الماسونية لغة:
أصل التسمية باللغة الإنجليزية Free-Masanry فري ماسون، أي البنّاء
الحر، وباللغة الفرنسية Franc-Maconnerie فرانك ماسون، أي البنّاء الصادق، وقد ترجمت الكلمتان إلى اللغة العربية بكلمة: الماسونية أو الفرماسونية أو الفرمسون كما تلفظ في بلاد الشام، أو الفرمصون كا تلفظ في العراق.
فالماسونية لغة إذاً: البناءون الأحرار أو البِنَاء الحر. والبناءون الأحرار هم الذين بنوا هيكل سليمان( ).
الماسونية اصطلاحاً:
هي منظمة يهودية إرهابية مغلقة غامضة محكمة التنظيم تهدف إلى سيطرة اليهود على العالم عن طريق تقويض الأديان -غير اليهودي- والأخلاق، وإشاعة الإلحاد والإباحية والفساد، واستخدام الشخصيات المرموقة في العالم، يوثقهم عهد متين بحفظ الأسرار وتنفيذ ما يُطلب منهم( ).
وعرَّفها: جواد رفعت آتلخان بقوله: الماسونية: هي الاسم الجديد للشريعة اليهودية المقنعة. ورموزها وتقاليدها يهودية (قبالا)( )، وأنها التفعت بماضٍ مظلم، وتدثرت بضباب قاتم من الأكاذيب والأراجيف الخانقة، وأن ارتباطها مع اليهودية والتوراة المحرَّفة من الوضوح لاستنادها إلى آيات التوراة المحرفة لتعظيم مثلها الأعلى المتمثل في الأستاذ حيرام.. . وحيرام هو عريف البنائين في بناء هيكل سليمان في القدس( ).
نشأة الماسونية( ):
نظراً لما أضفاه اليهود على الماسونية من أسرار وطلاسم وغموض في جميع أدوارها ومراحلها، فإن المؤرخين قد اختلفت آراؤهم وتباينت أقوالهم في أصل الماسونية وبدء نشأتها والاسم الأساسي لها، ولقد ذهب الباحث المؤرخ محمد عبد الله عنان إلى أن الماسونية من أقدم الجمعيات السرية الهدّامة التي مازالت قائمة حتى عصرنا الحاضر، وأن منشأها ما زال غامضاً مجهولاً.
ولعل أقرب الآراء والأقوال إلى الحقيقة ما ذهب إليه بعض الباحثين في الماسونية: من أن مؤسس الماسونية هو والي الرومان على فلسطين، هيرودوس الثاني من عام 37-44م، وهو يهودي مغالي يرى أن اليهود شعب الله المختار هم وحدهم الذين يستحقون الحياة، وأن غيرهم من الأمم والشعوب يجب أن تكون مسخرة ومستعبدة لليهود.
وكان اسم هذه المنظمة في زمن هيرودوس الثاني القوة الخفية ، وقد ساعده في تأسيسها اثنان من العاملين في بلاطه، وهما حيروم آبيود وموآب لاوى، وكان هدفها: القضاء على المسيحية عبر التنكيل بالنصارى واغتيالهم وتشريدهم، ومنع دينهم من الانتشار، ومن ثمّ إرجاع العالم إلى اليهودية.
وقد كوَّن هؤلاء الثلاثة منظمة أو جمعية سرية، ضمَّت في اجتماعها الأول تسعة أشخاص عقدوا اجتماعها السري في العاشر من أغسطس عام 43 م في أحد أبنية قصر هيرودوس -الذي أطلق عليه اسم ملك اليهود- وقد تسمى مكان الاجتماع باسم هيكل سليمان تخليداً لهيكل سليمان الذي تنبأ المسيح عليه السلام بتقويضه وهدمه. وأقسم الأعضاء التسعة يميناً مغلظاً وهم يضعون أيديهم على التوراة، ملخصه: المحافظة على أسرار جمعيتهم وعدم إطلاع الآخرين على أعمالها ونشاطها، وعدم إلحاق الضرر بأي من أعضائها، واتباع مبادئها وتنفيذ قراراتها بكل دقة وأمانة، وأن من يخون هذا اليمين يستحق الموت بأي طريقة يختارها باقي أعضاء الجمعية.
أسست الجمعية أول محفل لها في القدس سمي بـ محفل أورشليم واختاروا دهليزاً لعقد اجتماعاتهم السرية فيه.
استمرت جمعية القوة الخفية في نشاطها ضد النصارى والنصرانية قتلاً وتعذيباً واضطهاداً وترويجاً للإشاعات حولهم وحولها، إلى أن مات هيرودس في أواخر عام 44م نتيجة مرض شديد أصيب به، وكان آخر كلماته لأتباعه قبل موته: حافظوا على السر واظبوا على العمل، اشتغلوا ولا تملوا... .
تولى حيروم آبيود زعامة الجمعية بعد موت مؤسسها، وأول عمل اتجه إليه هو إضافة اسم جديد إلى اسم هيكل أورشليم هو كوكب الشرق الأعظم بغرض إيهام الناس بأن النور الحقيقي لهدايتهم هو هذا الكوكب أي كوكب القوة الخفية.
وبعد موت حيروم خلفه في الزعامة موآب لاوى ، وظل في هذا المنصب إلى أن هلك عام 55م.
تلك هي البداية الأولى في نشأة الحركة الماسونية وهناك مرحلة أخرى حديثة لظهورها، وخاصة في أوربا.
ذهب كثير من الباحثين الراصدين لتاريخ الماسونية وأنشطتها ومخططاتها إلى أن سنة 1770م هي البداية الثانية لهذه الحركة.
وقالوا في ذلك: إن آدم وآيزهاويت، مسيحي ألماني، عمل أستاذاً لعلم اللاهوت في جامعة أنفولد شتات الألمانية، ارتد وألحد، قد اتصل به بعض الماسونيين، وطلبوا منه إعادة تأسيس الحركة الماسونية على أسس حديثة، ووضع خطة جديدة للسيطرة على العالم عن طريق نشر الإلحاد وفرضه على البشرية جميعاً.
في عام 1776م أنهى آدم وايزهاويت مشروع الخطة الحديثة للماسونية، ووضع أول محفل ماسوني في هذه الفترة، وهو المحفل النوراني نسبة إلى الشيطان الذي يقدسونه.
خطة آدم وايزهاويت:
تقوم الخطة الماسونية الحديثة التي وضعها هذا الرجل على ما يلي:
1- تقويض الأديان -المسيحية والإسلام-، وتدمير الحكومات الشرعية.
2- تقسيم الجويم -الأمم غير اليهودية- إلى معسكرات تتصارع فيما بينها بشكل دائم،
ثم مدّها بالسلاح، وإحداث المنازعات والخصومات بينها، ليحدث التقاتل والتصادم العسكري.
3- بث سموم النزاع والشقاق داخل البلد الواحد، ليتصارع الأفراد، ولتتصارع الجماعات والأحزاب، حتى تتقوض الدعائم الدينية والأخلاقية والمادية في البلد.
4- ثم ليتحقق الهدف المنشود: وهو تقويض المبادئ الدينية والأخلاقية والفكرية، والتمهيد لإشاعة الإلحاد والإباحية وسقوط الحكومات الوطنية الشرعية، وتسلم الماسون أو مّنْ على شاكلتهم الحكم والسلطة بعد ذلك، وفعلاً: سقطت الحكومات الشرعية في فرنسا وإنجلترا، وسقطت دولة القياصرة في روسيا. وظهرت الحكومات التي تتبنى الأفكار والفلسفات المناقضة للدين والقيم والأخلاق الدينية( ).
ومن الوسائل التي تعتمد عليها الخطة في تحقيق أهدافها:
1- استعمال الرشوة بالمال والجنس أو الشذوذ الأخلاقي، وخاصة مع الأشخاص الذين يشغلون مراكز حساسة في المجال السياسي والاقتصادي والعلمي.
2- توجيه الشخص الضحية إلى العمل لتحقيق الأهداف والمصالح الماسونية الإلحادية.
3- السيطرة على وسائل الدعاية والإعلام، وخاصة الصحافة الوسيلة الفعالة في تلك الفترة( ).
لقد استطاع آدم وايزهاويت أن يخدع ألفي رجل من كبار الساسة والاقتصاديين والصناعيين وأساتذة الجامعات وغيرهم من رجال الفكر والعلم. وبهؤلاء المخدوعين أسس المحفل الرئيسي المسمى بمحفل الشرق الأكبر . وفي سنة 1830م توفي وايزهاويت.
وفي عام 1834م تم اختيار الزعيم الإيطالي مازيني خلفاً لوايزهاويت، وقد استطاع أن يعيد الأمور إلى نصابها بعد موت ذلك الشيطان.
مخطط بايك الماسوني العالمي:
وفي سنة 1840م ضم المحفل الماسوني العالمي إلى صفوفه الجنرال الأمريكي ألبرت بايك الذي سُرِّح من الجيش الأمريكي، وقد استطاعت الماسونية استغلاله من أجل أن يصب جام غضبه وحقده على الشعوب من خلال الماسونية، وفي منزل بمدينة ليتل روك بأمريكا اعتكف الجنرال بايك من سنة 1859 - 1871م، ثم خرج بمخطط ماسوني جديد وضعه مسترشداً بمخططات الزعيم الماسوني السابق وايزهاويت.
بدأ بايك بعمل الآتي:
1- إعادة تنظيم المحافل الماسونية.
2- تأسيس ثلاثة مجالس مركزية عليا، مقر الأول بلدة شارلستون بأمريكا، والثاني في روما، والثالث في برلين.
3- عهد إلى مازيني تأسيس عشرين مجلساً تحت إشراف المجالس العليا الخاضعة بدورها للمحفل الأعلى، يختص كل مجلس بمنطقة معينة بحيث تغطي كل المناطق الهامة في العالم كله. وإحاطة أعمال ونشاط ورجال الماسونية بستار من التكتم الشديد، لدرجة أن كثيراً من الأعضاء المغرر بهم لا يشعرون بما يدور في محفل الشرق الأكبر، ويجهلون ما يدور في المحافل الماسونية التابعة لهذه المجالس، وقد صرّح بهذا الأمر مازيني نفسه في رسالته لمساعدة اليهودي برايد نشتاين .
ويقوم المخطط الذي أعده بايك بتنفيذ ما يلي:
1- تبني الحركات التخريبية الهدامة العالمية الثلاثة: الشيوعية -الفاشية -الصهيونية.
2- الإعداد لحروب عالمية ثلاث:
الأولى: تطيح الحكم القيصري في روسيا، وجعل روسيا العقل المركزي والمنطلق الفكري للحركة الشيوعية الإلحادية.
الثانية: تؤمن اجتياح الشيوعية العالمية لنصف العالم مما يمهد للمرحلة
التالية: وهي إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين المسلمة.
الثالثة: وتتصدى فيها الصهيونية السياسية للزعماء المسلمين في العالم الإسلامي وتحارب الإسلام الدين الخصم الأقوى للحركة الماسونية، وبالتالي السيطرة على العالم الإسلامي، والقضاء على العقيدة الإسلامية( ).