب, كان التشجيع رائعا ًجدا, المكان ممتلئ و الناس لحقت بنا حتى السيارة, جاءت حفلاتنا بمثابة رد على العنصرية التي تتم , العنصرية ليست وحدها المدانة, هناك تقصير من المثقفين العرب و الإعلام العربي, أدين هؤلاء بنفس درجة إدانة العنصريين, لأنني عندما أكون مجهولا بالنسبة للآخر و أفسح المجال أمام أي أحد حتى يشوه ما يريد, و عندما أكون مهملا ً في السماح لأي حد بسرقتي فأنا مدان بنفس درجة إدانة اللص, ( المال السايب يعلم الناس السرقة ).
أعتبر أي أحد عنده فرصة الاحتكاك مع الآخر مطالبا ًبتغيير الصورة الذهنية المرسومة عن العربي مطالبا ًبهذا لا فقط أنا, الموضوع ليس تجميل صورة مشوهة, إنما تقديم الصورة الحقيقية فقط, أنا لن اذهب لأقول أننا رائعون و لا مشاكل لدينا, يوجد الكثير في مجتمعنا لدينا المشوه و الجميل في مجتمعنا, و أنا أتكلم عن الجميع .
عود و غيتار
كانت الحفلات قليلة إجمالا , فكانت حفلة في قصر العظم في دمشق و أخرى في بيروت ( زيكو هاوس ), وحفلة صغيرة في حلب, الشباب عموما ًتقبلوا بنسبة كبيرة بحماس كبير هذا العمل, رغم بيع الـ CD بطريقة غير نظامية, إلا أن أصحاب المحلات يقولون أنه يلاقي إقبالا جيدا, فأنا قدمت العود بطريقة مختلفة عما اعتاد عليه الناس, قدمت العود بالمساحة التي أقدر فيها على محاورة الغيتار, و حاولت تقديمه بطريقة تخدم هذه الفكرة, في العمل الجماعي يجب التفكير بخدمة العمل لا بخدمة آلتي, قدمت العود بطريقة خدمت العمل, و كثير من الأشخاص استقبلوه بأريحية, القليل اعتبره عملا ً مغتربا ً, مع أني كنت أقدم موسيقى شرقية حيث قدمت جمل موسيقية من مقامات عربية لكن بطريقة غير مطروقة .
الشباب و الحب
عندنا عمر واحد لنعيشه و كل مرحلة لها جمالها الخاص, أنزعج كثيرا عندما أرى طالبا أو طالبة يعيش لوحده, أنا لا أدعو للإباحية, لكن من غير المعقول أن تكون في وسط كالجامعة ملئ بالتنوع شباب و بنات و( ما حبيت ), معناها هناك مشكلة عندك أو عندها, و كنت أتكلم هكذا علنا مع طلابي الذين ينالهم التوبيخ, يجب أن تحبوا, أنت غير طبيعي إن لم تحب, إذا رأيت طالبا لم يحب فهذا غير مقبول, فلا دين يقبلها و لا أخلاق , هذا أمر لا أخلاقي, هناك نقص .
من الظالم ؟, من المظلوم ؟
ليس فقط الإعلام هو الظالم, الظالم هي المؤسسات العربية الشريكة في هذا الفعل, يوجد شكليا ً مؤسسات ثقافية عربية, و إلا فماذا تسمى وزارة الثقافة ؟, دار الأسد للثقافة و الفنون ؟؟ , ماذا تسمي هؤلاء إن كان عندنا في دمشق أكثر من 300 مسرح , ماذا تفعل هذه المسارح, و هذا العدد الضخم من المسارح, الموجود في كل اتحاد ,أو نقابة أو جامعة , كما أن هناك الكثير من المسارح المقفلة دون نسيان مسارح المراكز الثقافية , كلها لا تفعل شيئاً, كلها مقصرة , لا الإعلام فقط, أنا رأيت الإعلام في العالم كله يشبه بعضه, التلفزيون الفرنسي ليس مميزا ً كثيرا ً, إنما هناك مساحة صغيرة للأشياء الثقافية, أو يوجد تلفزيونات مختصة بهذه الأشياء, هنا الكل متروك للتافه , و إذا تحججنا بضعف الإمكانات فدعني أجمع لك ميزانيات مهرجانات المحبة و البادية و بصرى , لترى كم الإمكانات الموجود , كم دفع مهرجان المحبة لنانسي عجرم حتى تأتي ؟؟ , بالمبلغ الذي تقاضته كان فرصة لاستضافة أفضل من اشتغل بالفن في سوريا .
تأخذ المراكز الثقافية الأجنبية دور المراكز الثقافية العربية , فمؤسسة مثل ( رويامونت ) تشتغل على المقام الموسيقي الشرقي !؟, ماذا إذا تفعل المؤسسات الثقافية العربية ؟؟, لا يوجد سوى بعض المحاولات و هي مجرد شرارت متفرقة، مع أنه من المفروض أن تكون مراكز أبحاث تعمل على هذه المواضيع , فلا تجد رسالات دكتوراه في هذا المجال إلا في فرنسا, اللبناني أمين بيهوم عنده أهم رسالة عن السلم الموسيقي العربي, أهم ما كتب عن الموسيقى الشعبية العراقية رسالة دكتوراه لشهرزاد قاسم حسن العراقي, و الاثنان مقيمان في فرنسا, هذا على مستوى الأبحاث, و الموضوع نفسه على مستوى العمل الفني .
حصانة الموسيقي
دار الأوبرا تؤسس فرقة تخت شرقي, جميل هذا هو مكانها الطبيعي, من المفروض أن تتبنى جهات ما دعم هذه الفرق, لكن لا يوجد من يتبنى أي محاولة , هل يوجد فرقة سورية متفرغة تماما, أو فرقة سيمفونية متفرغة ؟؟, لا يوجد سوى فرقة سيمفونية, تأخذ رواتب على شكل مكافآت يستطيع الوزير قطعها في أي لحظة لأنها مكافأة فقط, و هو حر, دون أي ضمان, و إذا صدمت سيارة عازف الأوركسترا سيموت أولاده من الجوع, لا يوجد حصانة للموسيقي .
فرقة الإذاعة والتلفزيون كنا نسمع عنها, أين هي الآن ؟, في كل العالم يوجد مثل هكذا فرق, و من أشهر الفرق فرقة راديو برلين مثلا, عندنا لا يوجد فرقة خاصة تابعة للإذاعة, و عندما تحصل أي مناسبة كيانصيب معرض دمشق الدولي - و أنا أعرف معظم عازفي هذه الفرقة - يكون عند معظمهم قبل يوم عمل في الكازينو أو بمطعم أو في مكان آخر, بينما تجد الفرقة الموسيقية لبرنامج سوبر ستار بغض النظر عن أهميته ذات أداء مميز, رغم أن فيهم الكثير من العازفين السوريين, بينما لو جئت إلى من يشتغلون هنا ستجد أدائهم سيئا رغم تمايزهم الفردي لكنهم لا يعزفون جيدا لسبب بسيط هو أنهم لا يتدربون مع بعض لفترة كافية, بينما يتمتع أندادهم بفرصة للتمرين بشكل شبه يومي، لأنها فرقة متفرغة, لا يوجد حد أدنى من التفرغ للعمل الفني الموسيقي, التفرغ الوحيد الذي تستطيع الحصول عليه, هو أن تذهب للنقابة و تحصل على فرصة عمل في كازينو, و تحصل منها على دخل جيد, و هذا محصور في شهور محددة أيضا, هذا العمل الوحيد المضمون, نقابة الفنانين, وزارة الثقافة, الإعلام العام و الخاص, جميعهم مدان بنفس الدرجة و يتحمل المسؤولية بنفس الدرجة.
-جدار.